لا إسرائيل أعلنت رسميا، أنها هاجمت إيران، رغم أهمية ضربة هكذا تثبت قدرتها على استهداف إيران وقتما تشاء، ولا طهران اعتبرت ما فعلته تل أبيب “ضربة حقيقية”، وتعاملت كأن شيئا لم يكن، حسبما أوضح تقرير لموقع “الاستقلال”.
فلم تعلن إسرائيل رسميا أنها قصفت إيران، وتجاهل موقع وزارة الدفاع الإسرائيلية الحديث عن الأمر، ولم تعترف إيران بوقوع هجوم عليها من خارج البلاد، واكتفت بوصف ما جرى بأنه اختراق طائرات مسيرة صغيرة لم تسبب خسائر مادية أو بشرية في أصفهان.
لكن ما جرى فعليا هو أن إيران قصفت بـ 350 صاروخ ومسيرة، هدفين عسكريين، أحدهما، قاعدة نيفاتيم الجوية، والآخر مراكز استخبارات ومعلومات”، حسبما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لشبكة “سي إن إن” والتزمت إسرائيل الصمت.
وردت إسرائيل بقصف أهداف مشابهة، بمسيرات محدودة، وربما صواريخ، هي “القاعدة الجوية الثامنة” في أصفهان، وموقع رادار، وربما قاعدة صواريخ سرية تابعة للحرس الثوري بالقرب من “شاهين شهر”، والتزمت إيران الصمت أيضا.
لهذا وصف محللون ما جرى بأنه “أمر غامض”، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 19 أبريل/ نيسان 2024 إنه “لا يمكن الوثوق بتصريحات إيران أو إسرائيل”.
اعتبروا ما جرى أشبه بلعبة “القط والفأر (توم وجيري) بلا ربح عسكري حقيقي لأي طرف، لحرص الأطراف الثلاثة أميركا وإيران وإسرائيل مسبقا على الحفاظ على مصالحهم التي ستتغير لو اشتعلت حرب شاملة بينهم.
أشاروا إلى مكاسب جديدة ربما حققتها إسرائيل، خصوصا مع تسريب إيران أنها لن ترد، وسط مخاوف من أن يكون ثمن هذه الترتيبات الثلاثية غير المباشرة، أو من يدفع ثمنها، هو غزة، وهذه المرة رفح التي يجري الترتيب لغزوها.
ماذا حدث؟
صباح 19 أبريل، وقعت انفجارات بمدينة أصفهان، توالت بعدها التصريحات حول أنباء عن هجوم إسرائيلي استهدف إيران، في إطار الرد الإسرائيلي المتوقع على استهداف الأخيرة بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة، رداً على قصف تل أبيب لقنصليتها في سوريا.
لم تعلن إسرائيل رسميا أنها هاجمت إيران، واكتفت هيئة البث الرسمية (مكان) بالحديث عن: “هجوم على إيران ووسائل إعلام عالمية تنسبه لإسرائيل”
صحيفة “واشنطن بوست” نقلت عن مسؤول إسرائيلي مجهول قوله إن “جيشنا شن غارة جوية داخل إيران رداً على هجومها بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل”
واعتبر أن “الهدف من الضربة إرسال إشارة إلى طهران بأن لدينا القدرة على الضرب داخل إيران”.
عقب ذلك نشر وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير تغريدة عبر إكس، قائلاً: “ضعيف”، أو “مسخرة” فيما بدا أنه تعليق منه على الهجوم الذي استهدف إيران، دون أن يعلن بوضوح مسؤولية تل أبيب.
كان استهداف مدينة أصفهان، التي تحتوي على منشآت نووية، وتحتوي على قاعدة عسكرية هامة، يحمل رسائل إسرائيلية واضحة أن تل أبيب يمكنها قصف المفاعلات النووية وأي هدف في إيران.
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت عدم وقوع أي ضرر في المواقع النووية الإيرانية في الهجوم، وشددت على أن المنشآت النووية ينبغي ألا تكون أبداً هدفاً في الصراعات العسكرية.
بحسب تقارير صحفية غربية، تم الهجوم بمسيرات “من داخل إيران”، قالت إيران إنها ثلاثة مسيرات “تسللت” من داخل البلاد لا خارجها، وأسقطتها.
ورجح مختصون بالشئون الإيرانية أن تكون انطلقت من كردستان أو دخل بها عملاء من كازاخستان لإيران وأطلقوها.
كما تم الهجوم بصواريخ أطلقتها طائرات من خارج إيران، والأرجح من فوق أراضي العراق لوجود صواريخ على أرضه فشلت في إكمال رحلتها، وهذه استهدفت القاعدة الجوية الإيرانية، وفق صحف غربية، وموقع استخباري إسرائيلي.
لكن قناة “كان” الحكومية نقلت عن مصادر أميركية أن “الطائرات الإسرائيلية الكبيرة لم تكن جزءاً من الهجوم”، رغم رصد موقع تتبع حركة الطائرات (Adsbeexchange)، طائرتين عسكريتين إسرائيليتين تحلقان فوق الأردن بالتزامن مع مهاجمة إيران.
أيضا نقلت وكالة “رويترز” عن 10 مصادر إسرائيلية وأميركية وعربية أن الضربة الإسرائيلية تمت دون استخدام الطائرات أو الصواريخ الباليستية أو ضرب أي مواقع إستراتيجية أو التسبب في أضرار كبيرة.
وأكد ذلك الكاتب الإسرائيلي “يوسي بلين” نقلا عن مسؤولين إسرائيليين أطلعوا المراسلين الأجانب إن الهجوم كان بواسطة طائرات بدون طيار وليس بطائرات مأهولة “من أجل تقليل الخطر على طياري إسرائيل وتقليل الأضرار التي لحقت بالهدف (إيران)”
لذا، أكدت “رويترز” إن “الهجوم الإسرائيلي على إيران تمت معايرته بعناية بعد الانقسامات الداخلية والضغوط الأميركية”
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن “ردود الفعل الصامتة على الضربات الإسرائيلية على إيران تشير إلى وقف التصعيد”
واعتبر المحلل الإسرائيلي “أنشيل فيفر” في صحيفة “هآرتس” أن “الضربة الإسرائيلية الصامتة على أصفهان تظهر أن نتنياهو ليس لديه إستراتيجية تجاه إيران، وكذلك غزة”
وأكد أن الهجوم الإسرائيلي “الباهت” على أصفهان هو على الأكثر “إجراء مؤقت، أو بديل”، منتقدا صراخ نتنياهو حول التهديد الإيراني، “ولكن عندما جاءت لحظة الحقيقة، لم يكن لديه ما يقوله أو يقدمه”، وفق تعبيره.
إيران: لم يحدث شيء!
على الجانب الإيراني، كان رد الفعل منكرا للضربة الإسرائيلية كأنها لم تحدث، ونقلت وكالة “إرنا” الحكومية عن قائد بالجيش أن: “صوت الانفجار في أصفهان ناجم عن تصدي الدفاعات الجوية لجسم مشبوه دون تسجيل خسائر أو أضرار”
ومصدر إيراني قال لوكالة “مهر” للأنباء أنه لم يحدث هجوم على قاعدة سلاح الجو في أصفهان.
ونقلت وكالة أنباء “تسنيم”، عن “مصادر مطلعة” قولها إنه “لا تقارير عن هجوم من الخارج” وقع في إيران، بعد الانفجارات التي سُمعت في البلاد.
وحسم مسؤول إيراني كبير لـ “رويترز” الأمر بقوله إن “هناك دلائل على أن الطائرات بدون طيار أطلقت من داخل إيران على يد “متسللين” وهو ما قد يلغي الحاجة إلى الانتقام” أي من إسرائيل.
ونقلت عنه “رويترز”، في 19 أبريل أن طهران ليس لديها خطة للرد الفوري على إسرائيل.
وقال المسؤول الإيراني: “لم نتأكد من المصدر الخارجي المسؤول عن الواقعة، لم نتعرض لأي هجوم خارجي والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوم”
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن المواقع النووية في إقليم أصفهان “لم تتعرض لأي ضرر”، بعدما جرى تفعيل أنظمة الدفاع الجوي في أصفهان للتعامل مع ما يشتبه في أنها طائرات مسيرة.
وقالت شبكة “سي إن إن” إنه “لا توجد أضرار جسيمة في قاعدة أصفهان الجوية في صور الأقمار الصناعية”
وذلك رغم أن طهران أغلقت مطاراتها في العاصمة وشيراز وأصفهان، وسمحت للرحلات الجوية بتجنب الجزء الغربي من مجالها الجوي لبضع ساعات بعد الهجوم، وفقاً لموقع فلايت رادار 24 لتتبع الرحلات الجوية، قبل أن تعيد فتحها.
لهذا قال المحلل الإسرائيلي “عاموس هارئيل” في صحيفة “هآرتس إن “الهجوم على أصفهان يبدو محدوداً والإنكار الإيراني يمكن أن يعفي النظام من الرد”
مكاسب الاحتلال
يرى الدكتور خليل العناني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، المقيم في الولايات المتحدة أن الضربة الإسرائيلية تشير لـ “صفقة واضحة بين بايدن ونتانياهو”، تركز على غزة لا إيران.
أكد، في تغريده عبر إكس أن “الفلسطينيين هم دوما من يدفعون الثمن”، في إشارة لمكاسب إسرائيلية من وراء ما جرى.
أوضح أن ملامحها هي سماح واشنطن لتل أبيب بضربة “رمزية” لإيران، بما يمنع نشوب حرب إقليمية، وبهدف إنقاذ جو بايدن داخليا، وتعزيز دوره كحامي لإسرائيل والاستقرار في الشرق الأوسط، وسط تقديرات تشير لتراجع نقاطه في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
وذلك مقابل “مكاسب لإسرائيل”، هي: الفيتو الأميركي ضد إقامة دولة فلسطينية، والقبول الأميركي بمنطقة إسرائيلية عازلة شمال غزة، كانت ترفضها.
فضلا عن ضوء أخضر أميركي لإسرائيل لتنفيذ عملية أوسع في رفح ومحور فلادلفيا على الحدود المصرية، تعويضا عن الضربة المحدودة الصغيرة في إيران، بجانب صفقة سلاح كبرى جديد أعلن عنها بايدن بمليار دولار لإسرائيل.
وكذلك تنشيط الخطة الأميركية للتطبيع الإسرائيلي السعودي، عقب انتهاء الغزو الإسرائيلي لرفح، بحجة الاجهاز على بقايا كتائب “القسام”، ضمن خطط ما بعد غزة بدعم عربي.
وضمن مكاسب إسرائيل، يرى المحلل الفلسطيني “سعيد زياد” أن “إسرائيل كسبت تجديداً للدعم الغربي عموماً والأميركي خصوصاً فيما يخص حربها على غزة، والتئاماً داخليًا مؤقتًا”
بينما جنت إيران إعادة ترسيم قواعد اشتباك أكثر جرأة، وكسر حاجز نفسي عن الاشتباك مع إسرائيل.
لكنه اعتبر أن “إسرائيل خسرت تآكلاً أكثر عمقاً في منظومة ردعها، وهبوطاً في مستوى أمنها القومي، وتوسيعاً أكبر لدائرة النار مع القوى الحليفة لإيران، وعلى رأسها حرب الله”.
وتقول الدكتورة “ليلي نيقولا” خبيرة الشؤون السياسية أن المرجح الآن أن ينزل الجميع عن الشجرة وينتهي القلق من الحرب الإقليمية، وستقوم إسرائيل بتسويق ردها اعلامياً على أنه “رد كاف لحفظ هيبة إسرائيل”
لكن سفير مصري سابق قال إن المقاومة في غزة ربما كانت تعول على تصعيد إيراني ضد إسرائيل يخفف الضغط عن غزة ويجبر أميركا على الضغط على إسرائيل لإنهاء حرب غزة.
أوضح لـ “الاستقلال” أن تسويق كل طرف أنه حقق أهدافه وحفظ ماء وجهه، سيجعل إسرائيل تستدير لتكمل خططها، بتنسيق كامل مع أميركا، في غزة، نافيا وجود خلافات بين بايدن ونتنياهو، و”الأمر لا يعدو أن يكون اختلاف حول طريقة قتل الفلسطينيين”، وفق تعبيره.
وقال يوئيل جوزانسكي، الخبير السابق في الشؤون الإيرانية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي إن إسرائيل نفذت الهجوم على ما يبدو لإرسال رسالة مفادها أنه “يمكننا ضربك داخل إيران”
لكنها فعلت ذلك بطريقة “محدود للغاية”، لعدم استفزاز وإزعاج الولايات المتحدة، أو إثارة المزيد من الانتقام الإيراني.
قال لوكالة “أسوشيتدبرس” إن “الجولة الحالية” من العنف يبدو أنها انتهت، لكن “لم يتغير شيء” حيث لا تزال إسرائيل تواجه تهديدات مدعومة من إيران على جبهات مختلفة.
ويقول المحلل العسكري المصري “محمود جمال” إن دوافع إسرائيل من وراء تنفيذ العمل العسكري ضد إيران هي إظهار قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات في العمق الإيراني.
وتحديدا مدينة أصفهان، مقر تخصيب اليورانيوم وقاعدة جوية هامة للجيش الإيراني تضم أسراب من الطائرات المقاتلة طراز إف-14 توم كات الأميركية بالإضافة للطائرات المسيرة الانتحارية.
ويرى أن الاكتفاء بهذا الشكل والنمط من الرد العسكري المحدود على هجمات إيران جاء بسبب الضغوط الإقليمية والدولية لاحتواء دائرة التصعيد، خاصة وأن إسرائيل هي التي بدأت جولة التصعيد بضربة القنصلية الإيرانية بدمشق.
لكنه لا يستبعد أن تكون هذه الضربة المحدودة “تمهيدا لعمل عسكري أكبر إذا استمرت دائرة التصعيد، ويكون الهدف الرئيسي منها هو اختبار جاهزية الدفاعات الجوية الإيرانية لمعرفة كيفية التعامل معها لاحقا”.
لهذا تساءل محللون آخرون: هل ترد إيران لتثبت الردع الذي اعدته بالضربة السابقة ومنع تآكله، أم تصمت، كما هو يبدو توجهها، وتعطي إسرائيل بشكل غير مباشر، مزيد من المكاسب؟
واعتبروا تقليل إيران من اهمية الهجمات الاسرائيلية عليها، لحد نفيها من قبل وسائل اعلام إيرانية، ربما هدفه أن تُقدم “الضربة الهزيلة” للجمهور الإيراني على أنها الرد الاسرائيلي النهائي على الرد الإيراني القوى، وإقناعهم أنها لا تستدعي ردا إيرانيا.
ولاحظت “الاستقلال” أن مواقع التواصل الإيرانية حفلت بالسخرية من الضربة الإسرائيلية بغرض إظهار أن إسرائيل لم تجرؤ على الرد، رغم تأكيد محللين عسكريين أن الضربات الإيرانية والإسرائيلية نتج عنها أضرار ولكن محدودة.
واعتبرت وكالة “أسوشيتدبرس” أن “تقليل إسرائيل وإيران من شأن الضربة الإسرائيلية الواضحة، وردود افعالهم الصامتة، من الممكن أن يؤدي إلى تهدئة التوترات في الوقت الحالي”
العودة لغزة
كان من الواضح أن هناك تركيزا أميركيا على إقناع إسرائيل بالتركيز على غزة وانهاء الحرب هناك بدل الدخول في حرب إقليمية بتبادل الضربات مع إيران، تضر المصالح الأمريكية ومركز بايدن الانتخابي.
وقد تتمدد لحرب عالمية في ظل احتمالات تدخل روسيا، والأهم أن التصعيد سيكون لصالح المقاومة في غزة التي تعتبر أحد أهداف “طوفان الأقصى” ونقاط الانتصار هي تحشيد كل الجبهات ضد الاحتلال.
لا يعني هذا أن هناك صفقات أو اتفاقات ضمنية بين تل أبيب وطهران، وإنما تفهم كل طرف أنه ليس من صالحه الدخول في حرب شاملة، مع الحرص على تثبيت الردع بينهما بما يحفظ ماء وجه الجميع، لكن محصلة ذلك لا تصب في صالح غزة.
فاللمسات الأخيرة على الغزو الإسرائيلي لرفح، بالتعاون مع أنظمة عربية وتنسيق أمريكي، كان يعطله رد تل أبيب على إيران وحجمه وهل يكون الأخير أم يؤدي لتصعيد.
والآن في ظل مؤشرات عدم رد إيران وتعثر صفقة تبادل الأسرى، وانتهاء الاستعدادات لغزو رفح بريا بتنسيق مع القاهرة على ما يبدو، سيتم طوي صفحة إيران وتحييدها، والعودة لغزة.
وكان مصدران إسرائيليان أكد لشبكة “سي إن إن” الأميركية في 15 أبريل، أن بلادهما كانت على وشك بدء عملية عسكرية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، لافتين إلى أنها “تأجلت” بسبب الرد المتوقع على إيران.
من أدلة اقتراب عملية رفح، إعلان مصر بشكل صريح موافقتها على العملية العسكرية هناك في تصريحات وزير الخارجية سامح شكري لشبكة “سي إن إن” في 16 أبريل 2024.
والتي رجح فيها فتح الحدود للنازحين من رفح وقال: “الطريقة التي سنفعل بها ذلك ستعتمد على الظروف”
وإعلان شركة إبراهيم العرجاني الانتهاء من إنشاء منطقة عازلة على حدود رفح، ومنازل مجهزة، وهي منطقة مرتبطة بسيناريو تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، في حال شن الاحتلال الإسرائيلي هجوماً برياً على مدينة رفح.
وتأكيد مصادر مصري وفلسطيني وصول 500 عسكري فلسطيني تابعين لمدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج إلى المنطقة العازلة.
ومهام هذه القوة الأمنية وفق المصادر الفلسطينية: الإشراف على المنطقة الأمنية العازلة بالتنسيق مع الجانب المصري وتوزيع المساعدات الإنسانية وتجهيز عناصر القوة الأمنية التابعة للسلطة، لتسلم إدارة معبر رفح.
ويشير “تقدير موقف” لمركز “مدي للرؤية الاستراتيجية” في 18 أبريل 2024 إلى أن نتنياهو يصر على اجتياح رفح لتحقيق ستة أهداف:
أولها، إبقاء حالة الحرب، لأن وقفها سيدفع نحو انفراط عقد الحكومة، وبالتي الذهاب إلى انتخابات يُرجح أن يخسرها، وثانيها، البحث عن صورة نصر، تتمثل في الوصول إلى شخصيات من الصف الأول في “حماس” وكتائب “عز الدين القسام”.
وثالثها، تكثيف الضغوط على مفاوضي حماس، بالتوازي مع محاولة إيجاد سلطة محلية بديلة بالعودة إلى ما يشبه نظام روابط القرى (تشكيلات إدارية أنشأتها سلطة الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية عام 1978، لكنها أخفقت بسبب رفض الفلسطينيين لها).
والهدف هو محاولة خفض سقف المطالب الفلسطينية من ناحية، وتأليب الحاضن الشعبي ضد فصائل المقاومة نتيجة طول الأزمة وتزايد المعاناة.
أما الهدف الرابع، فهو إطالة أمد الحرب، إلى حين انتهاء انتخابات الرئاسة الأمريكية على أمل احتمال عودة الرئيس الأسبق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، والذي يتوقع منه دعم أكبر لنتنياهو واليمين الإسرائيلي، يعزز بقائه في السلطة.
والخامس، محاولة القضاء على “لواء رفح” في كتائب “القسام” والذي يضم 4 كتائب عسكرية قوامها 10 آلاف مقاتل، إضافة للبنية التحتية للفصائل العسكرية التي يعتقد أنها اجتمعت في المنطقة عقب اجتياح المحافظات الأربع في قطاع غزة.
وأخيرا، السيطرة على محور صلاح الدين مع مصر، حيث يزعم الاحتلال أن عمليات إدخال السلاح تتم عبر أنفاق بين غزة والأراضي المصرية، وبالتالي إكمال حصار قطاع غزة بشكل كامل، إضافة إلى فصل القطاع إلى عدة أجزاء من خلال إنشاء طرق رئيسة تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
ونفى مسؤولون أمريكيون لموقع “أكسيوس” التقارير التي أفادت بأن إدارة بايدن أعطت الضوء الأخضر لعملية في رفح إذا رفضت إسرائيل ضرب إيران رداً على هجوم الخيرة عليها.
لكن صحف أميركية نقلت عن مسئولين أن نقطة الخلاف ليست رفض اجتياح رفح، ولكن تخوف أميركا من مذبحة جديدة على غرار مذابح شمال ووسط غزة تشوه صورة إسرائيل وإدارة بايدن دوليا مجددا.
مع هذا شكك المحلل الإسرائيلي “تسفي بارئيل” في صحيفة “هآرتس” في 19 أبريل/نيسان 2024 في أن يفيد رد إسرائيل الضعيف على الهجوم الإيراني عملية رفح.
توقع أن يؤثر هذا الرد الإسرائيلي “على شرعية العملية في رفح” لأن الضربة الإسرائيلية المتعجلة الضعيفة على إيران لم تحقق أي نجاح حتى الآن، وكل ما يمكننا فعله هو الانتظار لنرى ما سيحدث في رفح.
لكنه أكد أن “مصر والسلطة الفلسطينية قبلتا بالفعل حقيقة دخول إسرائيل إلى رفح، وبدأتا الاستعدادات لاستيعاب النازحين وإدارة الشؤون المدنية”