يحيي عقيل يكتب: بشرى .. انتقل إلى السجن!

أشياء كثيرة تُفرح الإنسان, يعرفها الناس عنه, فإذا حدثت حملوا له البشرى، لكن أن تكون البشرى أن ابنك او أخاك انتقل إلى سجن وادي النطرون، ثم تجد الأهالي يفرحون بذلك ويسارع الكل ليكون مصدرا للخبر السعيد فيبلغ به الأحباب والأصحاب؛ فهي من مآسي الزمن؛ رمي بها أهل مصر واختص سيناء بالجزء الأكبر منها.

فمن زار مركز اعتقال “العزولي” أو التقى أحد نزلائه الذين خرجوا منه, وسمع عن المآسي التي تتم فيه, يعلم جيداً أن الانتقال إلى السجن خبر يستحق أن نبشر به الأحباب والأصحاب.

 فيكفي أن يكون عدد المحتجزين ٥٠ فردا في غرفة مساحتها ٤٨ مترا مربعا، وأن الذهاب للحمام مرتين فقط في اليوم؛ مرة صباحاً ومرة مساءاً, ولمدة خمس دقائق فقط في المرة, ويُمنع النزيل من الاستحمام أو استخدام أدوات التنظيف، حتى أنه عندما خرج أحد النزلاء رفض السائقون حمله الى بلدته في سياراتهم لفظاعة منظره؛ شعر طويل, ولحية طويلة وجسم أصابه الهزال.

وزِد علي ذلك حفلات ضرب وإهانة صباحية وأخري مسائية, وزيارات منعدمة، وأبواب لا تفتح إلا للحمام صباحا ومساءاً فقط ، أضف إلى ذلك أن من يخرج من “العزولي” أغلبهم يخرج إلى مستشفي الجامعة أو إلى المقابر، فكل نزيل ينتظر دوره؛ إما ظهور مرض ينقله إلى المستشفي أو موت ينقله إلى المقبرة.

من هنا كانت الفرحة والبشرى بالانتقال إلى السجن العمومي.

قال رجل لزوجته: لقد خرجت من العزولي .. أنا الآن أتنفس الهواء من شراعة باب كبيرة بعد أن كنت أتنفس من تحت عِقب الباب أو بأوراقٍ يحركها إخوتي السجناء قريباً من وجهي.

وبنفس الدرجة من السرور تحمل الزوجة البشرى إلى أهله وأحبابه.

يا بشرى .. انتقل الي سجن عمومي..

حالةٌ تختصر مشهد السجناء في العزولي

تحت يد جلاد مجرم بلا قلب ولا عقل.

ولن تصلح دولة أيا كانت إذا كانت هذه قيمة الإنسان عندها؛ تسحق كرامته, وتضيع حقوقه, كما في العزولي..

العزولي مقبرة الأحياء..

لكم الله يا أهل العزولي وَيَا أهل سيناء.

 وإلى الله المشتكى.

…………………….

عضو مجلس الشورى عن شمال سيناء – مصر

شاهد أيضاً

د إسماعيل علي يكتب : حقٌّ يأبى النسيان رئاسة الرئيس مرسي، وحكم الانقلاب عليه

خلال زيارة وزير الخارجية التركي، “مولود تشاووش أوغلو” إلى مصر، أمسِ 18/3/2023، اصطحبه “سامح شكري” …