طالبت 11 منظمة ومجموعة حقوقية الحكومة المصرية بتعليق العمل بعقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة بمناسبة اليوم العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، مؤكدين أن مصر تشهده مؤخرا انتشارا غير مسبوق لانتهاكات حقوق الإنسان، والمحاكمات ذات الطبيعة السياسية، والسهولة التي تميز إصدار أحكاما مطولة بالسجن، والإعدام في المحاكم المصرية.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية، فإن ثلثي بلاد العالم اليوم، حسمت موقفها من عقوبة الإعدام ما بين الإلغاء التام، أو تعليق ممارستها. وهو ما جعل البلدان التي ما زالت تحتفظ بعقوبة الإعدام في القانون والممارسة في منزلة الأقلية بين دول العالم.
على الرغم من أن مصر تأتي ضمن هذه الأقلية، فإنها لم تحتل تاريخيا، وحتى وقت قريب، مكانة متقدمة في قائمة البلدان التي تبالغ في استخدام عقوبة الإعدام. غير أن هذه المكانة تغيرت تغيرا حادا منذ بداية 2014.
وقال المنظمات- في بيان لهم الإثنين-: “ثمّة أسبابٌ عدة يمكن أن تؤدي إلى إجهاض العدالة والاتهام والإدانة الخاطئة، وتوجد حالات كثيرة موثّقة لمثل هذه المظاهر من إجهاض العدالة في دول ديمقراطية بقدر وجودها في دول استبدادية. تتراوح هذه الأسباب من الفساد أو سوء السلوك على أيّ من مستوى التحقيق، والملاحقة والمقاضاة، إلى مجرد الخطأ البشري الذي لا يمكن تجنّبه”.
وتابع البيان: “تتفاقم جميع هذه الأسباب بصورة هائلة بحكم الوضع الحالي في مصر؛ إذ يزداد العنف السياسي والتهديدات الأمنية؛ وعدم استقرار الأوضاع في سيناء؛ وتسييس مؤسسات العدالة الجنائية السريع بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث. تلك العوامل التي اجتمعت لتسوق أعدادا غفيرة إلى السجون، وإصدار أحكام مشددة في محاكم سريعة غير متقنة، وفيض من أحكام الإعدام العاجلة”.
وأكمل: “لقد بلغت أوضاع حقوق الإنسان في مصر، خاصة فيما يتعلق بحقوق المعتقلين والمدافعين، أسوأ الحالات تاريخيا على مدى السنوات الثلاث الماضية. من ناحية أخرى، ارتكب القضاء المصري أكثر الخروقات والانتهاكات جسامةً للإجراءات الأساسية في تاريخه الحديث على مدى السنوات الثلاث الأخيرة وحدها”، مشددين على أن تعليق عقوبة الإعدام في مصر بات أمرا ذا أهمية قصوى، على الأقل حتى إجراء تحسينات وإصلاح حقيقي في نظام العدالة الجنائية الذي وصفوه بالمضطرب.
ووقع على البيان كل من، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز هشام مبارك للقانون، ومجموعة لا للمحاكمات العسكرية، ومجموعة ضد الإعدام.
وأكدت منظمة هيومن رايتس مونيتور (جهة حقوقية مستقلة) أن مصر تتصدر أعلى معدلات أحكام الإعدام السياسية، مشيرة إلى أن القضاء المصري أصدر أحكاما بالإعدام ضد ما يقرب من ألفين معارض، رغم المناشدات الدولية المختلفة لإلغائها.
وقالت الجهود المضنية لمناهضة عقوبة الإعدام تعزز احترام حقوق الإنسان، كونه أهم حق من حقوق الإنسان هو حقه في الحياة، وعقوبة الإعدام اعتداء صارخ على الحق في الحياة، لافتة إلى أن التحالف العربي لمناهضة عقوبة الإعدام حقق إنجازا مهما في هذا المجال يتمثل بكسر حاجز الصمت حول عقوبة الإعدام بمعنى أصبح الحديث حول هذا الموضوع يتم بصراحة ووضوح أكثر من أي وقت مضى بعد أن كان الحديث فيه من قبيل المحرمات.
وتابعت- في بيان لها الإثنين-: “منذ عام 2007 بدأت المنظمات في مراقبة أحكام الإعدام في مصر وإصدار تقارير سنوية حول عقوبة الإعدام في الدول التي رفضت وقف أو تعليق العقوبة، ففي 2007 أصدرت العفو الدولية تقريرا عن صدور أكثر من 40 حكما بالإعدام في مصر، إلا أنه وفقا لتقرير المنظمة هذا العام لم تستطع رصد الأحكام التي نُفذت بالفعل نتيجة المعلومات الشحيحة فيما يتعلق بتلك العقوبة في مصر”.
وأشارت إلى أنه بحلول عام 2008 صدر ما لا يقل عن 87 حكما بالإعدام، بينما نفذ ما يقرب من 20 حالة بالفعل، ورصد تقرير عام 2009 إعدام 5 وصدور أحكام ضد ما لا يقل عن 269 بالإعدام.
وأردفت “مونيتور”: “بات واضحا أن السلطات في مصر تكرث مبدأ اللا قانون خاصة في ظل الانحياز السياسي للسلطات القضائية والذي ينفي عنها صفة المحايدة والعدالة، كما أن الحكم بمثابة جريمة جديدة ترتكبها السطات المصرية في حق المواطنين الأبرياء، وذلك باستخدام الأحكام الجائرة التي تغيب فيها قيم العدالة وسلامة اجراءات التقاضي”.
وأكملت: “بمثل تلك الأحكام تعود مصر لعصور متأخرة مع تزايد أحكام الإعدام مؤخرا التي قد تحصد أرواح الأبرياء دون أدنى اكتراث بالحق في الحياة أو بالمُعاناة التي تعيشها أسر الضحايا، حيث تُعد أحكام الإعدامات العشوائية جريمة جديدة من جرائم السلطة القضائية في مصر، والتي تعمل تحت مرأى ومسمع الدولة بل وبدعم كامل منها”.
وناقش البيان “مدى تطور أداء المحاكم المصرية في الاعتماد على أحكام الإعدام، خاصة مع القضايا السياسية التي تصدر مؤخرا في قضايا مُلفقة تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير القانونية وتفتقر إلى العدالة الجنائية، بحق معارضين للسلطة في مصر”، مؤكدا أن تلك الأحكام “أحكاما باطلة غلب فيها الطابع السياسي الانتقامي على العدالة”.
وطالبت “مونيتور” بإعادة محاكمة المتهمين الذين لم يثبت ضدهم أي من التهم، وذلك أمام محاكم عادلة وفقا للقانون الدولي، مناشدة المجتمع الدولي بتسليط الضوء على انتهاكات القضاء في مصر وعدم قبول تمرير وتنفيذ تلك الأحكام المسيسة التي تستهين بالحق المقدس في الحياة وتهدره بلا أدنى حق.
وأوضحت أن أحكام الإعدام تجاوزت 1840 قرارا بالإحالة إلى المفتي، وذلك في 44 قضية، صدر فيهم 791 حكما بالإعدام، بينهم 7 تم تنفيذ الحكم فيهم بالفعل والباقي (784) مازالت قضايا قيد النقض.
