يحيى عقيل يكتب:السادس من أكتوبر بين أفراح التحرير وآلام الواقع

سيظل السادس من أكتوبر, الحدث الأكثر إيجابية في تاريخ الأمة العربية علي مدار القرن العشرين أو قبله بقرن. حدثٌ انتصرت فيه الأمة على نفسها بالاتحاد، فكانت الوحدة واقعا من حيث مشاركة القوات العربية من معظم الدول, وكانت الوحدة ظاهرة في المواقف السياسية, وكانت الوحدة ظاهرة في تعاطف الشعوب وانشغالها واهتمامها بالمعركة ونتيجتها، في هذا اليوم انتصر العرب لكرامتهم, وقاتل العرب في يوم واحد في جبهتين وبتنسيق نشعر بقيمة فقده الآن.

وأرى أن محاولة التقليل من نصر أكتوبر, سواءً في أحداثه العسكرية ونتيجته على الأرض أو في الأثر المعنوي الذي تركه والنقلة التي أحدثها في الشعور بالذات والقدرة على تحقيق الانتصار لدى العرب عموما، وما أحدثته من عثرة في وجه الرغبة الصهيونية الجامحة في التوسع على حساب دول المنطقة جغرافيا وكسر هالة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر هي محاولة تضر بالأمة وتصب لصالح إسرائيل.

إن محاولة التقليل هذه تفقد الأمة أهمَ حدثٍ صنعته في تاريخها, فضلا عن أن تقوم بمحاولات لصناعة انتصارات في ميادين أخرى. وبكل وضوح, إن الذين يشيعون أجواء التشكيك حول النصر أو يقللون من أهميته يصبون في مصلحة أعداء الأمة لا في مصلحتها, وإن أظهروا غير ذلك, فالأفضل لنا أن نقول إننا انتصرنا, بل قادرون على صناعة انتصارات أخرى أكبر حجما وتأثيراً.

تأتى ذكرى السادس من أكتوبر تحمل لأهالي الأرض المحررة معاني كسر القيد وعودة الكرامة والانفكاك من معاناة الاحتلال، إنه يوم النصر والكرامة الوطنية رفرف فيه العلم, وحُرر الأسير, ورجع الغائب وتحققت أمنية الشهيد. وبعد أربعين عاما كاملة استيقظ أصحاب الأرض المحررة على أصوات الجرافات تجرف أراضٍ زراعية, وتهدم مبانٍ سكنية, وعلى أصوات الطائرات تضرب عن قصد وعن غير قصد إرهابا كان محتملا فأصبح لا يحتمل, وعدوا صنعته قيادة الجيش من أبناء الوطن, وهم يعلمون خطر مايقومون به، فإذا بالجيش الذي انتصر بالأمس للشعب والأرض من العدو الاسرائيلي يقاتل اليوم ذات الشعب الذي انتصر له, ويجرّف ذات الأرض -التي أريقت دماء أبنائه عليها – من أجل حماية أمن اسرائيل.

المواطن السيناوي اليوم ينظر إلى جيشه فيرى بوناً شاسعاً بينه فى 1973و٢٠١٦ ؛ ففى الأولى كان يحمي الشعب من إسرائيل, وفى الثانية يحمي إسرائيل من احتمال تهديد الشعب لها!

انقلابٌ حدث فى كل شئ فى عقيدة هذا الجيش وسلوكه, فى أمن الناس وحياتهم, فى مستقبل هذه البلاد واستقرارها, انقلاب بدّل الأمن خوفا, والحب كراهية, والسعة ضيقًا, والانتماء عداوة .. إنه الفارق بين 1973و٢٠١٦

عضو مجلس الشورى عن محافظة شمال سيناء – مصر

شاهد أيضاً

شعبان عبد الرحمن يكتب :وقفة مع نتائج انتخابات الكويت الطلابية

للعام الـ45 على التوالي، تفوز القائمة الائتلافية (تيار الإصلاح ومؤيدوهم) بانتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، …