د. أكرم كساب يكتب: اعتذار واجب للسيسي

كنت قد كتبت من فترة مقالا عن فشل السيسي تحت عنوان “الفاشل ( السيسي) لا أب له”، وكان مما قلته في هذا المقال: “والحق أن هناك فاشلا فشله بسيط، وآخر فشله مركب، وهناك فاشل وفاشل تربيع، ويفوقه فاشل تكعيب، وآخر طمع في الفشل فأضحى الفشل قرينه وخدنه، وصاحبه وجليسه، فهو والفشل سواء، إن ذكرته ذكرت الفشل، وإن ذكرت الفشل ذكرته. فهذا أفشل الفاشلين، استحق ذلك بجدارة وبدون منافس ولا منازع. والمدعو السيسي يستحق أن يكون صاحب هذا اللقب؛ نعم, فالرجل لم نعرف له حتى اللحظة نجاحا إلا في انقلابه”.

لكني اليوم أعلن أعتذاري للسيسي حين وصفته سابقا بالفشل!

نعم أعلن اعتذاري… فالرجل نجح نجاحا باهرا فيما لم ينج فيه أحد، ولا أحسب أن أحدا سينجح مثل نجاحه!

السيسي يا سادة جاء بأجندة واضحة المعالم، تسلم كل مرحلة للتي بعدها، وها هي معالم نجاحه:

قضى على أول تجربة ديمقراطية، واعتقل رئيس مصر المنتخب؛ وهذا نجاح.

سيس القضاء وجعل القضاة أتباعا مذلولين حتى تجردوا من حقيقة مهنتهم فأدانوا الشرفاء، وبرأوا العملاء؛ وهذا نجاح.

غرس العداء بين أبناء الشعب المصري بعد أن جعلهم شعبين كما غنّى علي الحجار؛ وهذا نجاح.

قتل قريبا من 10,000 شهيد من بداية انقلابه وحتى الآن والعدد مرشح للزيادة؛ وهذا نجاح.

اعتقل أكثر من 50,000 ألف من خيرة شباب البلد؛ وهذا نجاح.

هجّر خيرة العقول المصرية فالتحقت بدول العالم؛ وهذا نجاح.

خرّب الحياة السياسية، بعد أن مسك البلد بالحديد والنار؛ وهذا نجاح.

فرط في مياه مصر لأثيوبيا؛ وهذا نجاح.

سلم مقدرات الشعب المصري في البحر المتوسط؛ وهذا نجاح.

تنازل عن تيران وصنافير فغدت هذه المياه مياها اقليمية؛ وهذا نجاح.

فرغ سيناء من أهلها بعد ذبحهم وتشريدهم وسرقة أموالهم؛ وهذا نجاح.

أعاد الدفء بينه وبين الكيان الصهيوني بما لم يكن في عهد المطبع الأول (السادات) ولا الكنز الاستراتيجي (مبارك)؛ وهذا نجاح.

أفسد العلاقة بين الشعب المصري وفصائل المقاومة الفلسطينية وخصوصا (حماس)، حتى غدا نتنياهو أقرب إلى بعض أفراد الشعب المصري من خالد مشعل؛ وهذا نجاح.

كبّل مصر بمليارات الدولارات بما لم يقدم عليه أحد، وآخرها القرض الروسي الذي يعرض مصر لكارثة؛ وهذا نجاح.

وصل بالاقتصاد المصري إلى حافة الهاوية؛ وهذا نجاح.

جفف منابع التدين، بعد أن غلق المساجد، وأمم المنابر، وألغى معاهد الدعوة، وحارب الدعاة؛ وهذا نجاح.

ارتفعت نسبة الإلحاد بما لم يسبق من قبل؛ وهذا نجاح.

فتح الباب لإعلامه الماجن فنال من القيم والثوابت، ووقع التطاول على البخاري ومسلم، والشافعي ومالك… بل أضحت السخرية من القرآن والسنة أمرا مألوفا في إعلامه؛ وهذا نجاح.

فتح أبواب التبشير والتنصير على مصاريعها للمؤسسات الكنسية من الداخل والخارج؛ وهذا نجاح.

أغلق المؤسسات والجمعيات الخيرية بالألوف, وترك الباب مفتوحا للكنيسة فلجأ بعض المسلمين بسبب الحاجة إلى الكنيسة؛ وهذا نجاح.

جعل الأزهر والأوقاف أتباعا له؛ يأمر فيطاع، ويؤشر فتتبادر العمم إلى تنفيذ ما يريد، بل قبل أن يشير؛ وهذا نجاح.

جعل الناس وهي في قمة الفقر، وحضيض المرض ما زال بعضهم يسبح بحمده لأنه المخلص؛ وهذا نجاح.

رفع مستوى المخبرين من درجة عامل لا يجيد القراءة ولا الكتابة؛ ليكون المخبر أستاذا جامعيا وطبيبا لامعا، ووزيرا معينا؛ وصاحب لحية، وإعلاميا ناعقا… والأدهى والأمر أن الجميع يجاهر بهذا؛ وهذا نجاح.

فرّغ مصر من مكانتها فأضحت شبه دولة؛ وهذا نجاح.

نعم, لقد نجح السيسي بما لم ينجح فيه أحد، نعم نجح في خدمة أعداء الأمة، بقصد أو بغير قصد، لكني أحسب أن ذلك كله بقصد.

أرأيتم لقد نجح .. نعم لقد نجح.

 نجح لأنه لم يأت لغرس قيم الحرية والعدالة والمساواة،

لم يأت لتحقيق العدالة الاجتماعية، ولا لتطبيق شريعة ربانية، وإنما جاء للقضاء على مشروع إسلامي، وتجربة ديمقراطية، وثورة حديثة عهد باستبداد غشوم.

جاء لتكريس للظلم والاستبداد والاستعباد،

جاء ليظل الفقير فقيرا, ويزداد الغني غنى وفحشا،

 جاء لتظل الأمة في رضاعها لبن الذل والاستخذاء، فلا تفطم رضاع الذل، ولا تشب عن تبعية الغرب الكاره للإسلام.

لكن هذا النجاح (المغشوش) نجاح مؤقت، وانتفاش لحظي، وسحابة صيف عما قريب تنقشع.

نعم تنقشع بعمل دؤوب، ووحدة حقيقية، وخطة مدروسة، وتوكل على الله سبحانه الذي بشرنا بنصره حين قال: { عَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النور: 55)، كما بشرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال:”

لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ, وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ, بِعِزِّ عَزِيزٍ, أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ, عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ, وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ “.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …