حمدين صباحي.. الحي الميت

“عبدة مشتاق، عاشق ولهان، محلل رئاسي للجنرال العسكري، كومبارس”.. ألقاب عديدة بمجرد ذكرها يُعرف صاحبها، العازف على جميع الأوتار والآكل على كل الموائد، ساهم بقوة في تردي البلاد ووصولها لما هي عليه الآن، قدم خدمات جليلة لتجذير واستمرار حكم العسكر وجنرالاته؛ لكن مازال يرى نفسه “مناضلًا” وتراوده أحلام الرئاسة!

من هو؟

حمدين صباحي “سياسي وبرلماني سابق، ورئيس سابق لحزب الكرامة ورئيس تحرير سابق لجريدة الكرامة ومرشح خاسر لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2012 ، وما بعد الانقلاب 2014، ناصري الميول.

قصة نضال محروقة

أسس وهو طالب في كلية الإعلام جامعة القاهرة “نادي الفكر الناصري” لمعارضة السادات وسياساته ما أدى إلي زيادة شعبيته وانتخابه لرئاسة اتحاد طلاب كلية الإعلام (1975 – 1976) كان حريصًا وقتها وهو طالب على أن تكون جريدة «الطلاب» التي كان يرأس تحريرها صوتًا معبرًا عن الحركة الطلابية الوطنية، كما ساهم في حشد جهود الحركة الطلابية للضغط من أجل إصدار لائحة طلابية ديمقراطية، وهو ما نجح فيه الطلاب – وكان أكثر اتحادات الطلاب يسيطر عليها غلإسلاميون – بإصدار قرار جمهوري يتفق وإرادة الطلاب بإعمال لائحة 1976 الطلابية.

انتقد سياسات الرئيس أنور السادات الاقتصادية والفساد الحكومي بالإضافة إلى موقف السادات من العلاقات مع العدو الصهيوني في أعقاب حرب أكتوبر، وازدادت شعبيته في أعقاب لقاء شهير للسادات مع الطلاب.

اعتقل في عام 1981، وتكرر الاعتقال في عام 1997 مع فلاحي مصر، الذين أضيروا من قانون العلاقة بين المالك والمستأجر.

تكرر اعتقاله وهو نائب في مجلس الشعب، وبدون رفع حصانته سنة 2003، بسبب غزو العراق.

أواخر عام 2004 تأسست حركة كفاية وكان صباحي أحد مؤسسيها. لعبت «حركة كفاية» دورًا هامًا ومحوريًا في كسر حاجز الخوف وتجاوز الخطوط الحمراء في الكثير من قضايا الوطن.

أعلن صباحي في أكتوبر 2009 عقب المؤتمر العام لـحزب الكرامة ترشحه لرئاسة الجمهورية، ثم عاد ليعلن ترشحه مجددا لانتخابات الرئاسة عام 2012 وطالب بإلغاء الانتخابات بعد خسارته، وقرر خوض الانتخابات الرئاسية في فبراير 2014 ضد السيسي لكنها كانت الضربة القاضية لحياته السياسية.

صباحيو الثورة

شارك صباحي في ثورة يناير يوم 25 يناير 2011، ووقف إلى جانب نواب الإخوان والمستقلين على سلم دار القضاء العالي في ذلك اليوم، وقادوا مسيرة انطلقت في شوارع وسط البلد وصولا لميدان التحرير، وظهر صباحي مرات عديدة خلال اعتصام الـ18 يوما بميدان التحرير.

تاريخ قد يبدو حافلًا بعض الشيء بـ”النضال” السياسي لاسيما اعتقاله في عهد الرئيسين السابقين “السادات ومبارك”، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح سريعًا مع مواقفه الأخيرة التي لازمته عقب خسارته في انتخابات الرئاسة 2012 وحصوله على المركز الثالث بعد الدكتور محمد مرسي، والفريق أحمد شفيق، وهو ما أكده البعض بأنه تغير 180 درجة.

الصورة غير مكتملة

 فحمدين صباحي أحد المناضلين  فى عصر مبارك لم يمانع من ترشح جمال مبارك للرئاسة لأنه “شاب ذكي، يستطيع إدارة الحكم فى مصر”, بحسب تصريحاته ووصفه في صحيفة “الأهرام المسائي”.

وقد فشل في كل اختبار بدءًا من رئاسة جريدة مرورا بتأسيس حزب انتهاءًا بانتخابات الرئاسة؛ لكنه يحاول تصدر مشهد المعارضة.

موت صباحيسياسيًا .. جبهة الانقاذ

عاد حلم الرئاسة يراود “صباحي” فقرر هو ومن على شاكلته تشكيل جبهة سميت بـ” جبهة الإنقاذ” وسماها آخرون بـ”جبهة الخراب”؛ فقد خلقت خصيصًا لتحقيق أهداف شخصية وتطلعات وهمية تحت سمع وبصر جهات “مخابراتية” للقضاء على أول تجربة ديموقراطية حقيقية في البلاد.

ظلت جبهة الإنقاذ تناهض الرئيس محمد مرسي بكل ما تملك من قوة، تعقد اجتماعات، وتقيم مؤتمرات، في ظل دعم مالي وإعلامي غير مسبوق من جهات داخلية وخارجية للوصول للهدف المطلوب، وساندت حملة “تمرد” المخابراتية التي وقف وراءها “صباحي” وبعض الناصريين من بينهم ضياء رشوان؛ نقيب الصحفيين السابق, وهو ما  كشفته الناشطة غادة نجيب، القيادي السابق بالحملة.

وظلت “جبهة الإنقاذ” وحملة “تمرد” وذراعهما الإعلامي يمارسان أساليبهما القذرة ودعايتهما الكاذبة حتى وصلت البلاد لمشهد 30 يونيو ومن ثم 3 يوليو 2013 وفيها عزلت وزيرُ الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسي الرئيسَ الشرعي محمد مرسي وعرض خارطة الطريق الشهيرة.

دارت الأيام سريعًا في ظل حكم عدلي منصور، وبعدما وصل “صباحي” لما كان يسعى إليه وهو خلو منصب الرئيس .. في البداية أعلن أنه لن يترشح حال ترشح السيسي، حفاظًا لجميل  “الجنرال المخلص”! الذي خلصهم من “مرسي”، إلا أن اشتياقه للكرسي فاق احترامه للجنرال, أو لعلهما اتفقا معًا على الترشح ضد بعضهما البعض لإضفاء نكهة منافسة كاذبة على الانتخابات غير الشرعية, فأعلن صباحي تراجعه سريعا وقرر الترشح للرئاسة، وانتقد ترشحه وزير الدفاع السيسي في العلن؛ لكن الجميع أدرك دوره الحقيقي في الخفاء.

الانقلاب على صباحي

عقب ترشح صباحي، تعرض لهجوم من الجميع، فأنصار السيسي هاجموه بشدة لترشحه أمامه، فيما هاجمه معارضو قائد الانقلاب لترشحه فى الانتخابات من الأساس، واتهمه الجانبان بالسعي الدائم وراء منصب الرئيس.

العديد من الحركات الاحتجاجية التي كانت مؤيدة لصباحي عقب ثورة يناير، هاجمته بسبب ترشحه، وقالوا وقتها بأنه يقوم بدور “الكومبارس” في الانتخابات التي كانت محسومة لصالح قائد الانقلاب.

كما تعرض صباحي لهجوم من بعض مؤيديه بسبب رفضه الانسحاب من السباق الانتخابي بعد تعرض عدد من مندوبيه في اللجان الانتخابية للاعتقال، إضافة إلى مد فترة التصويت في الانتخابات ليوم ثالث دون سند قانوني.

وعقب إعلان نتيجة الانتخابات تعرض صباحي لموجة كبيرة من النقد والسخرية وانقلب عليه بعض أتباعه واختفى عن المشهد كثيرا، ولم يعد يظهر إلا قليلا، تارة ينتقد سياسات النظام الحالي، وتارة أخرى يؤيده.

وكانت الفضيحة المدوية حينما جاء في المركز الثالث بعد الأصوات الباطلة وحصوله على 3% من أصوات الناخبين. انتقد صباحي نتائج الانتخابات واعتبر أن الانتخابات شابها التزوير، ولكنه اعترف بها في النهاية.

حمدين والبديل

في الوقت الذي صمت فيه “صباحي” عن الانتهاكات بحق الحرية والكرامة التى نادى بها من قبل, بدأ فى الظهور تدريجيًا بعد أن اقترب السيسى من إنهاء عامه الثانى فى الحكم ليعلن عن مبادرة “نصنع البديل”, وهاجم النظام الحالى واتهمه بسرقة ثورتى 25 يناير و30 يونيو, ودعا الأحزاب والسياسيين لتكوين تكتل سياسى ليلتف حول بديل للنظام الحالى الذى أهدر حقوق الشعب، بحسب قوله، وانضم إلى مبادرته عدد من السياسيين الناقمين على النظام الحاكم من خلال جولات صباحى لتدشين مبادرته فى عدد من المحافظات.  

وأطلق صباحي على مبادرته “نداء للشعب المصرى.. لصنع ما سماه البديل الحقيقى”, ودعا لتوحيد “التيار الشعبي” و”حزب الكرامة” وتقوية التيار الديمقراطى كجبهة سياسية، وهو ما رآه البعض محاولة جديدة لنفض الغبار من فوقه ومحاولة للبحث عن الظهور ليكن جاهزًا لمشهد البطل في مرحلة مقبلة.

ولم يكد يتعجب البعض على صباحي هذه المرة وكيف أنه يطالب ببديل عن السيسي في وجوده، حتى تراجع سريعًا وقال : “لا أنادى بانتخابات رئاسية مبكرة، فأنا لا أطلب أى تغيير أو أن يرحل السيسى، ولكن أقول إنه آن الأوان لكى تتجمع القوى الديمقراطية”!.

شهادة معسكر الانقلاب في صباحي

الجميع يعرف شهادة الإخوان في هذا الشخص المتقلب، ويعرف أيضًا رأي القوى والحركات الثورية فيه بعد إصراره على القيام بدور المحلل لمشهد رئاسة السيسي، وهم من لقبوه  بـ”الكومبارس”، الغريب أن قوى “العسكر” باعته أيضا رغم الخدمات الجليلة التي قدمها لها .. ولم يتبقَ في صفه إلا عشرات الناصريين الذي لا وزن لهم.

يقول الكاتب عبدالفتاح عبدالمنعم، أحد الداعمين لحكم العسكر، بعد هذه المبادرة: “حمدين صباحي يختفي .. حمدين صباحي يعود بمبادرة .. هذا هو حال السياسي المخضرم .. لم نره يعود مرة بمشروع خيري حقيقي يساعد الفقراء على فقرهم ولم يشارك فى الترويج حتى لجميعة أورام سرطانية مثل مستشفى سرطان الأطفال 57357، لم نرَ حمدين يقدم مبادرة شعبية تحقق حتى ما كان يروجه فى برنامجه الانتخابى، فربما يحتاجها فى أي انتخابات شرعية قادمة ولكن حمدين صباحي يكتفي بمبادرات صادمة ومكررة ومملة”.

ويقول مرتضى منصور، نائب برلمان السيسي إن “صباحي” شخص عاطل ولا نعرف له أي وظيفة حتى الآن، لذلك فإنه يريد أن يعمل بديلا للسيسي.

أما عزمي مجاهد، الملقب بـ”عراب الانقلاب” فيقول لحمدين: “اتلهي وسيبنا في حالنا” وروح شوف لك شغلانة، بدل ما أنت قاعد عاطل كده”.. أما أسامة كمال فقال مهاجمًا حمدين: إنت ماتنفعش تكون خدام عند الشعب.

يرقد على بيض غيره

ويتساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل المعارض للانقلاب: “لماذا لا يريد حمدين صباحي الخروج من وهم زعامة مدنية، لا وجود لها إلا في رأسه المحشو ببقايا ملابس جنرالات معتزلين”؟.

ويضيف في مقاله “لماذا يرقد صباحي على بيض غيره”؟ “يصر حمدين على أنه لا يزال الثورة، أو جزء منها، بينما الوقائع تقول إنه منذ أن أصابته لوثة الحصول على المركز الثالث في انتخابات الرئاسة، قرر أن ينتقم من هذه الثورة الشريرة، التي جاءت بمرشح الإخوان إلى الحكم، ليتحول فيما بعد إلى مورد أنفار للثورة المضادة، ثم يلعب دور الدوبلير أمام الجنرال السيسي، قائد الانقلاب، الذي قال عنه صباحي في يوم من الأيام”سيسي أو سيدي”.

ويتابع الكاتب الصحفي: “يعيد حمدين صباحي تسويق بضاعته التي لم يشترها أحد، لدى طرحها أول مرة، فيصطحب شلته الجديدة إلى مؤتمر جماهيري، حاشد بالفكاهة، في محافظة الدقهلية يعلن فيه الدعوة إلى بديله الثالث ….. الجنرال صباحي معاركه دائما يخوضها من أجل سيده”.

وزن صباحي لدي أمن السيسي

بدا صباحي لا وزن له لدى جنراله “السيسي” وأجهزته الأمنية وهو ما اتضح بعدما ألغي له الأمن مؤتمرًا، كان من المقرر عقده بمقر نقابة المهندسين بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة حول مبادرته “البديل الحقيقي” وكان مخصصًا لمناقشة “السياسات البديلة” بحضور أحزاب “الكرامة”, و”التحالف الشعبي الاشتراكي”، و”التيار الشعبي”، وممثلون عن القوى السياسية والوطنية بالبحيرة للمؤتمر, لكن تم إلغاء وسكت صباحي ومن معه.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …