حذر خالد الجندي، مدير برنامج الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، من أن قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (87 عاما) “تنهار” وشرعية السلطة الفلسطينية “تتأكل” تحت وطأة قمع الضفة الغربية المحتلة من جانب حكومة بنيامين نتنياهو “الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل”.
ورجح الجندي، في تحليل نشره المعهد أن يصبح 2023 “أحد أكثر الأعوام دموية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الذاكرة الحديثة، حيث قُتل نحو 80 فلسطينيا من المسلحين والمدنيين العزل منذ بداية العام دون أن تلوح في الأفق نهاية”.
وتابع: “من بين ضحايا الهجوم الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية قيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي لا تملك القدرة على حماية الفلسطينيين على المدى القصير ولا استراتيجية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على المدى الطويل”.
عنف وفساد
و”بدون تدخل خارجي، من المرجح أن تؤدي الحملة العسكرية الإسرائيلية العنيفة في الضفة الغربية إلى مزيد من العنف وتقوض قيادة عباس المحاصرة بالفعل وأي شيء قد يتبقى من المصداقية المحلية للسلطة الفلسطينية”، وفقا للجندي.
وأردف: “كانت سلطة عباس في حالة تدهور مطرد منذ سنوات وهي من نواح كثيرة بالفعل في حالة انهيار بطيء، في ظل سنوات من الركود السياسي والمؤسسي، ويرجع السبب في ذلك إلى حد كبير إلى الانقسام المنهك الذي دام 15 عاما مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس”.
كما يرجع، بحسب الجندي، إلى “الفساد والاستبداد المتزايد للسلطة الفلسطينية والتصور المتنامي بأن القيادة الفلسطينية الحالية تفتقر إلى رؤية استراتيجية للتحرير الفلسطيني، مما أدى إلى تآكل شديد في الشرعية المحلية للسلطة الفلسطينية. ولا يحظى عباس بشعبية كبيرة، حيث يقول أكثر من ثلاثة أرباع الفلسطينيين إنهم يريدون منه أن يستقيل”.
وأضاف أن “المشاكل المالية المزمنة للقيادة، بما في ذلك الانخفاض الهائل بنسبة 75٪ في مساعدات المانحين الدوليين منذ 2013 إلى جانب مصادرة إسرائيل لملياري دولار من التحويلات الضريبية منذ 2019، وضعت السلطة الفلسطينية على شفا الإفلاس”.
شرم الشيخ والعقبة
الجندي شدد على أن “التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية أدى إلى تقويض موقف عباس والسلطة المحلية الهشة بالفعل، وفقا لاستطلاع جديد، ولأول مرة، تؤيد غالبية الفلسطينيين الآن حل السلطة الفلسطينية”.
وأوضح أن “الاعتقاد (السائد بين الفلسطينيين هو) أن السلطة الفلسطينية لم تعد تخدم مصالح الشعب الفلسطيني ويتم تصوريها بشكل متزايد على أنها “المقاول الأمني لإسرائيل”.
وتابع: “مع استمرار عباس في الرهان على مظاهر عملية سلام غير موجودة، أدى تزايد الغضب المحلي تجاه قيادته إلى تأجيج نزعة جنون العظمة والتسلط لدى الزعيم الفلسطيني”.
و”نتيجة لذلك، صعّدت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية حملتها القمعية ضد المعارضة: مهاجمة مواكب جنائزية لفلسطينيين قتلتهم إسرائيل وإغلاق مبادرات مجتمع مدني، مثل مؤتمر “14 مليون”، الذي كان يخطط لإصدار بيان عام يدعو إلى إلغاء اتفاقيات أوسلو (بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل) وإجراء انتخابات عامة”، وفقا للجندي.
والأحد، استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية اجتماعا أمنيا بين ممثلين رفيعي المستوى لفلسطين وإسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة، وأكد خلاله الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي على ما اتفقا عليه في اجتماع مماثل بمدينة العقبة جنوبي الأردن، في 26 فبراير الماضي، وهو استعدادهما والتزامهما المشترك بالتحرك بشكل فوري لإنهاء الإجراءات الأحادية لفترة من 3 إلى 6 أشهر.
لكن الجندي شدد على أن “القمم والبيانات وحدها لا تكفي لتغيير الاتجاهات على الأرض”، داعيا إلى ممارسة “ضغوط دولية متضافرة، خاصة من الولايات المتحدة، على إسرائيل لإنهاء حملتها العنيفة”.
واعتبر أنه “باستثناء مثل هذا النهج، الذي يبدو أنه بعيد الاحتمال نظرا لسجل الإدارة (الأمريكية برئاسة جو بايدن) حتى الآن، فمن المرجح أن يستمر العنف وانهيار السلطة الفلسطينية”.