قال الدكتور نادر فرجاني أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, إن الحكم العسكري، التسلطي والفاسد، قد أفسد القضاء في مصر، حتى أدى ببعض القضاة، خاصة وكلاء النائب العام، إلى إصدار أحكام تقوض أسس القانون وتخسف بأركان العدل والإنصاف في الأرض.
وأضاف فرجاني -في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- أن قائد الانقلاب العسكري اتخذ حتى الآن من الإغداق المالي سبيلا لشراء ذمم بعض القضاة وضمائرهم باعتبارهم من بطانة الحكم المميزة عن باقي الشعب، إلا أن أوضح أنه على الرغم من ذلك فليس من الصواب معاداة جميع القضاة ومؤسسة القضاء عداء مطلقا، وقد كشف الجدل الحاد حول حكم المحكمة الإدارية ببطلان قرار التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة السعودية، عن اختلاف شديد بين القوى الوطنية في الموقف من القضاء.
وأكد أنه لا يرى منطقا في الهجوم أو الاستخفاف المبالغ فيه على حكم قضائي يقر مطلبًا وطنيًّا، ولا وازعًا “ثوريا” في التهجم على مؤسسة القضاء التي لا تقوم دولة مدنية حديثة دونها شرط أن تكون مستقلة تمام الاستقلال، وهذه عندي إحدى الغايات الفرعية للثورة الشعبية العظيمة، التي تقتضي تطهير وإعادة بناء المؤسسة بهذا الغرض، وقد نشرت سابقًا تصورًا يحقق في نظري لذلك الغرض.
وأوضح أن الأمر وصل ببعض غلاة الداعين إلى الثورة الشعبية بالفعل الجماهيري في الشارع في التقليل من أهمية حكم المحكمة الإدارية إلى أن كاد بعضهم يهلل لمسارعة أركان حكومة الخيانة للطعن على الحكم ومسارعة مجلس الدولة لتحديد جلسة لنظر الطعن على وجه الاستعجال، بينما تبقى قضايا أخرى مهملة لسنوات، قائلا: “كاد هؤلاء أن يضعوا نفسهم، مقابلا موضوعيا لعتاة مؤيدي الحكم العسكري المُفرّط في أرض الوطن فذكروني بالمثل التهكمي بالإنجليزية عن من أراد أن يغيظ وجهه يقطع أنفه”.
وقال فرجاني: “هناك علامتان على هذا التحول.. الأولى: أن هرع “قانونجي” الحكم العسكري إلى مجلس الدولة فور صدور حكم المحكمة الإدارية وبقي طويلا مع قيادات المجلس، بينما كانت إدارة قضايا الدولة تعد الطعن على الحكم.. ومن تاريخ الشخص، الذي شارك بفعالية في جميع جرائم المؤسسة العسكرية ضد القانون، نصوصا وإجراءات، يصعب أن نتصور إلا أنه أتى باللوم والتقريع ونقل التهديد والوعيد.
وأشار إلى أن الثانية، أن أصدر قائد الانقلاب قرارًا جمهوريًّا يعين فيه رئيسًا لمحكمة النقض التي تعد أحكامها امتدادًا لنصوص التشريع وإجراءات التقاضي، في الوقت الذي امتنعت الجمعية العمومية لمحكمة النقض عن اختياره قبلًا.
وقال فرجاني إن الحكم التسلطي الفاسد، مدعومًا ببطانته من أهل القانون الفاسدين، عندما يفسد معه أهل القانون لا يجاريهم أحد في الفساد، قد دخل في معركة تتجاوز تأديب بعض القضاة لينصاعوا لأوامره إلى محاولة هدم مؤسسة القضاء وتطويعها كلية لخدمة أغراضه المشينة، حتى خيانة الوطن، مؤكدًا أنه يجب على القوى الوطنبة أن تعارض إهدار مؤسسة القضاء لصالح الحكم التسلطي الفاسد.