صالح بن عبدالله السليمان

صالح بن عبدالله السليمان: بين التنمّر والتثوّر الإلكتروني

الذي تعامل مع وسائل التواصل الالكتروني (تويتر. فيسبوك. انستجرام,  سناب تشات) لا بد ان يكون قد مر بحالة مما نسميه “تنمر الكتروني” اما تعرض للتجربة هو نفسه سواء متنمرا او متنمر عليه, او مشاهدا لا مشاركا.

اولا لنتعرف على التنمر وما هو؟

التنمر الإلكتروني هو استغلال تسهيلات وإمكانيات وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي بهدف الحاق الأذى المعنوي بشخص او أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية. وقد يكون التنمر فردي او كمجموعة غير منظمة او مجموعات منظمة.

ويتم هذا عبر عدة وسائل

– استعمال ألفاظ جارحة مهينة للشخص المقصود

– فبركة اخبار او صور وإشاعتها عنه

– البحث في التاريخ البعيد للشخص ونشر بعض أخطائه وتضخيمها

– وضع صور مسيئة للشخص عبر خاصية الفوتوشوب

– أي وسائل أخرى تلحق الضرر بسمعة المتنمر عليه

بالطبع هذا مختصر جدا عن موضوع كتبت فيه كتب وألقيت محاضرات ونشرت بحوث ودراسات.

التنمر قلنا إما فردي او جماعي بنوعيه المنظم وغير المنظم

الفردي كان يقوم أحدهم بمتابعة شخص آخر في جميع ما ينشر, والرد عليه بالسب والشتم وإظهار او انتحال العيوب.

او الجماعي الغير منظم كان يقوم الفرد بدعوة بعض أصدقائه او معارفه او ما نسميه بجماعات (قروب) لمضايقة مغرد او مغردة ويبدئون بنهشه بمساندة بعضهم بعض ويحاولون تعريضه للأذى النفسي أو المعنوي

وهنا ما زلنا في طور الفردية ويكفي ان يقوم الشخص بحظر (منع) الأشخاص الذين يقومون بالتنمر فتنتهي علاقته بهم,

الا ان هنالك نوع من التنمر على دول ومجتمعات وأنظمة حكم, هذا النوع من التنمر المنظم المؤثر في حياة الملايين هو ما يخيف ويجعل المرء يبحث عن وسائل إيقافه او الحد من أضراره.

هذا التنمر المنظم تقوم به وحدة من الذباب الإلكتروني مكون من وسائل إعلامية كالقنوات الإعلامية والكتاب والمفكرين الذين لهم أسمائهم ومريديهم, ومشايخ ورجال دين وتابعين من الذباب الإلكتروني العامل, وكل منهم يقوم بدوره.

مراحل عمل هذه المنظومة من التنمر الإلكتروني تقوم بتبادل الأدوار بينها. كأن تقوم القناة الإخبارية بنشر خبر او إشاعة, فيقوم الذباب الالكتروني بنشرها وترويجها فيقوم الكاتب او المحلل بنشر مقال حولها ثم يستلم الذباب الالكتروني ترويجها فتقوم القناة الإخبارية باستعمال هذه المقالة والترويج الذي حدث بنشر موضوع حولها, تستلم بعض المنظمات الدولية الخيط بسبب الضجة التي حدثت وتتعامل معها, وهكذا تبدأ كرة الثلج بالتضخم أثناء سقوطها, وتكون ضخمة وكبيرة يصعب على غير المتخصص كشف كذبها. فيبدأ الجمهور بالتعامل معها كأنها حقيقة, فالأخبار منتشرة, والمنظمات الدولية تتعامل معها ولاقت رواجا كبيرا.

وقد تكون البداية من الذباب الالكتروني بنشر إشاعة تتلقفها القناة الإخبارية وتنطلق العجلة او كرة الثلج بالنمو

هذا النوع من التنمر, نعم هو “تنمر الكتروني” لأنه استعمل وسائل التواصل لكي يحصل على الزخم الكبير الذي نفخ فيه الروح.

وسيلة الدفاع ضد هذا النوع من التنمر لا يتم بالجهود الفردية بل يحتاج الى جهود تعاونية بمنظومة مثل او تزيد على المنظومة الأخرى. منظومة تقابل الاشاعة بالحقيقة, فتنشرها وتروج لها لكي تصبح الحقيقة في مواجهة الاشاعة.

ودائما ما يقوم هؤلاء الكتاب والمفكرين والقنوات الإعلامية واشياعهم بإلقاء تهمة ” الذباب الالكتروني” بمن يحاول الرد عليهم دحض اشاعاتهم..

حيث يقوم بعض الذباب الإلكتروني الحقيقي بأثارة المتحمسين من الشباب اثناء الردود بإطلاق الشتائم والسباب حتى يرد عليهم بنفس الطريقة, وحينها يوصم المدافعون عن الحقيقة بأنهم “جميعا اهل سب وشتم”.

حتى انا كثيرا ما حاول بعضهم استفزازي للرد عليه بأسلوب خارج عن الادب, ولكن ولله الحمد لم اتردد في حظر المستفزين,

واذكر في هذا السياق ما قام به فيصل القاسم المذيع في قناة الجزيرة القطرية من وصم جميع المدافعين عن المملكة العربية السعودية بالذباب الإلكتروني وبالانحطاط والسفالة وقلة الادب ولم يذكر ان من استفزهم لهذه الردود وهم مؤيديه أيضا يشتركون في نفس الصفات وهذا على اقل تقدير.

هذا النوع من التنمر الذي كنا نسميه قديما (بروباجندا) وما زال البعض يسميه كذلك ولكنه اليوم أصبح تنمرا الكترونيا يؤثر في قرارات حكومية ودولية وأصبحت الحاجة ملحة لوضع قوانين دولية تمنع وتجرم هذا النوع من التنمر الذي يتخفى بشعار ” حرية الرأي” او “حرية الفكر” بينما هو لا ينتمي للرأي او الفكر بل هو ينتمي لمكافحة الإشاعات بل ويدخل ضمن السب والشتم والإهانة ومنى كان السب والشتم ونشر الأكاذيب دون فحصها وتمحيصها حرية راي او فكر؟

اما بالنسبة لنا كأفراد فمن الأفضل عدم الانغماس في الرد على هذه الاشاعات او الاشتراك في الهاشتاقات سواء بالنفي او الشجب او الرد, لان استعمال الهاشتاق والنشر فيه سواء بالتأكيد او النفي لوحده مكسب لمن وضعه ويرفع من رتبته, ويجعله يصل الى ” ترند” يجذب انتباه المهتمين, ويعطي للقنوات مادة اعلاميه تزيد من إذكاء النار

وأخيرا أعرج على كلمة ” تنمر” ففي اللغة الإنجليزية يدعى هذا الفعل (bullying)

 ويعني تثوّر من ” الثور” اظن ان هذا المعنى أقرب الى الواقع فهو أقرب الى “التثور” من “التنمر”,

اللهم ابعدنا عن “المتثورين” واشياعهم.

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …