كشفت الناشطة الحقوقية المصرية؛ آية حجازي، الحاصلة على الجنسية الأمريكية، تفاصيل جديدة عن تعرضها وزوجها لضغوط لتلفيق تهمة التجسس لها.
وفي مقال نشرته في صحيفة «واشنطن بوست»، الأمريكية، روت آية حجازي قصة وصولها إلى مصر في 2011 واحتجازها على خلفية تأسيس جمعية «بلادي» لرعاية أطفال الشوارع، ويتردد أن المقال وراء قرار الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي عدم منح مصر 95.7 ملايين دولار كمساعدات، وتأجيل 195 مليون دولار، بسبب عدم إحراز تقدم في مجال احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية، وكأن الولايات المتحدة مغيبة عن واقع بقية سجلات الحقوق والحريات المنتهكة على يد الانقلاب العسكري.
وقد أبدت وزارة الخارجية المصرية استياءها من القرار واعتبرته سوء تقدير لطبيعة العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين.
وجاءت أزمة خفض المعونة الأمريكية في وقت، يزور فيه وفد أمريكي برئاسة جاريد كوشنر؛ كبير مستشاري ترامب وصهره، وعضوية جيسون جرينبلات؛ المساعد الخاص للرئيس الأمريكي والممثل الخاص للمفاوضات الدولية، ودينا باول نائب مستشار الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية، القاهرة في إطار جولتهم الحالية في عدد من دول المنطقة من أجل التباحث بشأن سبل دعم عملية السلام، واستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال السفير علاء يوسف المُتحدث باسم رئاسة سلطة الانقلاب إن السيسي أكد خلال اللقاء مع الموفد الأمريكي مواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتشعبة التي تجمع البلدين في مختلف المجالات، والاستمرار في التنسيق والتشاور مع الإدارة الأمريكية من أجل تطوير التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة.
وأكد السيسي على الأهمية التي توليها مصر للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى الاتصالات والجهود المستمرة التي تبذلها مصر مع الأطراف المعنية من أجل الدفع قدماً بمساعي إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإلى ما ستساهم به تسوية القضية الفلسطينية في توفير واقع جديد في الشرق الأوسط وتفنيد الحجج التي تستخدمها المنظمات الإرهابية في المنطقة، منوهاً إلى استعداد مصر للتفاعل مع مختلف الجهود الدولية في هذا الملف خلال الفترة القادمة.
عنترية فارغة
كما عقد سامح شكري لقاءً مع الوفد الأمريكي، رغم العنترية الفارغة التي أعلنتها وزارة خارجية الانقلاب في وقت سابق عن إلغاء اللقاء بعد قرار واشنطن خفض المعونة الأمريكية لمصر .
وكانت الخارجية المصرية استنكرت في بيان قرار الحكومة الأمريكية تخفيض المعونة، وأعربت عن أسفها للقرار، سواء من خلال التخفيض المباشر لبعض مكونات الشق الاقتصادي من البرنامج، أو تأجيل صرف بعض مكونات الشق العسكري.
وتابعت الخارجية في بيانها: تعتبر مصر أن هذا الإجراء يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط البلدين على مدار عقود طويلة، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها، وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الشعب المصري، وخلطا للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية الأمريكية.
حقوق الإنسان تحتاج إلى تعديل
وقال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وأحد أذرع سلطات الانقلاب العسكري، في تصريحات صحفية، إن أوضاع حقوق الإنسان في مصر تحتاج إلى تعديل، وإن من مصلحة القاهرة أن تعمل على تحسين أوضاعها في ملفات مثل قانون الجمعيات الأهلية، والتمويل الأجنبي.
وأضاف أن العلاقات بين مصر وأمريكا لا بد أن تستمر بعيدًا عن الأوضاع الحقوقية خاصة فيما يخص المعونات، أو محاولة تصحيح الأوضاع بالتعاون بين الطرفين على حد قوله.
وأشار إلى أن قانون الجمعيات الأهلية تضمن عدة ملاحظات من قبل أن يتم عرضه على مجلس النواب، وأثار انتقادات الغرب، وبالتالي يحتاج إلى إعادة نظر.
وشدد أبو سعدة على ضرورة إنهاء ملف القضية «173» المعروفة بالتمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية، لمحاولة تحسين العلاقات بين مصر وأمريكا.
رواية «آية» حول أطفال الشوارع
المثير في رواية «آية» التي التقاها الرئيس الأمريكي ترامب، عقب الإفراج عنها، في مايو الماضي، محاولات السلطات المصرية، انتزاع اعترافات من زوجها تثبت تورطها بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.
«أخبروه أنه يمكن أن يخرج آمنا في حال اعترف أني جاسوسة أمريكية ولو فعل ذلك سوف تساعده السلطات في العثور على زوجة أخرى. إلا أننا حافظنا بقوة على حبنا، هذا الحب وحلمنا الذي كلفنا نحو 3 سنوات في السجن». هكذا تحدثت «آية» في مقالها الذي جاء تحت عنوان “مصر سجنتني لدفاعي عن حقوق الإنسان”.. لكني لم أفقد الأمل.
وأشارت آية إلى مداهمة الشرطة للمؤسسة غير الحكومية التي أسستها مع زوجها في مصر، وكانت تحمي 40 من أطفال الشوارع تعرضوا للإيذاء والاغتصاب.
وتضيف: «بلادي أيضًا غيرت وجهات نظر مجتمعية تجاه أطفال الشارع، فبعد أن أخذتَ 3 من أطفال الجمعية للحديث في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أبلغتني البروفيسورة أن تلاميذها غيروا وجهات نظرهم».
تتابع: «لكن بدلًا من دعم مبادرتي، داهمت الشرطة المصرية “جمعية بلادي” وأنهت جهودنا وألقت الأطفال مرة أخرى في الشوارع. أحد الأطفال يدعى مازن دخل “بلادي” بعد أن انفصل عن والديه بسبب رغبته في استكمال تعليمه المتوسط، وعندما اصطحبته الشرطة نظر إليّ بائسا بينما كان يمسك كتبه متوسلا: من فضلك أريد أن أؤدي الامتحانات!».
وتستطرد: «ولكن قضيتنا لم تنته، حاولت الشرطة أن تستغل القضية كدليل على أن الجمعيات الأهلية ضارة بالمجتمع, لكن جهودهم أعطت نتائج عكسية؛ فالمنظمات الأهلية في أنحاء مصر, والغرباء حول العالم وحتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانوا في صفنا».
وتختتم «آية» مقالها، الذي يتردد أنه أحد أسباب تجميد المساعدات الأمريكية لمصر، بالقول «بينما أنا وزوجي نسير أحرارا في نهاية المطاف، لا يزال أسامة (أحد أطفال الشوارع) يحلم بأن يرى (بلادي) تعود للحياة في مصر، والناس في مصر لا يزالون يقاتلون من أجل العدالة على الرغم من أن الحكومة حريصة على إخراسهم».
وقالت «آية حجازي» عن لقائها الرئيس الأمريكي: «أحد الأسئلة التي طرحها علي كانت حول وقت اعتقالي. وأتوقع- لست متأكدة، ولكن يبدو أنه كان لديه هذه الفكرة- أنه كان لديه اقتناع أن اعتقالي تم في وقت حُكم الإخوان المسلمين، وقبل تولي عبدالفتاح السيسي للرئاسة».
وأضافت: «سألني هل كان اعتقالك في وقت الإخوان؟ قلت: لا. فقال: أوه، كان السيسي، وبدا، كما لو أن الأمر يختلف عما كان في اعتباره».
يذكر أنّ محكمة مصرية قضت في أبريل الماضي ببراءة ثمانية متهمين في قضية «جمعية بلادي» من تهم الاتجار في البشر واختطاف أطفال وهتك أعراضهم واستغلالهم جنسيا وإجبارهم على الاشتراك في تظاهرات ذات طابع سياسي.
وكان المتهمون، ومن بينهم الناشطة «آية حجازي» ألقي القبض عليهم في مايو 2014، وبقوا محبوسين على ذمة المحاكمة لنحو ثلاث سنوات.
وكانت الإدارة الأمريكية طالبت السلطات المصرية بالإفراج عن «آية حجازي»، وصدر بيان عن البيت الأبيض، في سبتمبر 2016، طالب بإسقاط جميع التهم المنسوبة لها وإطلاق سراحها.
وفي كلمة له بمناسبة مرور 100 يوم على توليه الرئاسة في الولايات المتحدة، قال ترامب إن الإفراج عن «آية حجازي» بعد ثلاث سنوات قضتها في السجون المصرية، واحد من إنجازات إدارته، بعدما عجزت إدارة سلفه عن فعل ذلك.
وأضاف: «السيسي والقضاء استجابا لطلبي فورا»، وعبر عن فخره بهذه الخطوة، التي تمت بهدوء.
وتحصل مصر على مبلغ ثابت سنويا من الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1978, حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت؛ جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.