تمهيدا لرفع قضية .. إنذار للداخلية لإتاحة لقاح كورونا للسجناء والمحبوسين احتياطيًا

وجهت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنذارًا لوزير الداخلية لمطالبته بتمكين نزلاء السجون من المحكومين والمحبوسين احتياطيًا من اختيار التسجيل لتلقي لقاح كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز على وجه السرعة، وذلك خشية على حياتهم وعلى الصحة العامة للمجتمع فى ظل تعاقب موجات أشد للفيروس وتوالي ارتفاع الإصابات والوفيات، واحترامًا لحقهم في الصحة كأحد الفئات الأكثر عرضة للعدوى بسبب أوضاع الاحتجاز في أماكن مغلقة واستحالة التباعد الجسدي.

وقدم محامو المبادرة البلاغ نيابة عن باتريك جورج ميشيل زكى، الباحث بالمبادرة والسجين السياسي المحبوس احتياطيًا بمجمع سجون طرة على ذمة القضية 1766 لسنة 2019 أمن دولة عليا منذ فبراير 2020.

كانت وزيرة الصحة هالة زايد قد وعدت فى مداخلة تلفزيونية بأنه: “سيتم إتاحة اللقاحات للفئات المتواجدة في أماكن مغلقة مثل دور رعاية المسنين والسجون”، إلا أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون التابعة لها حتى وقت توجيه الإنذار لم تعلنا البدء فى تطعيم السجناء والمحبوسين احتياطيًا أو أعداد الإصابات ونسب الشفاء والوفاة بسبب فيروس كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز.

وبالرغم من محدودية كمية اللقاحات المتوفرة في مصر حتى الآن، فقد توسعت وزارة الصحة مؤخرًا فى توزيع اللقاح على مستوى الجمهورية كافة الأفراد دون التقيد بإعطاء الأولوية للمجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، ومنهم السجناء والمحبوسين احتياطيًا.

ووفقاً لـ”خارطة طريق منظمة الصحة العالمية لتحديد أولوية توفير اللقاح فى سياق الإمدادات المحدودة” المنشورة فى أكتوبر الماضي فإن السجناء والمحبوسين احتياطيا يقعون ضمن المجموعات الأكثر عرضة لاكتساب العدوى ونقلها وذلك لتواجدهم فى أماكن مزدحمة ومغلقة يصعب فيها مراعاة التباعد الجسدي.

وقد وفرت بعض الدول اللقاح للسجناء بالفعل في المنطقة العربية وفي أفريقيا فعلى سبيل المثال قامت المغرب بحملة للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز، استهدفت من تخطوا الستين عاما؛ وبحلول مارس 2021 تم تطعيم 77% بالمئة من الفئة المستهدفة داخل المؤسسات العقابية.

وكذلك أعلنت دول منها الكويت والبحرين عن بدء حملات للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز. كما وضعت جنوب أفريقيا المساجين في المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد فيروس كورونا.

وقالت المبادرة المصرية في إنذارها لوزير الداخلية، إن الدولة مسؤولة منفردة عن توفير الرعاية الصحية للسجناء، حيث تنص المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أن “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة…ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة”.

كما تنص المادة 55 من الدستور على أن “كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا…” وكذلك تنص المادة 56 على أن “السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر.

ووفقا لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي تعرف بـ”قواعد نيسلون مانديلا” فإنه “ينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحقُّ في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجَّاناً ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني”.

وسبق واتخذت الحكومة المصرية حزمة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا تم على أثرها تعطيل حق السجناء والمحتجزين فى الزيارة الدورية لذويهم مدة تجاوز الثلاثة أشهر كاملة دون توفير أى وسائل أخرى للتواصل، بما أثر على صحتهم النفسية تأثيرًا سلبيًا مضاعفًا لما يعانيه الأفراد خارج السجون، فضلًا عن حرمانهم من احتياجاتهم التي توفرها الزيارة من الغذاء والأدوية. وعندما سمح بعودة الزيارة فى أغسطس 2020 جاءت باشتراطات جديدة تطول فيها الفترة الزمنية بين الزيارة والأخرى. كما تعذر حضور العديد من المحبوسين احتياطيًا أمام النيابة واستمر حبسهم بالمخالفة للمدة القانونية المحددة للحبس الاحتياطي وقانونيته.

“إنَّ الحبس وغيره من التدابير التي تفضي إلى عزل الأشخاص عن العالم الخارجي تدابير مؤلمة من حيث إنها تسلب الفرد حقَّه في تقرير مصيره بحرمانه من حرِّيته. ولذلك لا ينبغي لنظام السجون، إلاَّ في حدود مبرِّرات العزل أو الحفاظ على الانضباط، أن يفاقم من المعاناة الملازمة لمثل هذه الحال”، حسب قواعد الأمم المتحدة.

وتشدد المبادرة المصرية على أن إتاحة اللقاح للسجناء وتطعيمهم ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل ضرورة وأولوية للصحة العامة، والتزام يقع على عاتق الحكومة لعدة أسباب منها:

أولا: حماية أرواح السجناء باعتبارهم ضمن المجموعات الأكثر عرضة لمضاعفات الفيروس وفي ظل تجهيزات الخدمة الصحية شديدة الضعف داخل السجون، كما أنهم غير قادرين على تسجيل أنفسهم من داخل أماكن احتجازهم أسوة بالعاملين بالسجون.

وثانيا: تحقيق المناعة المجتمعية، حيث لا تتحقق إلا مع تكون مناعةٌ ضد المرض لدى نسبة كبيرة من المجتمع، مما يجعل انتقال المرض من شخص لآخر غير مرجح ويُصبح المجتمع بأكمله محميًا؛ وهو ما لن يتحقق فى ظل تجاهل الالتزام بتوفير التطعيم للسجناء.

وفى يناير 2021، مع إعلان وزارة الصحة والسكان بدء حملة التطعيم ضد كورونا قادت المبادرة حملة واسعة للمطالبة بإتاحة “تطعيم كوفيد 19 ..حق للمواطنين مجانًا وبدون تمييز”.

وعندما أعلنت وزارة الصحة أن اللقاح سيتم توفيره مجانًا فقط للأطقم الطبية ولغير القادرين المسجلين في بيانات برنامجى تكافل وكرامة، شددت المبادرة المصرية على مطلبها بجعل اللقاح مجانيًا للجميع، ونشرت تعليقا يؤكد على كون “مجانية لقاح كورونا حق قانوني وأولوية للصحة العامة” مع فيديو مختصر يشرح كيفية توفير الموارد المالية اللازمة للدولة حتى تقوم بذلك.

كما أعدت المبادرة فيديو يعرض المشكلات التي تواجه الفئات الأكثر تعرضًا للعدوى بفيروس كورونا من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة خلال تلقيهم اللقاح، وقدمت مقترحات يسهل تطبيقها للتقليل من المخاطر وتنظيم عملية تلقي اللقاح بشكل أفضل.

 

شاهد أيضاً

ألاف المتظاهرين يحاصرون سفارة اسرائيل في الأردن ويدعون المصريين للحاق بهم

شارك عشرات آلاف الأردنيين، مساء الأربعاء 27 مارس 2024، في وقفة بالعاصمة عمّان للتضامن مع …