د. خالد سعد النجار

الصيام وتربية النفوس على الصبر

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: الله تعالى جعل الصبر جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وجنداً غالباً لا يُهزم، وحصناً حصيناً لا يُهدم، فهو والنصر أخوان شقيقان، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد، ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد.

والصوم تجتمع فيه معاني الصبر الثلاثة: الصبر على ألم الجوع والعطش،

والصبر على المعاصي،

والصبر على الطاعات.

فالصوم خير مدرب للإرادة، وخير معلم للصبر، والصبر مدرسة يعد فيها الرجال فيجعلهم يألفون الشدائد ويتحملونها في سبيل كل نجاح وفلاح، وما قامت أي حضارة وما أحرز أي تقدم وازدهار إلا بالرجال الصابرين على المحن التي تعترض طريق النهضة. فالكسل والجزع عند أول عقبه لا ينتج إلا أجساداً مترهلة خاملة خائفة لا تعرف للرفعة سبيلا ولا للرقى طريقاً.

وصدق الشاعر إذ يقول :

والصبر مثل اسمه مر مذاقته     لكن عواقبه أحلى من العسل

 

ولذلك قيل في تعريف الصبر هو: تعويد النفس الهجوم على المكاره. وقال علي كرم الله وجهه: الصبر مطية لا تكبو. وقال الحجاج في خطبة له: اقرعوا هذه النفوس فإنها طلعة إلى كل سوء، فرحم الله امرءاً جعل لنفسه خطاماً وزماما فقادها بخطامها إلى طاعة الله, وصرفها بزمامها عن معاصي الله، فإن الصبر على محارم الله أيسر من الصبر على عذابه.

فالصبر كله خير وكله ضياء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رزق عبدٌ خيراً له ولا أوسع من الصبر» (1)،  وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أفضل عيش أدركناه بالصبر. 

  • رواه الحاكم عن أبي هريرة (صحيح) انظر حديث رقم:  5626 في صحيح الجامع. ‌

شاهد أيضاً

د علي محمد الصلابي يكتب :ليلة النصف من شعبان.. أحكام وفضائل

حرص السلف الصالح أشد الحرص على الأوقات، خصوصا فيها الأعمال التي حباها الله تعالى بمزيد …