“الجيش الأبيض”.. هكذا دمر السيسي خط دفاعه الأول أمام كورونا؟

فيما يستنفر العالم طاقته، ويحشد قوته لمواجهة الخطر الداهم، بانتشار فيروس كورونا الذي حصد وما زال يحصد آلاف الأرواح حول العالم، ظهرت قيمة وجود منظومة صحية قوية داخل الدولة، خاصة في بلد مثل مصر تعداد سكانها يزيد على الـ100 مليون نسمة، ووصل عدد ضحاياها من كورونا حتى 23 مارس آذار 2020، إلى 366 إصابة، و19 حالة وفاة، طبقا للإحصائيات الرسمية، التي يشكك فيها الكثيرون.

مع تفشي الفيروس في مصر بدأت تظهر معاناة الطواقم الطبية، وبدأ الأطباء في إطلاق المناشدات والتحذيرات إلى الحكومة ووزارة الصحة، لسد الاحتياجات الأساسية من المستلزمات الطبية، وحمايتهم من الفيروس، في ظل حالة تخبط عشوائية تعرض حياتهم للخطر، وتقلل من فرص نجاتهم من العدوى بكورونا أمام موجة الوباء المتوقعة.

التضحية بالأطباء

في 20 مارس/ آذار 2020، بث أحمد كامل، وهو طبيب بقسم العناية المركزة في مستشفى بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة (وسط)، فيديو على صفحته الشخصية بفيس بوك، فضح فيه إجراءات وزارة الصحة، فيما يخص الطواقم الطبية، المتعاملة مع فيروس كورونا، واصفا الأمر بـ”بالمأساة الحقيقية”.

المقطع بثه الطبيب بعد تسجيل أول حالة إيجابية لكورونا بمستشفى بولاق الدكرور العام، وهو ما استدعى الطبيب للتصريح بأن “وزارة الصحة لا توفر للطواقم الطبية إجراءات الفحص السليمة والإمكانات اللازمة وطرق التوعية والحماية والإخطار اللازم بالحالات المرضية التي يتم التعامل معها وتفاصيلها”.

وقال كامل: “الحالة تم نقلها من مستشفى الشروق بالهرم، بعدما تم تشخيصها (جلطة بالمخ)، وبعد 5 أيام تدهورت، ووضعت على جهاز تنفس صناعي، وبعد فحصها تبين أن التشخيص (كورونا)، لتموت بعد ذلك بساعات قليلة. حاولنا التواصل عدة مرات بجميع الجهات المختصة بالوزارة دون جدوى”.

الطبيب قال: “يتم التضحية بنا (الأطباء) من قبل الوزارة. الدكتور الأخصائي يبكي في منزله منعزلا، خائفا على أسرته من نقل العدوى إن كان قد أصيب بها، وطاقم التمريض، في حالة يرثى لها خشية إصابتهم بالعدوى ونقلها لأسرهم”

ووجه كامل دعوة إلى وزارة الصحة للوقوف مع الشعب في هذا الظرف العصيب الذي ينتشر فيه وباء كورونا، وطالب بمعاملة كل الحالات كأنها حالة كورونا حتى يثبت عكس ذلك لكيلا ينتشر المرض بين المتعاملين مع المصاب

 

نذر كارثة

المخاطرة بحياة الطواقم الطبية في مصر في ظل الأزمة القائمة، لم يقف على التقصير في التشخصيات والتحاليل اللازمة، ولكن في نقص المستلزمات الطبية، وخاصة “الكمامات” للوقاية من الفيروس.

ورغم ذلك النقص الرهيب، فاجأت الحكومة الجميع في 22 مارس/ آذار 2020، بإرسال طائرة شحن تابعة لشركة مصر للطيران، إلى مطار مالبينسا بإيطاليا تحمل مستلزمات طبية منها (مليون كمامة)، لمساعدة إيطاليا في مواجهة كورونا، وهو ما أثار حالة من الغضب والسخط خاصة بين الأطباء في مصر.

الطبيب طاهر مختار، كتب على صفحته بفيسبوك، قائلا: “في حالة وباء عالمي، أكبر خدمة تقدمها للإنسانية هو إنك تحاصر المرض عندك، مش تبعت ماسكات برة وأنت الدكاترة عندك مش لاقية ماسكات وده بينذر بكارثة! تغيير الماسك للفريق الطبي كل 4 ساعات هو ضرورة ملحة، وإلا الماسك في حد ذاته هيعتبر مصدر للعدوى”.

كذلك كتبت الطبيبة إسراء خطاب “أنا مش هقول دي كارثة..دي قلة أدب! ساحبين الكمامات من المستشفيات ومن السوق، والدكاترة حتى مش عارفين يجيبوا على حسابهم، ورايحين تتفشخروا بيها في إيطاليا!”

وأضافت: “ده استهتار بحياة الكوادر الطبية.. انتوا مش مستوعبين إن الكارثة الحقيقية إن الأطباء يتعدوا؟ أولا هيبقوا ناقل متحرك للعدوى واللي بيعالجوهم، وثانيا هتعملوا إيه لما يبقى عندكم عجز في الأطباء زي إيطاليا؟”.

 

انا مش هقول دي كارثة.. دي قلة أدب!!!ساحبين الكمامات من المستشفيات ومن السوق،، و الدكاترة حتى مش عارفين يجيبوا على…

Posted by Esraa A. Thakeb on Saturday, March 21, 2020

ومع مخاوف انتشار فيروس كورونا، زاد الإقبال على الكمامات الواقية في مصر، الأمر الذي أدى إلى نفاد هذه المنتجات من صيدليات كثيرة وارتفاع أسعارها بشكل كبير، كما تحايل المواطنون على نقص الكمامات في السوق بعمل كمامات من القماش والمناديل الورقية.

وفي 20 مارس/ آذار 2020، وعبر صفحتها بفيسبوك، ناشدت مستشفى “تلا” المركزي العام بمحافظة المنوفية (شمالا)، المواطنين، التبرع لسد الاحتياجات الناقصة من المستلزمات الطبية.

وحددت المستشفى متطلباتها بالآتي “جوانتي لاتكس – كمامة جراحية عادية – كمامة جراحية عالية الكفاءة – جاونات أحادية الاستخدام – غطاء رأس – كلور تركيز 5٪ – كحول 70٪ – فنيك – أحذية برقبة – مناديل ورقية بكر – صابون سائل”.

نقص قاتل

نقص المستلزمات الطبية، ليس وحده المخيف في أزمة مواجهة فيروس كورونا داخل مصر، فمع اشتداد المرض ووصوله إلى مراحل متأخرة، لا بد من وجود وحدات رعاية مجهزة، وأسرة لاستيعاب المرضى، فيما تعاني الدولة من نقص حاد في تلك الاحتياجات.

في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019 أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) النشرة السنوية لإحصاءات الخدمات الصحية لعام 2018، وذكر تراجع عدد الأسرة بالمستشفيات الحكومية إلى 95 ألفا و683 سريرا، مقابل 96 ألفا و111 سريرا عام 2017 بانخفاض بلغت نسبته 0.4%، بالإضافة إلى انخفاض عدد الأسرة بالمستشفيات الخاصة بنحو 661 سريرا ما بين عامي 2018 و2017 بانخفاض بلغت نسبته 1.8%.

كما تم رصد تراجع عدد مراكز الإسعاف، إذ بلغ إجمالي عدد مراكز الإسعاف 1464 مركزا عام 2018، مقابل 1774 عام 2017 بانخفاض بلغت نسبته 17.5%.

أما أبرز المؤشرات الواردة في البيانات، هي تراجع عدد الأطباء بالقطاع الحكومي عام 2018 إلى 113 ألفا و305 أطباء، مقابل 124 ألفا و871 طبيبا عام 2017، بنسبة تراجع بلغت 9.3%.

وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، قال الدكتور أحمد محيي مساعد وزيرة الصحة لشؤون المستشفيات: “مصر بها 120 ألف طبيب، منهم 60 ألفا خارج مصر يعملون في الدول العربية، و60 ألفا يخدمون 100 مليون مصري”

وفي 24 أغسطس/ آب 2019، تقدم الدكتور محمد فؤاد عضو البرلمان، بطلب إحاطة إلى مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، بشأن ارتفاع نسبة الاستقالات بين الأطباء مؤخرا.

وقال: “منظمة الصحة العالمية ذكرت أن الحد الأدنى لعدد مقدمي الرعاية الطبية هو 3.4 إلى كل ألف مواطن، إلا أنه في مصر وصل عدد مقدمي الرعاية الطبية إلى 2.2 إلى كل ألف مواطن في مصر”

وذكر في إحاطته: “ما زاد الأمر سوءا بالنسبة للمحافظات الأخرى خاصة المناطق النائية هو سوء توزيع الأطباء حيث بلغت نسبة الأطباء المستقرين في القاهرة 45% من عدد الأطباء، فهناك 450 وحدة صحية بالريف والصعيد لا يوجد بها طبيب أي هناك نحو 1500 قرية مصرية محرومة من الرعاية الصحية”

تلك الأرقام والإحصائيات الرسمية، تؤكد أن نقص عدد الأطباء، والرعايات، والأسرة ينذر بكارثة حقيقية، إذا تفشى الوباء في مصر على غرار إيطاليا وإيران.

في 22 مارس/ آذار 2020، قال عبد الفتاح السيسي: إن “العالم يبذل جهودا كبيرة للسيطرة على فيروس كورونا” وأشار إلى أن “الدولة المصرية رصدت 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات هذا الفيروس منذ بداية ظهوره”، وعقب: “خصصنا هذا المبلغ واتقال هيتجاب منين.. مصر مش دولة قليلة”

لكن ما أعلنه السيسي دحضه الواقع، حيث كتب الطبيب في معامل وزارة الصحة محمد بسيوني، على فيسبوك قائلا: “أنا دكتور في معامل وزارة الصحة، وللأسف كمان قسم فيروسات، وأقسم بالله مالاقين ولا كمامة، وللأسف مش لاقين بره نشتري على حسابنا”

ومن مستشفى “المطرية” التعليمي بالقاهرة، كتب الطبيب المصري مؤمن عبدالعظيم، عن الوضع المتدهور داخل المستشفيات، قائلا: “في جروبات الأطباء.. الوضع المتخيل مرعب.. وكله خايف من الإعصار اللي جاي ومش عارف حتمشي الدنيا إزاي في مصر”

مضيفا: “لا في فرق اتقسمت.. ولا تدريب.. ولا في إمكانيات.. وفي دكاترة وتمريض مش لاقيين جوانتيات ولا ماسكات متوفرة بصورة كافية.. دكتور بيحكي أنه ماشي طول اليوم بماسك واحد بس عشان مفيش كمية كافية.. واحد تاني بيقول في محافظتنا كل الرعايات أصلا مليانة اللي هم 1000 سرير.. لو الدنيا فلتت حنعمل إيه مع الحالات .. حد عنده خطة!”

وختم تدوينته بالقول: “واحد تاني بيقول في حالة في الرعاية ماتت وبعد ما ماتت ظهرت نتيجة التحليل بوزيتيف (إيجابي) والتمريض عمال يلطم والدكاترة عاوزين يحللوا عشان لو حد اتعدي يعزل نفسه”.

نقلا عن موقع “الاستقلال”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …