إسرائيل تحرم ثلث أطفال غزة من حق العلاج

يوم بالبيت ويومان بالمستشفى” هذا هو حال الطفلة أروى الدرديسي، التي تعاني “وضعا صحيا مضطربا وغير مستقر”، جراء منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي سفرها من غزة للوصول إلى مستشفى إسرائيلي أجرت فيه مطلع العام الجاري عملية جراحية دقيقة.

في يناير من العام الجاري خضعت أروى (6 أعوام) لعملية جراحية في مستشفى إسرائيلي، لعلاج مشكلات صحية في القلب والكلى، تعاني منها منذ الولادة، وتحتاج إلى إمكانيات طبية متقدمة لا تتوفر في المستشفيات الفلسطينية.

ومنذ ذلك الحين، حصلت أسرة الطفلة أروى من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة على 9 مواعيد من المستشفى من أجل المراجعة ومتابعة العلاج، غير أنها اصطدمت بما وصفه والدها حمدان للجزيرة نت بـ “المماطلة الإسرائيلية”.

حياة معلقة

يقول حمدان -والد الطفلة أروى- إن جميع طلبات الحصول على تصريح إسرائيلي للمرور عبر معبر بيت حانون “إيرز” للوصول إلى المستشفى، ظلت معلقة تحت بند “قيد الدراسة”، وينقضي موعد المستشفى من دون رفض أو قبول للطلب.

وولدت أروى مع مشكلات صحية تعاني منها جراء ثقب في القلب وخلل في الكلى، وتعيش أسرتها قلقا لا يفارقها خشية على حياتها، وبحسب والدها فقد طلبت الأسرة مساعدة المستشفى الإسرائيلي ومنظمات حقوقية للحصول على تصريح من أجل العلاج، ولكن من دون جدوى.

آلاف الأطفال المرضى في غزة من أمثال أروى “أرواحهم معلقة بين الحياة والموت”، جراء سياسات الاحتلال، وبحسب “جمعية أطباء لحقوق الإنسان” -وهي منظمة حقوقية إسرائيلية غير حكومية- فإن العام الماضي شهد تضاعفا لرفض سلطات الاحتلال طلبات الأطفال القصر في الخضوع لعلاج طبي بمستشفيات القدس الشرقية، والضفة الغربية، والأردن.

جود (6 سنوات) كانت أفضل حظا من أروى، وتقول والدتها تهاني العمرين -للجزيرة نت- إنه بعد رفض إسرائيلي 4 مرات، صدر لها الشهر الماضي تصريح

للوصول إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس بالضفة الغربية، حيث تعالج من مرض سرطان الدم.

واكتشفت أسرة جود إصابتها بالسرطان وهي طفلة بعمر الثالثة، وحصلت على “تغطية مالية” من السلطة الفلسطينية لتلقي العلاج في مستشفى النجاح، لعدم توفر “بروتوكول العلاج” لغالبية أمراض السرطان والأمراض المستعصية في مستشفيات غزة.

ووصفت تهاني رحلة العلاج خارج غزة بـ”الشاقة”، وقالت: “المريض في غزة يعاني الألم، وأهله يعانون قلقا دائما للحصول على تصريح وإتمام إجراءات الوصول إلى المستشفيات خارج غزة”.

قتل مرضى

أظهرت بيانات رسمية حديثة حصلت عليها جمعية “أطباء لحقوق الإنسان” أن نسبة رفض طلبات الأطفال القصر لغرض تلقي الرعاية الطبية غير المتوفرة في مستشفيات غزة قفزت في عام 2021 إلى 32%، إذ رفضت سلطات الاحتلال أو ردت 812 طلبا من أصل 2578 طلبا، فيما كانت نسبة الرفض 17% عن الفترة نفسها من عام 2020.

وعزت الجمعية الحقوقية الإسرائيلية، التي تقدم العون لمرضى غزة في الحصول على تصاريح لغرض العلاج، ارتفاع نسبة الرفض، إلى التشديد في السياسات الإسرائيلية المتعلقة بإصدار تصاريح الخروج للمرضى الغزيين لعدة أسباب، من ضمنها: القيود التي فرضتها إسرائيل بسبب جائحة كورونا، والحرب على غزة في مايو 2021.

ومن بين أهم أسباب الرفض التي أوردتها الجمعية في بيانها، رفض إسرائيل السماح لأولياء أمور الأطفال المرضى بمرافقتهم أثناء خضوعهم للرعاية الطبية.

وفي مثل هذه الحالات، يطلب من القاصرين المرضى الذين لا يسمح لهم بالخروج من غزة لتلقي الرعاية الصحية في الموعد الذي حددته لهم المستشفيات، استبدال مرافقيهم، وهؤلاء في الغالبية لا يكونون أقرباء من الدرجة الأولى، كما يطلب إليهم إعادة تقديم طلبهم للنظر فيه من قبل السلطات الإسرائيلية.

ونسبت الجمعية للمتطوع فيها، الدكتور أورن لاهك، وهو أخصائي علم

 الطبي، ورئيس مشارك في الجمعية الإسرائيلية للأطباء النفسيين، قوله إن الفصل بين القاصر ووالديه في فترة وجوده في المستشفى “تحول بين الوالدين وتوفير الإسناد العاطفي في أوقات صعبة، وهذا الإسناد ضروري لبناء شعور الثقة الذي جبل عليه الطفل، كما أنه ضروري للنمو البدني، والعاطفي، والاجتماعي، والمعرفي الذي يتلو العلاج”.

وقالت مديرة قسم الأراضي المحتلة في الجمعية غادة مجادلة، “يستمر الإغلاق المفروض على قطاع غزة منذ 15 عاما، وينغص حياة الملايين، ويكلف أثمانا في الأجساد والأرواح”.

وأكدت أن “إسرائيل شريكة في جريمة خطيرة ومتواصلة، وإلحاق الأذى بالمرضى، وخصوصا القاصرين منهم، وهذا ليس سوى واحد من المظاهر شديدة الخطورة لهذا الحصار”.

وقالت مجادلة “على إسرائيل أن تتيح لجميع الأطفال الذين يتم تحويلهم للخضوع لعلاجٍ طبي خارج قطاع غزة الوصول إلى العلاج في الوقت المحدد، على أن تضمن مرافقة أحد الوالدين، على الأقل، للقاصر، أثناء خضوعه للعلاج الطبي”.

انتهاكات جسيمة

وقال رئيس “الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” الدكتور صلاح عبد العاطي -للجزيرة نت- إن إسرائيل تمعن في تعذيب مرضى غزة، خاصة الأطفال منهم، وترتكب بذلك انتهاكات جسيمة لاتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقات الدولية وأهمها اتفاقية جنيف والبروتوكول الأول الملحق بأحكامها.

واستنادا لبيانات رسمية لدى الهيئة، أوضح عبد العاطي أن سلطات الاحتلال رفضت 56% من طلبات الحصول على تصاريح من أجل العلاج خارج غزة.

وقال عبد العاطي إن الواقع المتدهور في غزة بحاجة إلى تدخل دولي جاد وفاعل يحول دون مساعي إسرائيل الهادفة إلى “مأسسة الحصار”، والضغط الحقيقي من أجل إنهاء معاناة مليوني فلسطيني جراء هذا الحصار المتواصل.

 

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتمد على برنامج “واتساب” لجمع المعلومات وارتكاب المجازر بغزة

 ندد المركز الشبابي الإعلامي “الفلسطيني”، الخميس، باستخدام الاحتلال الإسرائيلي لبرامج الذكاء الصناعي في ارتكاب المجازر …