محمود صقر
محمود صقر

محمود صقر يكتب: هل نعلنها ثورة إسلامية؟

سأل صحفي بجريدة التايمز المفكر والقائد “علي عزت بيجوفيتش” في ذروة أزمة حرب التطهير العرقي والديني في البوسنة: (بماذا تجيب الذين يقولون إنك تنوي إقامة دولة إسلامية؟)
أجاب: ( هؤلاء إما أنهم مضللون أو أن نواياهم سيئة. نحن نسعي للحفاظ على وحدة أراضي البوسنة والهرسك.. والبوسنة المقسمة هي التي يمكن أن تؤدي إلى تأسيس دولة إسلامية فقط، وفي واقع الأمر فإن بعضاً من الحكومات الأوروبية هي التي تعمل بجد من أجل تقسيم البوسنة. وهكذا فإننا نحصل على المفارقة التي تقضي بأن أوروبة هي التي ستعمل على إنشاء دولة إسلامية)
إذاً هذه القيادة السياسية التي تقود شعباً مسلماً تعرض لحملة إبادة (فقط لأنهم مسلمون)، واضطر لحمل ما تيسر من سلاح للوقوف أمام قوة همجية غاشمة وتواطؤ دولي ليحمي عقيدته وقوميته يعلن صراحة أنهم لا يريدون دولة إسلامية .
إذاً ماذا يريدون؟
يجيب القيادي السياسي المجاهد الواعي علي عزت بيجوفيتش:( إن موقفنا الثابت هو جعل البوسنة بلداً لا يتم اضطهاد أي شخص فيه بسبب دينه أو قوميته أو أفكاره السياسية، – أكرر هذه العبارة كثيرا وحرفيا- ، إن تلك الصيغة هي تعبير عملي عن التزامنا بالمبدأ الأهم والأعلى أَلَا وهو مبدأ الحرية. إن الحرية هي التي تعطي حياتنا معنى، إنها تجعل بالإمكان احتمال الحياة وتنير الدرب في كفاحنا المرير)
نقلاً عن كتاب (علي عزت بيجوفيتش سيرة ذاتية وأسئلة لا مفر منها)
ويؤكد هذا المعنى أمام الدورة التاسعة والأربعين للأمم المتحدة عام 1992 يقول: (هدفنا الذي لا رجعة عنه هو الوصول إلى بوسنة وهرسك ديموقراطية داخل حدودها المعترف بها دوليا حيث تضمن الحقوق القومية والدينية والسياسية لكل مواطنيها) .
وهكذا واجه الدعاية الصربية المضادة التي نعتت المقاومة البوسنية بأنها ميليشيا إسلامية تحاول تأسيس خلافة إسلامية في البلقان بمساعدة تركية، فيما قدم الصرب أنفسهم على أنهم حماة أوروبا من الخطر الإسلامي.

وفي ذات الوقت رسم أمام مواطني البوسنة المتوزعين بين بوشناق مسلمين وصرب أرثوذوكس وكروات كاثوليك، -وبرغم انضمام بعضهم للقوى المعادية من صربيا وكرواتيا- ، صورة لوطن المستقبل الذي ينبغي أن يجاهد المواطنون كلهم في سبيل تحقيقه، (وطن الحرية والعدل والمساواة).
نضع هذا الدرس بين يدي كل مخلص يسعي لإنارة شمعة في ظلام الظلم والتخلف والتعصب الذي يكتنف مجتمعاتنا في وطننا العربي الكبير .
ونضعه بالأخص أمام من بذلوا وضحوا وعانوا وكانوا في مقدمة مسيرة التغيير وما زالوا .
فهؤلاء وإن كانوا قاطرة التغيير فهم يحتاجون إلى رؤية مستقبلية للوطن يجتمع في ظلها أكبر قدر من أبناء الوطن في عربات قطار التغيير .
أما الإسلام الذي نعتقد أنه أعدل وأصلح نظام للبشرية، ولا صلاح لأمتنا إلا باتباع هديه، فالحرية هي السبيل الأمثل والمناخ الأرحب لغرس قيم ومفاهيم الإسلام وهي البيئة الصالحة لنضوج الفكرة وقبول الناس لها في جو التنافس والحرية.

شاهد أيضاً

محمد عبد الشكور يكتب : على خطى علمانية فرنسا.. حظر النقاب في المدارس المصرية!

وكأنّ وزير التربية والتعليم المصري اكتشف فجأة أن السبب في انهيار نظام التعليم هو ارتداء …