محمد مصطفي شاهين: المصالحة الفلسطينية.. إلى أين؟

بدأت تعلو في الأفق الفلسطيني رسائل تطمين بأن مباحثات الدوحة بين حركتي فتح وحماس ستنهي الانقسام وستؤسس لمصالحة وطنية حقيقية.

مما لا شك فيه أن المصالحة هي مفتاحٌ لحل عدد كبير من المشكلات التي تعاني منها القضية الفلسطينية؛ تلك الازمات التي برزت ملامحها, وعلى سبيل المثال لا الحصر: الجانب الاقتصادي وملف الكهرباء والبطالة وسلسلة لا متناهية من المشكلات التي أثرت علينا جميعا. هذه المعطيات جعلت طرفي المصالحة أكثر استعدادا لحمل لواء المصالحة الوطنية كقرار ومسؤولية ومد جسور التفاهم والتوافق لطي صفحة الانقسام. هناك متغيرات كبيرة في الإقليم تحتم علي الجميع الوحدة لمواجهة الوقائع الجديدة في المنطقة.

إن الذين يعتقدون أنهم أحصوا الآثار السلبية لتعطيل المصالحة لم يعرفوا الواقع المر الذي يعيشه المواطن في غزة، لقد تم التوصل لعدة اتفاقات هامة على طريق تحقيق المصالحة أبدت خلالها حركة حماس جانبا كبيرا من المرونة والمسؤولية الوطنية في اتفاق القاهرة والشاطئ لكن المضي بتنفيذ المصالحة كانت تقف أمامه عقبات متتالية لعل بعض مفاتيح المصالحة التي لازالت غائبة أو محجوبة عنا؛ فنجد أنه بعد التوصل لإرهاصات تفيد بقرب تطبيق بنود المصالحة تتحرك بعض مراكز القوى فتقوم بتنويم المصالحة أو تخديرها.

البعض ينسب فشل تطبيق المصالحة لضوء أحمر غربي, والبعض ينسب الفشل المتكرر في التطبيق لظروف مستجدة في فهم تفاصيل الاتفاقات السابقة وطريقة تطبيقها على أرض الواقع, وهنا يمكننا القول إن الشيطان يكمن في التفاصيل؛ فحركة حماس وحركة فتح تريدان المصالحة وفصائل العمل الوطني الفلسطيني تدعم ذلك, لكن الشكل والسيناريو الذي ستتم عليه المصالحة مختلف وفق رؤية كل فصيل؛ فالبرنامج السياسي لكلا الحركتين يلقي بظلاله على تطبيق المصالحة في عدة جوانب من ضمنها الحكومة والموظفين وأزمة الكهرباء وغيرها من الملفات الشائكة.

وهناك قضية اختلاف طبيعة التعامل مع ملف المقاومة ودولة الكيان الصهيوني؛ فحركة المقاومة الإسلامية حماس تتبني العمل العسكري كطريق لتحرير فلسطين ولا تعترف بدولة الكيان الصهيوني وتعتبرها عدوا للشعب الفلسطيني يحتل أرضه, في الوقت الذي تختلف فيه رؤية السلطة الفلسطينية مع هذه المعطيات لأن هناك اتفاقيات سياسية وتعاونا وتنسيقا أمنيا مع إسرائيل بموجب اتفاقية أوسلو التي لازالت تكبل ببنودها المجحفة حقوق فلسطين؛ أرضا وشعبا.

ويعد انطلاق انتفاضة القدس نقطة إيجابية في تكوين جسر للوحدة الوطنية والمصالحة فلقد اصطف جميع أطياف العمل الوطني معها وسيكون لها فضل كبير في تعزيز التحركات الفصائلية للضغط من أجل انهاء الخلاف بين حركتي حماس وفتح شعبيا وتنظيميا.

خلال الأيام القادمة ستعلق آمال الشعب الفلسطيني بتحقيق انجاز واقعي وحقيقي لملف المصالحة في ظل المباحثات الجارية في قطر التي كانت ولازالت حاضنة وداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وتربطها علاقات جيدة مع حركتي فتح وحماس، فلنأمل تحقيق مصالحة حقيقية تتبني استراتيجية وطنية لحماية الوطن والمواطن كأساس لحقبة ما بعد المصالحة.

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …