مازالت قضية رشوة السيناتور مينينديز تحمل في طياتها العديد من المفاجآت، حيث كشفت لائحة الاتهام بشأن مينينديز عن معلومات حساسة للغاية وغير علنية طلبها مسؤولون مصريون، وفق ما نقل موقع The Intercept الأمريكي.
وبينما ركزت التغطية الإعلامية لقضية السيناتور من ولاية نيوجيرسي الأمريكية، على أشياء؛ مثل سبائك الذهب وأكوام الأموال التي عُثر عليها، وهي العناصر التي دعمت ادعاءات الفساد التي وجهتها وزارة العدل إليه، رأى الخبراء أن القضية “أكبر من مجرد مخطط فساد متعدد الجوانب”.
وقال أربعة مسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للموقع نفسه، إن البوح بالمعلومات لمصر يشبه عملية التجنيد المدرسي، وهي عملية استخباراتية تهدف إلى تجنيد الأصول.
ووفقاً للائحة الاتهام، كان مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، يُطلب منه في بعض الأحيان تقديم معلومات إلى رجل أعمال مصري يقوم بعد ذلك بتوصيلها إلى المسؤولين المصريين، ويبدو أن المعلومات الأكثر حساسية التي اتُّهِمَ مينينديز بمشاركتها تتعلق “بالتوظيف في السفارة الأمريكية في القاهرة”.
في السياق، قال جون سيفر، ضابط الخدمة السرية المتقاعد بوكالة الاستخبارات المركزية والزميل غير المقيم بالمجلس الأطلسي: “إن مشاركة مينينديز لمعلومات موظفي السفارة أمر مثير للقلق للغاية على عدد من المستويات. فهو يساعد أجهزة الأمن المصرية في مراقبة السفارة، والأهم من ذلك، قد يشير إلى أنهم يعتبرون مينينديز مصدراً لهم”.
أضاف: “يمكن أن يكون الطلب مجرد خطوة في اختبار استعداده لخرق القواعد والقوانين، وبالتالي ربما يساعد المخابرات المصرية بطرق أكثر سرية وضرراً”.
تصف لائحة الاتهام أن مينينديز اجتمع مع رجل الأعمال المصري وائل حنا؛ حيث طلب الأخير منه الحصول على معلومات غير علنية من وزارة الخارجية فيما يتعلق بعدد وجنسية الأشخاص العاملين في السفارة الأمريكية في القاهرة، ونُقلت هذه المعلومات لاحقاً إلى من تصفه لائحة الاتهام بأنه “مسؤول حكومي مصري”.
وفي قضية أخرى، وفقاً للائحة الاتهام، قامت نادين زوجة مينينديز، التي كانت آنذاك صديقته، بتمرير طلب من مسؤولي الحكومة المصرية إلى السيناتور، ومن خلال حنا، قُدِّمَ مينينديز إلى مسؤولي الاستخبارات والجيش المصريين تحت غطاء زيادة المساعدات الغذائية الأمريكية لمصر.
ورغم أن هذه المعلومات ليست سرية، فإن تلك المتعلقة بالموظفين في السفارة الأمريكية في القاهرة موصوفة في لائحة الاتهام بأنها “حساسة للغاية لأنها يمكن أن تشكل مخاوف أمنية تشغيلية كبيرة إذا كُشِفَ عنها لحكومة أجنبية أو إذا نُشِرَت علناً”.
ومن دون إخطار موظفيه الشخصيين، أو موظفي لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، التي كان يرأسها في ذلك الوقت، أو وزارة الخارجية، يُزعم أن مينينديز نقل تفاصيل دقيقة عن موظفي السفارة إلى نادين، التي أحالت الرسالة إلى حنا، الذي أحالها بدوره إلى مسؤول مصري.
بدوره، قال فرانك فيغليوزي، المدير المساعد السابق لمكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفيدرالي، لشبكة “سي إن إن” الأمريكية: “إن رئاسة السيناتور مينينديز للجنة العلاقات الخارجية تضعه في موقع مركزي بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأجنبية التي تتطلع إلى جعله يتخذ قرارات لصالحها”.
واعتبر أن من بين تلك القرارات “ما يخص المعدات العسكرية والقرارات المادية بشأن التمويل”، مضيفاً: “يجب النظر إلى كل ذلك من منظور مكافحة التجسس”.
وبما أن الجواسيس يعملون تحت غطاء دبلوماسي، فإن السفارات تشكل هدفاً جذاباً لأجهزة الاستخبارات.
في حين وصف ضباط عمليات سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية -تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم- آلية عمل هذا الشكل من التجنيد الاستخباراتي؛ حيث تبدأ الطلبات بمعلومات بسيطة، غالباً للحصول على معلومات ليست عامة، ولكن ليست بالضرورة سرية، من أجل تحديد ما يسمى “الاستجابة للمهام”، أو الاستعداد لجمع المعلومات الاستخبارية.
وبمجرد الاستجابة، تبلغ سلسلة من المهام الخطيرة بشكل متزايد ذروتها في “الدفع الفوري”، أو الرشوة؛ مما يعزز الطبيعة غير المشروعة للعلاقة ويمكن استخدامها كابتزاز.