د. عادل الأسطل
د. عادل الأسطل

د.عادل الأسطل: سياسة فلسطينيّة مُضطّربة

مرّت 70 سنةً منذ حصول النكبة الفلسطينية، وما يقرب من ربعِ قرنٍ على اتفاق أوسلو، ونحن الفلسطينيين بخاصة، نعكف على وصف إسرائيل بأنها كيان صهيوني إرهابي، باعتبارها احتلّت الأرض الفلسطينية وهجّرت أصحابها واقترفت عشرات المذابح بحقهم، بدءاً بمذبحة دير ياسين ومروراً بكفر قاسم وخانيونس إلى الحرم الإبراهيمي وجنين، والمجازر التي حصدت أرواح العديد من العوائل الفلسطينية على مدار ثلاث حملات عسكرية، التي شنّتها ضد قطاع غزة. على مدى سنىي الحرب وسني السلام سواء بسواء، لم تكف إسرائيل  يدها الاحتلالية عن الفلسطينيين، بل طالت أرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، وقامت بتطوير ممارساتها الصارمة باتجاههم وبشكلٍ صارخ، ولم يتوقع الفلسطينيون أن تستمر مأساتهم إلى هذا اليوم، وقد مات الآباء والأجداد.

كما لم يدُر بخلدهم، أن تتدحرج أيديولوجيتهم الثوريّة، التي تعتمد الكفاح المسلح لتحرير الأرض والإنسان، إلى الكفر بالبندقية, والإيمان بسياسة السلام، التي كانت بالنسبة لهم تبعاً للتجربة المريرة التي ابتلعوها بخاطرهم أو رغماً عنهم، أشد إيلاماً ممّا جلبته مرحلة الكفاح، حيث ضاعفت إسرائيل ممارساتها ضدهم، باعتبارها سياسة مأمونة وشرعية، وقد تحقق بموجبها الاعتراف بوجودها، وبشطب الميثاق الوطني الفلسطيني. حتى الآونة الفائتة، تجدد الوصف ذاته، حينما أعلنت السلطة الفلسطينية، أن إسرائيل الاحتلالية، واحدة من أهم منابع الإرهاب في الشرق الأوسط، باعتبار أن الظلم والقهر وسياسة التمييز العنصري والاضطهاد التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، هي من أهم الأسباب التي تخلق الارضية الخصبة للإرهاب وتساعد في انتشاره، خاصة وأن لديها من الوثائق والدلائل، التي تثبت تورط إسرائيل في تدمير حياة الفلسطينيين. على أي حال، نتفق مع السلطة، فيما وصلت إليه من وصف، وهو مقبول لدى العامة حتى بين الإسرائيليين، ولكن نختلف معها بأن وصفها ذاك، لا يعدو كونه كلاماً وحسب، وليس جديّاً، كأن يصدر باعتباره إجراءً سياديّاً، حيث يجدر بها بناءً عليه، القيام باتخاذ إجراءات مناسبة إزاءها، كأن تقوم بقطع اتصالاتها بها.

جرت العادة، متى تم إدراج دولة أو منظمة أو حركة ما على أنها إرهابيّة، أن الخطوة التالية هي إعلان الحرب ضدها، حتى تسقط أو تقوم بتغيير سلوكها، وليس التعاون معها، فخلال الفترة الأخيرة عندما قام كلٌ من مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، باتخاذ قرارٍ باعتبار حزب الله اللبناني تنظيماً إرهابياً، فإنهما قصدا ما يقومان به، ما يعني التزام دول المجلس الخليجي والدول الأعضاء في الجامعة عامة، بقطع العلاقات مع التنظيم، ومحاربته سياسياً واقتصادياً وعسكرياً أيضاً إذا ما اقتضت الحاجة. المبررات التي تقوم عليها السلطة بشأن عدم اتخاذ إي إجراءات ضد إسرائيل، مبررات ضعيفة، تتلخّص في آمالها نحو إمكانية استئناف المفاوضات أملاً في التوصل إلى حلول نهائية، وبأنها تقع تحت ضغوط أمريكية وغربية، تهدف إلى الحفاظ على كميّة الثقة بها، فيما إذا كانت لا تزال متمسّكة بمبدأ السلام، وللخشية من الوقوع في حُفر سياسية وماليّة، يصعب الخروج منها. المسألة لا تتوقف عند هذا الحد، فعدم قدرة السلطة على اتخاذ أي إجراء كان، هو كما يبدو، لوقوعها في لُجّة من الاضطراب، فالصوت الفلسطيني بات أكثر مللاً، وهناك اتفاقات وتفاهمات (مقدّسة)، ليس من السهل هجرانها أو إعادة تقييمها أو تعليق أجزاء منها.

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …