موريتانيا.. الرئيس يعلن عدم ترشحه ممهدًا الطريق لـ”الغزواني”

كشف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أنه لن يترشح لانتخابات 2018 الرئاسية، وقال في مقابلة تلفزيونية أمس الجمعة 24 فبراير 2017 إنه سيدعم مترشحاً لهذه الانتخابات معللا ذلك بقوله: “إذا أنا لم أدعم مترشحاً فسأكون مقصراً في واجبي اتجاه وطني، لا بد أن أبحث عن الشخص القادر على تولي الرئاسة في موريتانيا” .

تصريح الرئيس الموريتناني بحسب معنيين بالشأن الموريتاني يرون أن هذه سابقة عربية لم تحصل في ظل حكم عسكري عربي من قبل, سوى في السودان عندما تولى المشير عبد الرحمن سوار الذهب السلطة خلال انتفاضة ابريل 1985 بتنسيق مع قادة أحزاب ونقابات ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي بعد أن قضى في إدارة هذه المرحلة ستة أشهر فقط .
المثير في تصريح ولد عبد العزيز أنه جاء في وقت يدعم فيه هو نفسه تعديلات دستورية تستهدف ( إلغاء مجلس الشيوخ والعلم والنشيد الوطني وتأسيس مجالس محلية ) وهي تعديلاا المعارضة بالتعديلات العبثية التي ترمي للتغطية على إخفاقات نظام اختطف الدولة, ويعتبرها وأهلها غنيمة مستباحة يتصرف فيها كما يشاء ويورثها لمن يشاء  بحسب منتدى المعارضة الموريتانية.

السؤال الذي طرحته صحيفة “القدس العربي” حول تصريحات الرئيس الموريتاني: “إذا كان الحاكم يعتبر البلد وأهله غنيمة مستباحة يورثها لمن يشاء فما الذي يدفعه للتنحّي مع انتهاء ولايته، فيما يخوض رؤساء، مثل بشار الأسد، وقبله معمر القذافي، وقادة عسكريو، مثل خليفة حفتر، حروباً مدمّرة لشعوبهم وبلدانهم عنوانها الرئيس: أنا أو أخرب البلد”؟
أحد الأجوبة السريعة التي تقفز للذهن ما حصل مؤخرا مع الرئيس يحيى جامع، حاكم جامبيا منذ انقلابه العسكري عام 1994،  الذي خرج من السلطة بعد محاولة فاشلة للتمسك بها, لكنه خسر الانتخابات واستدعى الأمر تدخّلا عسكريا إفريقيا ضدّه.

وكان الرئيس الموريتاني قد توسط في مسألة خروجه وافتخر بعدها بما فعل، وهو ما يعني، أنه شارك في إبعاد ديكتاتور عسكريّ قبل أن يفني عناده البلاد والعباد، كما يعني أن دلالة هذه الحادثة انطبعت بقوة في ذهنه كما انطبعت في ذهن غيره من الحكام الأفارقة، وخصوصاً أنها تكرّر ما حصل مع زعيم ساحل العاج لوران جباجبو عام 2010 الذي أدخل بلاده حرباً أهلية انتهت باعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

 

الرئيس العسكري القادم

العارفون بأحوال موريتانيا يقدّمون سبباً آخر لوعد عبد العزيز بعدم الترشح وهو أن رئيس الأركان سيدي محمد الغزواني سيتقاعد آخر السنة الحالية ويصبح قادراً على الترشح للرئاسة بحيث يخرج من الحكم من وراء الكواليس، باعتباره القائد الفعلي للانقلابات المتكررة في موريتانيا التي جاءت بمعاوية ولد الطايع رئيساً عام 2005، ثم تمكين الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله عام 2008، وأخيراً جاء بولد عبد العزيز؛ سادس رئيس عسكري لموريتانيا بعد خلع ولد الشيخ عبد الله عام 2009.
وبذلك يمكن فهم تكملة الوعد الذي صرّح به ولد عبد العزيز في مقابلة مع القسم العربي لقناة «فرانس 24» من أنه لن يترشح “ولكنّه سيدعم مرشحاً رئاسياً»، فبذلك يكون قد سدّد الأمانة التي سلّمت له من قبل الزعيم العسكري الفعلي الذي قرّر أن يصبح مدنيّاً ويترشح للرئاسة؛ سيدي محمد الغزواني.

تحدث ولد عبد العزيز عن التعديلات الدستورية المثيرة للجدل والمعروضة حالياً على البرلمان فأوضح “أنها تعديلات تصب في مصلحة موريتانيا وتدعيم مؤسساتها وليست تعديلات من أجل مصلحة أي شخص محدد” .
وأكد أن تعديلات الدستور لن تشمل زيادة سن الترشح للرئاسة، في رد منه على مطلب مسني المعارضة، كما أنها لن تشمل زيادة صلاحيات الرئاسة.

ودافع عن التعديل المقترح للعلم الوطني بأن « تصميم العلم جرى في ستينيات القرن الماضي في غياب شباب اليوم الذين من حقهم أن يقترحوا العلم الذي يرونه مناسبا, فالبلد لا بد أن يتغير” .

وحول الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها، قال: «إنه ينتظر مصادقة البرلمان على التعديلات الدستورية ليحدد بعد ذلك تاريخ إجراء هذه الانتخابات التي ستشمل المجالس الجهوية التنموية والنواب والمجالس البلدية” .
حملة إعلامية للمعارضة

وكانت المعارضة الموريتانية أطلقت حملة سياسية وإعلامية بأبعاد متعددة مخصصة لإفشال تمرير التعديلات الدستورية, ودعت أعضاء مجلسي النواب والشيوخ «لتحكيم ضمائرهم وعدم تحمل المسؤولية في المصادقة على تعديلات يرفضها شعبهم وتشوّه علمهم الوطني وتزيد الأزمة السياسية تفاقماً في بلدهم ” .

وذكّرت الرأي العام الوطني والدولي بعدم شرعية تمرير التعديلات المقررة عبر برلمان تجاوزت إحدى غرفه؛ وهو مجلس الشيوخ آجال التجديد الدستورية لمجموعاته الثلاث، فيما تفتقد الغرفة الأخرى التوافق الضروري لتعديل الدستور.

وأكدت المعارضة « أن التعديلات هدفها التلبيس على فشل النظام وتغطية المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد، وأن ما تحتاجه موريتانيا اليوم ليس تعديلات دستورية تزيد المشهد السياسي تأزماً والشعب الموريتاني فرقةً، إنما تحتاج التوجه بصورة توافقية، نحو خلق الظروف الكفيلة بحل الأزمة الراهنة عن طريق تهيئة المناخ السياسي والآليات المؤسسية لضمان تناوب ديمقراطي وسلمي على السلطة في أفق انتهاء الفترة الأخيرة للرئيس الحالي” .

وشددت على “أن التعديلات المقترحة لا تقدم أي حل للأزمة السياسية التي تعيشها موريتانيا منذ سنوات، بل تزيد أسبابها ومظاهرها تفاقماً، خاصة وأنها لا تكتسي أي طابع استعجالي يبرر الإصرار على تمريرها مهما كانت الوسيلة، كما أنها تعديلات تمس رموزاً ومقدسات وطنية تتشبث بها الأغلبية الساحقة من هذا الشعب” .
وأضافت «إن الدستور ميثاق غليظ لا يمكن التلاعب به حسب الأهواء، ولا يجوز تغييره إلا في ظل ظروف سياسية طبيعية وفي جو يطبعه أدنى حد من التوافق الوطني، ومن أجل إجراء إصلاحات جوهرية أو حل مشاكل أساسية تعوق سير المؤسسات أو تقدم الأمة “.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …