تأثيرات كارثية لظاهرة الاحتباس الحراري ..هل تتأثر مصر بأزمة تغير المناخ العالمي؟

حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في أحدث تقرير لها من تأثيرات كارثية لظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت إن الارتفاع العالمي في درجات الحرارة يتسبب في حدوث تغيرات سريعة وغير مسبوقة وفي بعض الحالات لا رجعة فيها في المناخ في كافة مناطق العالم. ويعد هذا أول تقرير عالمي تصدره الهيئة التابعة للأمم المتحدة منذ عام 2013، وهو أول تقرير يوضح بشكل قاطع أن النشاط البشري مسؤول “بشكل لا لبس فيه” عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

في حين لم يذكر اسم مصر على وجه التحديد في التقرير، إلا أنه اشتمل على تحذيرات كبيرة بالنسبة للمنطقة، فقد أوضح أن المنطقة من بين أكثر الأماكن عرضة للتأثيرات الناتجة عن تغير المناخ. نستعرض اليوم ما ورد في التقرير ونجمع البيانات لمعرفة حجم التأثيرات التي يمكن أن تتعرض لها مصر جراء ارتفاع حرارة الأرض.

بحسب ما جاء في التقرير “من المتوقع أن يكون البحر الأبيض المتوسط أحد أبرز النقاط الساخنة وأكثرها عرضة للتأثر بتغير المناخ”.

أضاف أنه يمكن القول “بثقة كبيرة أن الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة خلال الصيف بمنطقة البحر الأبيض المتوسط ستكون أكبر من المتوسط العالمي،” بنسبة يمكن أن تصل إلى 50%.

وسجلت درجات الحرارة اليومية في مصر ارتفاعا بنحو 1.3 درجة مئوية منذ عام 1960، فيما بلغ معدل الزيادة الحالي حوالي 0.4 درجة مئوية لكل 10 سنوات، وفقا لدراسة أجريت عام 2019 بمشاركة علماء من هيئة الأرصاد الجوية المصرية، والمركز القومي للبحوث وجامعة القاهرة ومعملين في باريس. وإذا كان الأمر كذلك، فقد أصبح الطقس بالفعل أكثر سخونة من المتوسط العالمي، وأسرع من المتوسط العالمي.

أما في حال عدم التحرك للحد من الانبعاثات، فقد تشهد مصر ارتفاعا سريعا في درجات الحرارة حيث يتوقع باحثون محليون أنه، في حال بذلت الجهود الجادة لتقليل انبعاثات الكربون، فإن ارتفاع درجات الحرارة في مصر سيتماشى مع بقية العالم. إلا أنه في أسوأ الحالات، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة القصوى بنسبة هائلة قدرها 5.6 درجة مئوية في أسوان بحلول عام 2090، و3.5 درجة مئوية في الإسكندرية.

وفي حال حدوث هذا السيناريو الافتراضي، فإن 80% من الأيام ستكون “شديدة الحرارة” في جميع أنحاء البلاد بحلول نهاية القرن الحالي، مقارنة بنسبة 10% حاليا.

حرص العلماء أيضا على التأكيد على أن سجلات البيانات الخاصة بدرجات الحرارة في مصر غير مكتملة، مما يجعل من الصعب إعداد نماذج دقيقة، وأشار التقرير إلى بيانات درجة الحرارة العالمية والسيناريوهات المستقبلية الموضحة في التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2014، والذي يحتاج الآن إلى التحديث في ضوء الدراسة الأخيرة للهيئة.

ويواجه المزارعون في دلتا النيل مخاوف بشأن وقوع جفاف، حيث أن العديد منهم يكافحون منذ سنوات لتوفير المياه لمحاصيلهم في الصيف.

ومن المتوقع أن تشهد البلدان التي لديها أنظمة زراعية أقل كفاءة تأثيرا شديدا على إمداداتها الغذائية جراء ارتفاع درجات الحرارة، إذ سلطت فايننشال تايمز مؤخرا الضوء على دراسة تظهر أن إنتاج مصر من القمح سينخفض بنسبة 7% على خلفية ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة، وهو الأمر الذي سيؤثر على مصر بشكل كبير نظرا لكونها أكبر مستورد للقمح في العالم كما يأتي في الوقت الذي تتطلع فيه مصر إلى تعزيز المعروض المحلي من القمح.

إلا أن ارتفاع درجة الحرارة ليس المشكلة الوحيدة، فقد حذر التقرير من أنه من المرجح بشدة أن تشهد “معظم السواحل الرملية” المزيد من الفيضانات وتآكل الشواطئ، كما أنه قد تشهد المدن الساحلية فيضانات متزايدة نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة هطول الأمطار. وهذا أمر مقلق للزراعة في دلتا النيل، وأيضا لصناعة السياحة في البحرين الأحمر والمتوسط، ولسكان الإسكندرية التي أصبحت فيها العواصف والفيضانات العاتية أمورا معتادة في فصل الشتاء. وشملت محاولات الدولة لمعالجة تلك المشكلة حتى الآن إلقاء 4700 كتلة خرسانية في المياه حول قلعة قايتباي بالإسكندرية لحماية ذلك الأثر التاريخي من ارتفاع منسوب المياه.

تمتد مخاطر تآكل السواحل إلى أبعد مما نستطيع حصره: لقد عرفنا منذ أكثر من عقد أن دلتا النيل بأكملها تغرق شيئا فشيئا مع ارتفاع البحر الأبيض المتوسط، نتيجة الهبوط الناتج عن السدود ونشوع المياه المالحة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى كارثة على الزراعة وكذلك على العيش في منطقة مكتظة بالسكان.

ماذا سيحدث لنا؟

يحذر تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن “الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية و2 درجة مئوية سيتم تجاوزه خلال القرن الحادي والعشرين” ما لم تتخذ إجراءات من أجل تخفيضات جذرية في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى في العقود المقبلة

مضيفا أن درجات حرارة سطح الأرض سترتفع حتى عام 2050 على الأقل في جميع السيناريوهات. ولطالما اعتبر رقم 1.5 درجة مئوية الحد الأقصى البعيد لمستويات الاحترار المقبولة، والتي ستكون بعدها العواقب وخيمة أكثر.

ماذا سنفعل حيال ذلك؟

تستهدف مصر توليد 42% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2035، وتدعم المبادرات الرامية إلى المساعدة في الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بتمويل ضخم.

وأصدرت الحكومة العام الماضي أول سنداتها السيادية الخضراء والسندات الخضراء للشركات، في حين قدم البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار عشرات الملايين من القروض بالجنيه المصري للبنوك لإعادة إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة الخضراء.

وبرزت الحكومة كمدافع قوي عن السيارات الكهربائية، مع وجود خطط قيد التنفيذ لتصنيع السيارات الكهربائية والحافلات والقطارات محليا، فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية اللازمة للشحن.

ولكن في حين أن هذه المبادرات ستساعد في تقليل مساهمة مصر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، سيكون التكيف أمرا بالغ الأهمية.

وتهدف الحكومة إلى إدارة أفضل للموارد المحدودة من خلال تشريعات جديدة مثل قانون الموارد المائية. وبدأت في إصلاح البنية التحتية المتعثرة للمياه، والتي تتسبب في تسرب مليارات الأمتار المكعبة

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …