أكدت تركيا وباكستان، عقب اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أمس الجمعة، تصميمهما على مكافحة منظمة “غولن” الإرهابية، التي نفذت محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا منتصف 2016.
وأشار البيان، إلى أن أردوغان وعمران خان، بحثا جميع جوانب العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الأهمية الإقليمة والدولية، وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لتحول العلاقات بين البلدين الشقيقين عبر سنوات إلى شراكة استراتيجية. بحسب الأناضول.
ولفت البيان، إلى أن الزعيمين جددا تأكيدهما على إرادة مواصلة الدعم القوي المتبادل بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية، وتصميمهما على تعزيز العلاقات الثنائية وجعلها تصب في مصالح شعبيهما.
وأضاف أن أنقرة وإسلام آباد، ترحبان بالتعاون القائم بينهما في كل المنظمات والمحافل الدولية، لاسيما الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها، وأشار البيان، إلى أن الدولتين تجددان تصميمها على ضمان الأمن والاستقرار والرفاه على الصعيدين الإقليمي والدولي.
يُشار إلى أنه في 31 ديسمبر الماضي، رحب وزير العدل التركي عبد الحميد غُل، في اتصال هاتفي، مع نظيره الباكستاني فاروق نسيم، بإعلان إسلام أباد، “غولن”، تنظيما إرهابيا.
وبحسب مصادر في وزار العدل التركية، تحدثت للأناضول، أعرب “غُل” عن ترحيبه بقرار المحكمة العليا الباكستانية، إدراج “غولن” على قائمة التنظيمات الإرهابية في باكستان.
فتح الله غولن
فتح الله غولن داعية سياسي تركي، بدأ حياته على منابر المساجد، وتحول إلى شيخ طريقة وقائد جماعة، مزج التصوف بالسياسة، فحارب حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، وأيد العسكريين وتحالف مع العلمانيين.
عمل إماما في جامع (أُوجْ شرفلي) بمدينة أدرنة التي مكث فيها سنتين ونصف السنة، ثم بدأ عمله الدعوي في أزمير بجامع “كستانه بازاري” وفي مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع.
يعتبر غولن من أتباع التصوف، ويصنف صوفيا في أفكاره ودعوته، وقد تأثر في توجهاته المعلنة ببديع الزمان سعيد النورسي، صاحب “رسائل النور” الذي لم يلتقه، ورغم ذلك البعد، فإنه يضع الإسلام والقومية والليبرالية في كفة واحدة، ويرى أن الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلاً من أشكال السلطة.
بدأ غولن نشاطه الدعوي مبكرا، وانطلق واعظا يلقي الخطب في جوامع غرب الأناضول، ويلقي المحاضرات، وينعش الندوات العلمية والدينية والاجتماعية والفلسفية والفكرية، في مناطق كثيرة من تركيا.
عرف بتبحره في العلوم الإسلامية المختلفة، وبراعته في الخطابة، إضافة إلى غزارة إنتاجه العلمي، حيث ألف نحو ستين كتابا، ترجمت إلى 39 لغة منها العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والألمانية والألبانية.
أسس غولن “جماعة الخدمة” فكانت في البداية واجهة تربوية ودعوية، لكنها ما لبثت أن تمددت وتعددت أذرعها لتشمل التجارة والاقتصاد، والصحافة والإعلام، والتعليم، ومختلف مناحي الحياة، داخل تركيا وخارجها، في العالم الإسلامي وخارجه.
عرف نشاط الحركة تطورا كبيرا بعد انقلاب 1980، فاستفادت من دعم الدولة لتبدأ رحلتها في إنشاء المدارس، والمؤسسات الاقتصادية والهيئات الإعلامية، وأنشأت وقف الصحافيين والكتاب الأتراك ليصبح الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمي.
ورغم عدم انخراط غولن في الحياة السياسية بشكل مباشر وإصراره على وصف جماعته بأنها ”فوق السياسة”، فقد كانت له مواقف سياسية في أكثر من مناسبة، فقد أيد انقلاب 1980 ومدح قياداته العسكرية، كما اجتمع بانتظام مع شخصيات سياسية بارزة في مختلف الأنظمة، وقد أشاد بمصطفى أتاتورك، واتهم الحركات الإسلامية بالفهم الخاطئ له ولسياساته وفكره.
اتسمت علاقات غولن مع الغرب بالتصالح، انطلاقا من رأيه أن الغرب يقود العالم، ويتحتم على كل من يريد الحضور على الساحة العالمية التصالح والتنسيق معه لا مصادمته، وفي المقابل نظر الغرب إليه بالرضى دائما.
عرفت علاقة جماعة غولن بحزب العدالة والتنمية التركي تطورا مفصليا في ديسمبر 2013، إثر اتهام الحكومة لأفراد في الجماعة بالوقوف خلف عمليات تنصت غير قانونية، واختلاق تسجيلات صوتية.
ووصفت الحكومة الجماعة بالكيان الموازي، وألغت جواز سفر غولن المقيم في الولايات المتحدة، وشنت حملة دبلوماسية لإغلاق مدارس الجماعة خارج تركيا، ووضعت آليات تمويلها تحت رقابة الدولة.
بالمقابل، اتهم غولن حزب العدالة والتنمية الحاكم بجر البلاد نحو الاستبداد، وأضاف في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز يوم 3 فبراير 2015 أن الحزب يمارس القمع بحق المجتمع المدني، موضحا أن الحزب بإجراءاته جعل حلم الأتراك بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يتبدد.
وشنت أجهزة الأمن التركية من جهتها حملة اعتقالات في صفوف رجال شرطة اتهموا بالقيام بعمليات تنصت غير شرعي.
اتهم المسؤولون الأتراك كولن وجماعته بالتورط في محاولة انقلاب 15 يوليو 2016 الفاشلة. لكن غولن ندد في بيان مقتضب “بأشد العبارات” بمحاولة الانقلاب، ونفى تورطه أو جماعته في الانقلاب الذي جرى، وعلق على ذلك بقوله “من المسيء كثيرا بالنسبة لي كشخص عانى من انقلابات عسكرية عديدة في العقود الخمسة الماضية، أن أتهم بأنني على أي ارتباط كان بمثل هذه المحاولة”، مضيفا “أنفي بصورة قاطعة مثل هذه الاتهامات”.