ماليزيا.. بين تطبيق الحدود ومحاربة الفساد

بينما ينشغل الماليزيون في متابعة جهود السلطات في كشف غموض مقتل كيم جونج نام؛ الأخ غير الشقيق لديكتاتور كوريا الشمالية في الأسبوع الماضي، ومدى صحة ما يتردد من أن رشة “سم” على وجهه بمطار كوالالمبور أردته قتيلا بحسب وكالة رويترز، لايفوتهم كذلك التعاطي مع قضاياهم التنموية وعزمهم محاربة الفساد والعمل لتكوين ظهير شعبي يدعم جهود محاربة آفة الفساد في مجتمعهم للحفاظ على تجربتهم الناجحة.

عشرات الآلاف احتشدوا في العاصمة الماليزية كوالالمبور، السبت الماضي؛ 18 فبراير2017 تأييدا لمشروع قانون لتطبيق الحدود، كان الحزب الإسلامي الماليزي قد قدمه إلى البرلمان، بدعم من رئيس الوزراء، نجيب عبد الرزاق، واعتزامه إدخال أجزاء من الحدود ضمن النظام القانوني الإسلامي القائم في ماليزيا بحسب “رويترز” .

ويرى مراقبون أن نجيب يأمل في الاستفادة من ورقة الدين لتعزيز فرصه في الانتخابات التي من المقرر أن تجرى في أغسطس من عام 2018. وبالنظر إلى الاتهامات الموجهة لنجيب فقد لا يعدو الأمر أن يكون تكرارًا لمحاولات سابقة جرت في بلدان أخرى مثل السودان في عهد جعفر نميري؛ الذي اتخذ إجراءات لتطبيق الشريعة فيما كان عهده غارقًا في الفساد والاستبداد.

 

رسائل طمأنة للأقليات

مؤيدو مشروع “قانون الحدود” يرون أن التجمع الحاشد يهدف إلى تهدئة مخاوف الأقليات غير المسلمة. وكانت منظمة “بيباس” غير الحكومية قد نظمت بدورها تجمعا مناهضا أقل حجما، وقالت إن “التصريح بمحكمة للشريعة لن يؤدي إلا إلى تفاقم عدم المساواة في المعاملة بين المسلمين وغيرهم أمام القانون”, حسب زعمها.

وكان الحزب الإسلامي الماليزي تقدم بمشروع القانون إلى البرلمان العام الماضي ولكنه سحبه بعد ذلك لتنقيحه، ومن المتوقع أن يقدم المشروع مجددا أمام الجلسة المقبلة للبرلمان في مارس المقبل.

رؤساء ثلاثة أحزاب؛ تمثل الجماعات العرقية؛ الصينية والهندية في الجبهة الوطنية (تحالف باريسان) هددوا بالاستقالة من الحكومة إذا أقر القانون.

تجدر الإشارة إلى أن العاصمة كوالالمبور شهدت تظاهرات ضخمة تطالب باستقالة رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، بسبب تورطه المزعوم في فضيحة اختلاس.

ولم تهز هذه المظاهرة نجيب الذي نفى ارتكابه أي مخالفات، وصمد أمام الأزمة معززا سلطته بشن حملة على المعارضين وفرض قيود على وسائل الإعلام والناشطين.

وكان نجيب قد واجه مزيدا من الصعوبات هذا العام عندما قالت دعاوى قضائية أقامتها وزارة العدل الأمريكية إن أكثر من 3.5 مليار دولار تم اختلاسها من الصندوق الحكومي الماليزي ” الذي أنشأه بمبادرة بعيد وصوله إلى السلطة في 2009 وإن بعضا من هذه الأموال دخل حسابات “المسؤول الماليزي رقم 1” الذي حدده مسؤولون أمريكيون وماليزيون بأنه نجيب عبد الرزاق.

واتخذ نجيب خطوات يقول منتقدون إنها تهدف إلى الحد من مناقشة هذه الفضيحة، مثل عزل أحد نواب رئيس الوزراء, وتغيير النائب العام وتعليق صحف, وحجب مواقع على الإنترنت .

 

اتهامات باختلاس أموال

وقدرت الوكالة الماليزية لمكافحة الفساد أن حوالى 700 مليون دولار دُفعت لحسابات مصرفية شخصية لرئيس الوزراء كانت عبارة عن تبرعات.

وقالت وكالة مكافحة الفساد في بيان لها إن 2.6 مليار رينغيت، أي حوالي 700 مليون دولار وصلت إلى حسابات رئيس الحكومة، جاءت من مساهمات متبرعين وليس من أموال الصندوق .

ولم تذكر الوكالة أسماء هؤلاء المتبرعين لكنها قالت إنها تواصل التحقيقات. وكان عبد الرزاق والشركة التي تبلغ قيمة ديونها 11 مليار دولار، نفيا اختلاس أموال.

كما واجه رئيس وزراء ماليزيا سلسلة تقارير تتهمه بالبذخ في مقتنياته الشخصية والتي تقدر بنحو 15 مليون دولار على حد صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية .

وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته مؤخرا، أن بين المشتريات التي أنفق عليها نجيب هذا المبلغ الكبير، ملابس ومجوهرات وسيارة فاخرة، مشيرة إلى أنها اطلعت على وثائق تحتوي على حوالات مصرفية لمتاجر في الولايات المتحدة وماليزيا وإيطاليا وبلدان أخرى, وأشارت إلى أن المعلومات التي حصلت عليها تبدو مناقضة لما أكده عبد الرزاق، ونفي فيها أن يكون قد حقق رفاهيته الشخصية بأموال قيل إنها تبرعات سعودية.

وأثارت “وول ستريت جورنال” الشبهات حول الوزير الماليزي للمرة الأولى في يوليو2016 عندما نشرت تقريرا جاء  فيه أن الحسابات البنكية له قد تضمنت إيداعات بمبلغ 2.6 مليار رينجيت أي ما يعادل نحو673 مليون دولار، وألمحت إلى أن الأموال التي يودعها عبد الرزاق، إنما حولها لحسابه من صندوق التنمية الحكومي الماليزي.

 

هبة سعودية لنجيب

المدعي العام الماليزي قال إن رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق لم يرتكب أي جرائم جنائية، وإن مبلغ الـ 681 مليون دولار الذي حُوّل إلى حسابه الشخصي، كان تبرّعاً من الأسرة الحاكمة في السعودية.

وقال المدعي العام محمد أباندي، إنه سيعيد إلى اللجنة الماليزية لمحاربة الفساد الأوراق المتعلقة بثلاثة تحقيقات منفصلة مع تعليمات بإغلاقها جميعاً، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الماليزية “برناما.”

وأضاف، أنه بناءً على شهادة الشهود والوثائق الداعمة، فقد كان مقتنعاً بأن الأموال المودعة في حساب رئيس الوزراء كانت عبارة عن تبرع شخصي له من الأسرة المالكة السعودية دون أي مقابل, معتبرا أن هذا “أمر خاص بين رئيس الوزراء وبين العائلة السعودية” !!.    

ويؤكد المدعي العام، أنه ليس هناك دليل على وجود رشوة، مضيفا أن الأموال لم تعط له كتحفيز لأمر ما أو نظير القيام أو عدم القيام بعمل ما بصفته رئيسا للوزراء.

وقال أباندي، إن رئيس الوزراء أعاد 620 مليون دولار من التبرعات للعائلة المالكة السعودية في أغسطس 2013 لأنه لم يتم استخدامها.

وعلى هذا النحو، قال محمد أباندي، إنه ليست هناك حاجة لماليزيا لتقديم طلب للحصول على مساعدة قانونية في مسألة جنائية إلى أي بلد لاستكمال التحقيق، لأن رئيس الوزراء لم يرتكب أية جريمة جنائية فيما يتعلق بالتبرع.

 

 

 

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …