أعلن رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر، كريس جارفيس، تأجيل زيارة بعثة الخبراء الخاصة بإجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع السلطات المصرية، دون أن يحدد موعد الزيارة القادمة لمصر.
وكان من المقرر أن تزور بعثة صندوق النقد الدولي مصر أوائل شهر آذار/مارس لمتابعة وتقييم التزامات الحكومة المصرية بشروط صرف الشريحة الأولى من القرض التي بلغت قيمتها 2.75 مليار دولار، وبدء المشاورات بصرف الشريحة الثانية من القرض البالغ إجماليه 12 مليار دولار.
وبرر وزير المالية المصرية، عمرو الجارحي، خلال اجتماع الغرفة الأمريكية التجارية، أمس، قرار تأجيل الزيارة، قائلا: “هذا يرجع إلى انشغال الوزارة بإعداد موازنة العام المالي (2017 – 2018)، ونحن لن نستطيع الانشغال في أكثر من ملف في وقت واحد”.
وكانت الحكومة المصرية، بدأت في تنفيذ حزمة من اشتراطات الصندوق المتفق عليها، قبل حتى صرف الشريحة الأولى من القرض، منها “تعويم الجنيه” وتحرير سعر الصرف بالكامل وتقليص الدعم، وفرض قانون ضريبة القيمة المضافة، والتي تسببت في ارتفاعات جنونية في كافة أسعار السلع والخدمات، ومعدلات تضخم قياسية.
ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة المصرية عدة إجراءات خلال الفترة المقبلة لتنفيذ حزمة أخرى من اشتراطات صندوق النقد الدولي للحصول على الشريحة الثانية من القرض، لكن تأجيل زيارة بعثة الصندوق لمصر أثارت العديد من التساؤلات والتكهنات، حول أسباب التأجيل، ومصير صرف الشريحة الثانية من القرض، لاسيما أن اتفاقية الصندوق لم تناقش حتى الآن فى مجلس النواب.
أكد وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المصري سابقا، أشرف بدر الدين، أن تأجيل زيارة صندوق النقد الدولي لمصر يهدد صرف الدفعة الثانية من القرض، لافتا إلى أن سبب التأجيل قد يكون لعدم التزام الحكومة المصرية بما وعدت به صندوق النقد.
وأضاف بدر الدين أن إرجاء صرف الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي قد يهدد قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية خصوصا فيما يتعلق بسداد أقساط القروض الخارجية، وسداد ما عليها من مستحقات للشركات الأجنبية، كما قد يتسبب أيضا في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، وعودة المستوردين إلى السوق السوداء لتدبير احتياجاتهم الدولارية.
وتوقع بدر الدين أن تقوم سلطات الانقلاب العسكري في مصر خلال الأيام المقبلة بفرض حزمة جديدة من الإجراءات التقشفية، التي تمس غالبية الشعب المصري، ما سوف يترتب عليها زيادات أخرى في أسعار كافة السلع والخدمات.
وأبدى وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المصري سابقا، اندهاشه من صمت ومباركة مجلس النواب لقرارات الحكومة التقشفية، في الوقت الذي يناقش فيه قانون زيادة رواتب الوزراء والمحافظين.
وأشار بدر الدين إلى أن قرار بعثة صندوق النقد الدولي بتأجيل زيارتها لمصر، يضع الحكومة المصرية في موقف صعب أمام المستثمرين ومؤسسات التمويل الدولية، لا سيما وأنها روجت إلى أن موافقة الصندوق على القرض شهادة ثقة للاقتصاد المصري، مضيفا: “إذا كانوا روجوا إلى أن موافقة الصندوق على القرض شهادة ثقة للاقتصاد المصري، فماذا سيقولون عن إرجاء بعثة الصندوق زيارتها لمصر؟”.
ومن جانبه قال أحمد كجوك، نائب وزير المالية، في تصريحات صحفية، إن تأجيل زيارة البعثة الخاصة بتقييم الاقتصاد المصري لا يعني تأجيل صرف الشريحة الثانية من القرض والبالغة 1.25 مليار دولار.
ووفقا للوثائق التي كشف عنها الصندوق الشهر قبل الماضي، تم صرف 2,750 مليار دولار في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، على أن تحصل مصر على الدفعة الثانية بقيمة 1.25 في 15 مارس 2017 بعد إجراء أول مراجعة بناء على ما تم حتى ديسمبر 2016.
وستحصل مصر على الدفعة الثالثة من القرض بواقع ملياري دولار في 11 نوفمبر 2017 بعد إجراء المراجعة الثانية بناء على ما تم حتى نهاية يونيو السابق له.
وفي 15 آذار/مارس 2018 ستحصل مصر على ملياري دولار أخرى بعد إتمام المراجعة الثالثة للبرنامج بناء على تقييم أداء الاقتصاد في كانون الأول/ديسمبر 2017، وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 سيتم الحصول على الدفعة الخامسة بواقع ملياري دولار أيضا. أما الدفعة الأخيرة فسيتم صرفها في 15 آذار/مارس 2019 بواقع ملياري دولار.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر رسمية أن وزارة البترول تعتزم أيضا تحريك أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن وزارة البترول عرض على مجلس الوزراء المصري قبل أيام أن يتم إلغاء الدعم بشكل كامل عن “بنزين 92” وربما يصل سعره عقب إلغاء الدعم إلى نحو 5.85 جنيهات مقابل نحو 3.50 جنيهات في الوقت الحالي بزيادة تبلغ نسبتها نحو 67% وهي الزيادة الأعلى منذ اتجاه الحكومة المصرية لإلغاء دعم الطاقة.
وأشارت المصادر إلى أنه سيستمر تحريك أسعار “بنزين 80” الذي يباع حاليا بسعر 2.35 جنيه لكل لتر لتصل بعد إقرار الزيادة الجديدة إلى نحو 3.5 جنيهات بزيادة تبلغ نسبتها ما يقرب من 49%، كما سيتم رفع أسعار الدولار بنفس النسبة ليصل سعر اللتر إلى نحو 3.5 جنيهات.