بعد سلسلة تشريعات أباحت شرب الخمر والردة: هل تصطدم الحركة الإسلامية السودانية باليساريين والعسكر لتعديهم على الشريعة؟

عقب انقلاب أبريل 2019 ضد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، وتولي خليط من اليساريين والعسكر الحكم، تمت إعداد “وثيقة دستورية”، أغفلت النص على الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع على غرار ما كان قائماً حتى دستور 2005، وبرغم “شو إعلامي” من جانب المتحدث باسم المجلس العسكري، الفريق الركن شمس الدين كباشي، فضح فيه قادة الاحتجاج، واتهمه في مؤتمر صحفي بإقصاء الشريعة كمصدر للتشريع، في الاقتراحات التي قدّمتها بشأن المرحلة الانتقالية المقترحة، فقد وافق المجلس العسكري على الوثيقة، 4 أغسطس 2019، وعلى إقصاء الشريعة منها.
ولأنه لا مجال للشريعة في هذه الفترة الانتقالية في الوثيقة الدستورية، فقد سعى اليساريون الذين يشكلون حكومة السودان باسم “قوى الحرية والتغيير”، مؤخراً، لتمرير سلسلة تشريعات مخالفة للشريعة، مثل إباحة شرب الخمر وإباحة الردة، فضلاً عن إلغاء قوانين تتعلق بزي المرأة المحتشم.
حيث صادق رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، على حزمة تعديلات قانونية ألغى بموجبها حد الردة، وأباح شرب الخمر لغير المسلمين، وألغى تحديد زي المرأة، وأقر تجريم ختان النساء، وسمح لهن باصطحاب أطفالهن في السفر بدون إذن الزوج.
دعوة لإسقاط الحكومة لتعديها على الشريعة
لذلك استنفرت “الحركة الإسلامية” بالسودان قواعدها، ودعت الشعب للخروج للتظاهر وإسقاط حكومة عبدالله حمدوك اليسارية التي تحكم البلاد بالتعاون مع المجلس العسكري بعدما قامت بإلغاء قوانين تمس بأحكام الشريعة الإسلامية، مؤكدة أن الشريعة خط أحمر، وأن حبل الصبر الذي تمسكت به الحركة الإسلامية قد وصل إلى نهايته.
وتشير تقديرات إلى تجاوز عضوية الحركة مليوني شخص، وينقسم التيار الإسلامي في السودان إلى 3 قوى رئيسة قادرة على الحشد والتأثير على الرأي العام في البلاد، وهي حزبا المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، والمؤتمر الشعبي (حزب الترابي)، وجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم جميعاً يشكلون تيار “نصرة الشريعة ودولة القانون”.
وبسبب إقصاء اليساريين في قوى الحرية والتغيير للإسلاميين ورفض العسكر مشاركة اسلاميي الحزب الحاكم في أي مفاوضات وتحفظ باق القوى الإسلامية على الوثيقة الدستورية خصوصاً عدم تضمنها مادة الشريعة الإسلامية، بات الطرف الأكثر حركة هم الإخوان والسلفيين وحزب الترابي السابق.
ونشر الناطق الرسمي باسم الحركة بياناً عبر حسابه بسلسلة تغريدات على “تويتر”، وأعادت الحركة نشره كاملاً على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أكد فيه دعوة “الحركة” القوى الإسلامية للخروج السلمي لإسقاط حكومة قوى الحرية والتغيير بكل الوسائل المشروعة.
وقالت الحركة، في البيان: “إلى عضوية الحركة الإسلامية، إلى كل الغيورين على دينهم، انكشف الآن زيف هؤلاء العُملاء، وأسقط الله كل سترٍ حاولوا التخفّي وراءه، وفضح مكرهم، فاللهَ اللهَ في دينكم وأعراضكم، ولا عذر لقاعدٍ بعد الآن، هذا بلاغٌ للناس وليُنْذروا به، وقد أعذر من أنذر؛ (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فأولئك هُمُ الْكَافِرُونَ)”.
ووجهت الحركة التي أسسها الشيخ حسن الترابي تحذيراً إلى “الحكومة الانتقالية” بشقيها المدني والعسكري من المضي قدماً في تنفيذ قراراتها وتعديلاتها، في إشارة لإعلان وزير العدل تعديلات على قوانين تمس الشريعة الإسلامية منها إسقاط التعذير بالجلد وشرب الخمر وإباحة الدعارة ووقف حكم الردة، وقال البيان: “فأمر الدين دونه المهج والأرواح”.
وقال البيان: “إلى جماهير الشعب السوداني المسلم، لقد تابعتم التجاوز الخطير الذي قامت به حكومة الفترة الانتقالية بمكوناتها المدنية والعسكرية في التغوّل على إرادة الشعب، والمساس بحقوقكم في التشريع بلا تفويض من مؤسسة دستورية منتخبة ولا تشاور ولا تداول عام في مخالفة واضحة للأعراف التشريعية وحتى تلك الوثيقة الدستورية التي صاغوها بأيديهم، وفاجؤوا الجميع بإصدار عدد من القوانين والتعديلات شملت قانون التعديلات المتنوعة (الحقوق والحريات الأساسية لسنة 2020م)، وتعديل القانون الجنائي لسنة 2020م، وقد تمّ فيهما إسقاط أحكام الشريعة الإسلامية التي أصبحت جزءًا من الإرث القانوني والدستوري منذ العام 1983م”.
وأضاف أن “هذه الحكومة فشلت في إدارة الدولة وتدبير معاش النّاس، وأدّت سياستها الرّعناء إلى تدهور اقتصادي غير مسبوق في تاريخ السودان، تبدَّى في شظف العيش وتدهور الخدمات وغلاء المعيشة، وجملة مؤشرات تنذر بانهيار شامل

شاهد أيضاً

هيئة دولية لمناصرة الغنوشي تضم 61 شخصية عربية وأجنبية بعد عام من اعتقاله

أطلق أكثر من 60 سياسياً ومفكراً عربياً وأجنبياً هيئة دولية لمناصرة راشد الغنوشي (82 عاماً) …