ذكر تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، إنه بعد أكثر من أسبوع على كارثة فيضانات درنة الليبية، ومع تحول جهود الإنقاذ إلى رعاية النازحين ومساعدة المدينة على التعافي، فإن قبضة خليفة حفتر المحكمة على شرق ليبيا، توضح أنه سيكون “صاحب الكلمة الفصل” في عملية المساعدات القادمة للدولة الأفريقية الغنية بالنفط.
وبعد الفيضانات المدمرة التي أسفرت عن مقتل الآلاف من سكان درنة، كان لحفتر زيارة قصيرة للمدينة، حيث صافح جنودا وجال في المدينة مستقلا سيارة، قبل أن يغادرها على متن مروحية، وفق المصدر نفسه.
ويشرف الانقلابي حفتر، البالغ من العمر 79 عاما، فعليا على الجانب الشرقي من ليبيا، حيث تتنافس حكومة معينة من قبل البرلمان، مع حكومة أخرى معترف بها دوليا في النصف الغربي من البلاد، ومقرها العاصمة طرابلس.
ويقول محللون ودبلوماسيون، وفق تقرير نيويورك تايمز”، إن حفتر “عمل على إثراء نفسه وأبنائه وتمكينهم، بينما فشل في توفير الخدمات الأساسية أو الحفاظ على البنية التحتية الحيوية، مثل السدود التي انهارت الأسبوع الماضي”.
قال النائب العام الليبي إنه فتح تحقيقا في انهيار سدين، تسببا في سيل مدمر في مدينة درنة الساحلية، بينما تبحث فرق الإنقاذ عن الجثث السبت، بعد ما يقرب من أسبوع من مقتل أكثر من 11 ألف شخص في العاصفة.
وليل الأحد الاثنين، انهار سدان رئيسيان على نهر وادي درنة الصغير، بنيا في سبعينيات القرن الماضي، مما تسبب في سيول طينية كانت أشبه بموجة “تسونامي” هائلة، دمرت جسورا وجرفت العديد من المباني مع سكانها، في المدينة المطلة على البحر المتوسط، والبالغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة.
وبعد أسبوع من السيول والفيضانات التي محت جزءا كبيرا من وسط المدينة، تظاهر سكان درنة الغاضبون في الشوارع وأحرقوا منزل رئيس البلدية خلال الليل. ويتهم السكان السلطات بالتقاعس عن صيانة السدين وعدم إجلاء السكان قبل وصول العاصفة.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن “حفتر يهدف على ما يبدو إلى حكم ليبيا بأكملها، لدرجة أنه عندما كان من المقرر أن تبدأ محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة عام 2019، شن هجوما عسكريا على طرابلس، بدعم من مرتزقة (فاغنر) الروسية، قبل أن يفشل في النهاية”.
ومنذ كارثة الأسبوع الماضي، سعى حفتر لتلميع صورته. وقال المحلل الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، طارق المجريسي، إن حفتر يحاول الظهور أنه “المنقذ وليس مسؤولا عما حدث”.
وأضاف أن: “حفتر سيطر على الاستجابة، لذلك هناك جيش منتشر في كل مكان حول درنة، حتى يبدو وكأنه يقوم بتأمين المدينة”.
وتقول الصحيفة الأميركية، إن حفتر منح أبناءه أدوارا قيادية، بينهم ابنه الأكبر الصديق الذي يقدم نفسه على أنه سياسي، وكان قال، الاثنين الماضي في مقابلة مع رويترز، إنه مستعد للترشح لرئاسة البلاد.
أما الابن الثاني، فهو صدام وهو يقود قوة عسكرية من قوات والده بالإضافة إلى أنه يتولى حاليا مسؤولية الإشراف على الإغاثة في درنة.
وأظهرت الاحتجاجات الأخيرة، وهي أول علامة تدل على الاضطرابات على الأرض منذ الفيضانات، حجم التحدي الذي تشكله الكارثة للسلطات في شرق ليبيا، الخاضع الآن لحفتر.
والثلاثاء، انقطعت الاتصالات في درنة، حيث طُلب من الصحفيين مغادرة المدينة، غداة تحركات احتجاجية لسكانها للمطالبة بمحاسبة السلطات عن هذه الكارثة.
ونظم السكان تظاهرة، طالبوا فيها بـ”محاسبة السلطات في شرق البلاد”، التي يحملونها مسؤولية تداعيات الفيضانات التي تسببت بفقدان آلاف الأرواح، وبدمار هائل نتيجة الإعصار “دانيال”، الذي ضرب درنة في 10 سبتمبر وأدى إلى انهيار السدين.
ما نصبت السلطات نقاط تفتيش على مداخل المدينة، وفقا للصحيفة الأميركية. وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة، الثلاثاء، إنه “لم يُسمح لفريق الأمم المتحدة بالسفر إلى درنة”، على الرغم من استمرار فرق أخرى في العمل هناك.
ومما يزيد من تعقيد جهود المساعدة، وجود تاريخ من “الدماء السيئة” بين حفتر ودرنة، على حد تعبير الصحيفة، في إشارة إلى وجود غضب شعبي سابق في درنة من حفتر.