قال الخبير المصرفي، رئيس شركة الاستشارات الاستثمارية “بويز إنفستمنت”، إن “النتيجة الحتمية، بعد تصنيف مصر الائتمائي إلى سالب، هي استمرار ارتفاع الدين العام المحلي والخارجي وارتفاع تكاليف خدمة الدين و نسبة استحواذها على الموازنة العامة للدولة
يشهد تصنيف مصر الائتماني أسوأ أداء له منذ عقد من الزمن، في ظل صعوبات التمويل الأجنبي الذي يعيش على وقعه الاقتصاد المصري المترنح.
وخفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، السبت، تصنيف مصر، للمرة الأولى منذ 2013، درجة واحدة من “بي +” إلى “بي”، وتعديل نظرتها المستقبلية من “مستقرة” إلى “سلبية”.
وفي أبريل الماضي، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، لكنها أبقت على تصنيفها عند بي بي.
وأشارت “فيتش” إلى أن التوقعات السلبية تعكس مخاطر بأن إجراءات السياسة التي تنفذها السلطات المصرية قد لا تكون كافية لاستقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية السيادية المرتفعة.
ويؤشر الخفض الجديد إلى أن وكالة “فيتش” قد تخفض التصنيف أكثر في الأشهر المقبلة بسبب المشاكل الاقتصادية في البلاد، بينما يفترض أن تنشر وكالة “ستاندارد آند بورز” التي تمنح مصر حاليًا تصنيف “بي بي” مع آفاق مستقبلية سلبية، نتائجها في الثاني من يوليو المقبل.
واعتبر الخبير المصرفي بواشنطن، شريف عثمان أن “وكالات التصنيف الدولية تأخرت في خفض تصنيف مصر، وهذا التصنيف يؤكد بوضوح تأزم الموقف الاقتصادي في الوقت الحالي، ربما كانت الصورة واضحة أكثر من عام وبدأت بتعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية، وربما تكون خضعت لتأثير بعض حلفاء مصر لتأجيل خفض تصنيفها”.
وأوضح في حديثه لـ”عربي21″ أن “تخفيض التصنيف كان واضحا في الأسواق سواء في ما كان يخص قيمة العملة أو ما يخص السوق الثانوية لتداول أدوات الدين أو السندات الدولية التي أصدرتها مصر أو فيما يخص تكلفة التأمين على الديون وكلها أظهرت ضعفا كبيرا وتراجعا في قدرتها على طرق الأسواق للحصول على سيولة أجنبية وكان ذلك واضحا للجميع”.
وبشأن عدم ثقة السوق في نظام سعر الصرف الجديد، أعرب عن اعتقاده “بأنه لا يوجد في مصر نظام صرف مرن، وهناك محاولات مضنية لتثبيت سعر الجنيه مقابل الدولار من خلال الاقتراض أو الخصخصة أو محاولات استقطاب الأموال الساخنة من جديد”.
ولا بوادر على حل الأزمة على المدى القريب، بحسب الخبير المصرفي، رئيس شركة الاستشارات الاستثمارية “بويز إنفستمنت”، رغم مرور أكثر من عام على بدايتها، والأمور مرشحة للتدهور في ظل الارتفاعات المستمرة للدولار وشح العملة ووجود أسواق موازية.
وفي ما يتعلق بتداعيات التصنيف، أوضح أن “النتيجة الحتمية هي استمرار ارتفاع الدين العام المحلي والخارجي وارتفاع تكاليف خدمة الدين و نسبة استحواذها على الموازنة العامة للدولة، وأعتقد أن تخفيض التصنيف يعكس التدهور السريع في الظروف المالية والاقتصادية في مصر”.
وتحدثت وكالة “فيتش” في بيان عن ازدياد مخاطر التمويل الخارجي في ضوء الاحتياجات التمويلية المرتفعة، وتشديد شروط التمويل الخارجي، مفسرة ذلك بـ”حال من الغموض الشديد في مسار أسعار الصرف وتراجع احتياطات السيولة الخارجية”.
وأشار بيان الوكالة إلى أن حصول “مزيد من التأخير في الانتقال إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، سيؤدي إلى تدهور إضافي في الثقة وربما أيضا إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي”.
ويرى الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، أن “هذا التخفيض ليس الأخير، وكل المؤسسات العالمية تنظر نظرة سلبية إلى الاقتصاد المصري، هذه النظرة التي اتفقت عليها المؤسسات المالية العالمية تكشف بوضوح انكشاف الاقتصاد المصري أمام العملات الصعبة وتدهور وضعها في البنوك إلى سالب 24 مليار دولار”.
وأضاف علي لـ”عربي21″ بأنه إلى جانب ما سبق، لا توجد اعتمادات جديدة للسماح للمستوردين والمصنعين والمنتجين بالاستيراد بالشكل الاعتيادي، إلى جانب توقف كل أو تعثر خطط الدولة عن طرح شركات الجيش أو الدولة للقطاع الخاص، و”هذا دفع بعض الشركات الإقليمية إلى التراجع عن خططها للاستثمار نتيجة رؤيتها المتشائمة لأوضاع الاقتصاد المصري”.
وأشار علي إلى أنه “كان هنالك مراجعة من صندوق النقد الدولي في مارس الماضي تم تأجيلها نتيجة عدم قيام الحكومة بالخطوات والإجراءات المتفق عليها، ونحن بصدد أزمة كبيرة، نحن أمام أزمة خانقة ومتخذ القرار يغمض عينيه بانتظار معجزة ولكن لا توجد خطوات لتغيير الوضع”.