محمود فوزي: الأمن .. ظالم أم مظلوم؟

لايزال البعض يردد هذا السؤال على الرغم من أن الكثيرين قد حسموا إجابتهم على طرفي الإجابة بين كونه ظالما أو مظلوما.

ولكن قبل الإجابة على السؤال بموضوعية يجب أن نعرف أهمية أجهزة الأمن ودورها ثم نحاول ان نقارن ذلك بما هو واقع فعليا.

أجهزة الأمن من شرطة وجيش ومخابرات وغيرها مسئولة عن حفظ الأمن داخليا وخارجيا وتقديم الجناة للعدالة بأدلة حقيقية, وأن يتم ذلك وفقا للقوانين المعمول بها فى الدولة, والتى وافق عليها البرلمان المنتخب. وتكون تلك الأجهزة تابعة للنظام السياسي من رئيس وحكومة وافق عليهم الشعب فى انتخابات نزيهه تحت رقابة برلمان منتخب أيضا.

وانضمام أي فرد لأي جهاز أمني لا يعنى أبدا أنه فوق القانون بل بالعكس تماما فهو يجب أن يحمى القانون, وبالتالى من المفترض أن يكون نموذجا لتطبيقه وليس لاختراقه.

ولكن إذا حاولنا مقارنة ذلك بمايحدث على أرض الواقع سنجد الأعاجيب؛ فأغلب من يكون داخل المنظومة الأمنية, مهما صغر منصبه أو علا, يعتبر نفسه في مرتبه أعلى من الناس وأن القانون مكتوب على الآخرين وليس عليه أيضا.

ويصل الأمر لأبعد الحدود حيث يجد أن من حقه اعتقال أي شخص في أي وقت دون أي سند قانوني (أو حتى بمعاونة النيابة) دون أن يدري أهله عنه شيئا لشهور بل وربما سنوات, وتعذيبه بوحشية فى السجون والأقسام, ولا مانع من القتل بالبطىء نتيجة التعذيب أو الاهمال الطبي المتعمد, حتى انتقلنا لمراحل التصفية المباشرة سواء فى المظاهرات أو البيوت أو الشوارع نتيجة أي خلاف شخصي على أمر بسيط مثل أولوية العبور فى الطريق.

انتشار ذلك فى مختلف المحافظات يؤكد أنه سلوك ممنهج وليس كما يزعم البعض أنها حالات فردية, ومايدلل عليه أنه لم يتم عقاب أي شخص فى المؤسسات الأمنية نتيجة جرائم القتل والتعذيب والاعتقال الظالم وهذا مقصود وواضح للكل.

يتدخل الأمن في كل مناحي الحياه, ففي الجامعات نجد أن موافقة الأمن شرط ضروري للتعيين في السلك الجامعي أو المشاركة فى اتحادات الطلاب, وبالطبع ينطبق الأمر على تعيين العمداء ورئيس الجامعة.

بعد الثورة تم سن قوانين لاختيار العمداء بالانتخاب ولكن بعد الانقلاب عاد الأمر مرة أخرى إلى ماكان عليه.

أيضا وجدنا الأمن يقتحم الجامعات ويقتل ويعتقل العديد من الطلاب لمجرد التعبير عن الرأي داخل أسوار الجامعة

فهل هذا يساعد فى العملية التعليمية؟

يمكنك أن ترى مراكز الجامعات المصرية على مستوى العالم حتى تدرك الإجابة؟ ففي عام 2015 أفضل ترتيب لمصر هى جامعة القاهرة في المركز 574 على مستوى العالم, بينما الكيان الصهيوني له 4 جامعات ضمن الـ 500 الأوائل.

الأمن توغل في كل شيء حتى يُشترط موافقته على تعيين عامل نظافة فى المسجد.

قد يتحجج البعض بأننا دولة مستهدفة تحيط بنا المخاطر من جميع الجهات, ولكن على هؤلاء أن يدركوا أن كل دولة فى العالم أعداء يخططون لدمارها..  تذكر معي منظمه إيتا في اسبانيا التى تريد انفصال إقليم الباسك أو الجيش الجمهوري الايرلندي في بريطانيا, لكن لم يحدث هناك عُشر ما يوجد هنا, مع العلم أن تلك المنظمات أقوى بكثير مما يمكن أن يفكر فيه أي تشكيل مسلح داخل مصر.

ثم تعالوا نرى ما نتيجة تلك السياسة هنا وهناك, حيث تحتل مصر المركز 38 ضمن قائمة الدول الهشة (جنوب السودان بالمركز الأول), وينظر لنا العالم أننا بين رواندا فى المركز 37 وبوركينا فاسو رقم 39

عندما قامت الثورة ظهر مخزون الكراهية لأعمال الأمن عبر عشرات السنين وكانت أمامهم فرصة ذهبية لفتح صفحة جديدة ولكنهم أصروا على العودة مره أخرى لسابق عهدهم بل أسوأ بكثير.

وظيفة أجهزة الأمن أن يشعر المواطن بالأمان, لا أن يعيش تحت مقصلة الخوف من الاعتقال والتعذيب والقتل لأي سبب وفي أي وقت.

هل وجدت الآن الإجابة على السؤال الذي بدأت به الكلام: هل الأمن ظالم أم مظلوم؟

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …