صحيفة امريكية: رهان حزبي “ديمقراطي- جمهوري” يهز كتلة “ترامب” على وقع الاحتجاجات

أكد تقرير لصحيفة Politico الأمريكية، أن الاحتجاجات الأمريكية الأخيرة على مقتل المواطن الأسود جورج فلويد تسبب في اصطفاف حزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين كل خلف مرشحه المقترح لانتخابات الرئاسة المقبلة والمقررة في نوفمبر المقبل.

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يتوقع خوض الفترة الرئاسية الثانية الدستورية له، يرهن بخطابه المُتشدِّد تجاه المتظاهرين، والمتمحور حول النظام والقانون، رئاسته على أن خطوط الترسيم الفاصلة بين المدن الأمريكية وضواحيها في العقود التي تلت مغازلة ريتشارد نيكسون لـ”الأغلبية الصامتة” التي انتخبته إلى البيت الأبيض، لا تزال موجودة.

موضحة أنه سبق أن أعاد الشعب الأمريكي انتخاب الرئيس ريتشاد نيسكون عام 1972 رغم المظاهرات الكبيرة التي شهدتها البلاد في ذلك الوقت.

واستدركت أن ذلك يأتي في الوقت الذي اخترق فيه الديمقراطيون ضواحي البيض والمناطق الريفية التي أوصلت ترامب للرئاسة في 2016.

وأضافت أن الضواحي – غير المُكتظَّة (الأرقى والتي يسكنها البيض بنسبة كبيرة)، والمناطق الريفية منخفضة الكثافة من السُّكَّان في البلاد – بنى فيها الديمقراطيون أغلبيتهم في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي، التي عبَّرَت عن رفضٍ كبيرٍ للرئيس الجمهوري، بحسب ترجمة ل”عربي بوست”.

احتجاجات ومصالح

وعن توظيف الاحتجاجات وتأثيرها في المشهد في الولايات المتحدة، قالت الصحيفة إن نهج ترامب إزاء العنف والاضطرابات التي عصفت بالمدن الكبرى في البلاد مُوجَّهٌ نحو إعادة كسب هذه المناطق، على أملِ أن يرتعد المُصوِّتون من المشاهد الحالية للفوضى والنهب -كما فعلوا في أواخر الستينات- ويتطلَّعوا إلى البيت الأبيض أملاً في تحقيق الاستقرار.

وأضافت يبدو المشهد السياسي كئيباً بالنسبة لترامب، في وقتٍ لم يتبق فيه سوى خمسة أشهر، وفقاً للاستطلاعات الوطنية، قبل الانتخابات العامة.

وتابعت: “لكن هناك فرصةً سانحةً له، إذ يحتفظ ترامب بشعبيةٍ في المناطق الريفية بالولايات المتحدة، وقد فاز بالفعل بهذه الضواحي بفارق 4% في عام 2016، مستنداً بشكلٍ كبير على البيض من غير الخريجين الجامعيين”.

وظهر هذا التوظيف باستعراض الصحيفة نقل ما قاله النائب السابق توم ديفيس، الجمهوري الذي قضى سبع ولاياتٍ في مجلس النواب مُمَثِّلاً لضواحي شمال فيرجينيا: “هناك الكثير من المخاوف حول طريقة عمل شرطة مينيابوليس”. وأضاف: “لكن حين تبدأ في النهب -والآن تنتشر هذه الأعمال في بلدة ليسبورغ بمدينة ماناساس بولاية فيرجينيا- تتخذ السياسات منعطفاً مختلفاً”.

وخلص التقرير إلى أن “ملايين أخرى من المُصوِّتين المُحتَمَلين في هذه الضواحي، وهؤلاء يكمنون في المواقع الجغرافية المُفضَّلة لدى ترامب، لكنهم لم يصوِّتوا من قبل. إنهم يعيشون في مناطق ريفية، وأيضاً في ضواحي الطبقة العاملة، مثل مقاطعة ماكومب، خارج مدينة ديتريوت بولاية ميشيغان. هؤلاء هم الذين يشير إليهم الجمهوريون بحديثهم عن “أغلبية صامتة” جديدة، أي ذلك التصنيف من المُصوِّتين الذين لن ينضموا إلى الاحتجاجات حتى إذا شعروا بالاشمئزاز من عنف الشرطة.

الديمقراطيين يكشفون اللعبة

وفي إماطة للثام التحرك الجمهوري في ولايات اشتعلت فيها الاحتجاجات وبخاصة مينيسوتا حيث لقي جورج فلويد حتفه، يقدِّر الحزب الديمقراطي بالولاية أن هناك 250 ألف شخص أبيض، من غير الخريجين الجامعيين، مؤهَّلون للتصويت لكنهم غير مُسجَّلين، وهذا العدد أكبر 5 مراتٍ من عدد الأصوات التي كان ترامب بحاجةٍ إليها ليلحق بهيلاري كلينتون في الولاية عام 2016، مشيرا إلى أن كلينتون فازت بأصوات ولاية مينسوتا في الانتخابات.

ونقلت تحليل للخبير الاستراتيجي بيت جيانغريكو، بالحزب الديمقراطي، والذي عمل في تسع حملاتٍ رئاسية قوله: “هذا ما يقض مضجعي ليلاً، أعتقد أن هناك الكثير من الناس الذين يؤيِّدون هذا الرئيس والذين لم يُصوِّتوا في المرة السابقة، وهؤلاء أكثر من المعارضين للرئيس الذين لم يُصوِّتوا في المرة الأخيرة، وهم يفوزون بهذه الطريقة”.

وأضاف: “ترامب يلعب عليهم، مُشعلاً نيران الانقسام، لا أن يفعل مثلما فَعَلَ كلُّ رئيسٍ مرَّ على البلاد، سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً”.

ومن جانبه، قال بول ماسلين، أحد كبار الاستطلاعيين الديمقراطيين الذين عملوا في الحملات الرئاسية لجيمي كارتر وهوارد دين: “لا يمكنك أن تفعل ما دعا إليه نيكسون، حيث ما يعنيه “النظام والقانون”، وأن تتوقَّع الفوز في الانتخابات الأمريكية في 2020”.

كانت الحالة المُتغيِّرة للعلاقة بين المدن والضواحي واضحةً ليس فقط في المكاسب التي جناها الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي، حيث حققوا اختراقاً لافتاً بالضواحي.

وفي ردِّ فعل الديمقراطيين في الضواحي تجاه ترامب. بعدما حثَّ ترامب على العمل العسكري للقضاء على الاحتجاجات، عبَّرَت النائبة إليسا سلوتكن، من ولاية ميشيغان، عن أسفها مِمَّا وَصَفَته بأنه “مسارٌ خطيرٌ لمؤسَّساتنا، وجيشنا، وأمتنا”. وفي فيرجينيا، اتَّهَمَت النائبة أبيغيل سبانبيرغ، التي تتضمَّن دائرتها الضواحي الشمالية لريتشموند، الرئيس بـ”التحريض على الانقسام”.

وفي مينيسوتا، خاطَبَ النائب دين فيليبس، الذي ظَهَرَ مع المتظاهرين في نهاية الأسبوع، ناخبيه في الضواحي، قائلاً: “إلى أولئك الذين أمثِّلهم في ويزاتا ومينيتونكا وتشانهاسين ولونغ ليك، أطلب منكم ألا تخافوا من القدوم إلى هنا، وأن تستمعوا وتشعروا بهذا الألم. أطلب منكم أن تخافوا لو لم تأتوا هنا… لأننا إن لم نفعل شيئاً الآن فسيكون هذا يا أصدقائي عاراً علينا أيها الإخوة والأخوات”.

ورأت الصحيفة أن كلمات فيليبس عكست ردود الأفعال إزاء ترامب بصورةٍ عابرة للأجيال وللحزبين الأمريكيَّين، وبينما يستدعي الرئيس سياسات ما بعد الحرب من الماضي في الضواحي، يُتوِّج فيليبس خطابه بـ”أيها الإخوة والأخوات”.

أقليات الضواحي

وبدوره، قال لورانس ليفي، العميد التنفيذي للمركز الوطني لدراسات الضواحي بجامعة هوفسترا، إنه في الضواحي “على عكس ما كان في العام 1968، تثبت الأقليات وجودها بالفعل”.

مضيفا أن هذا لا يقتصر على الضواحي فقط، ففي جميع أنحاء البلاد تنخفض قاعدة ترامب من الناخبين البيض من غير الخريجين الجامعيين.

وقال “بولتيكو” الامريكية إنه مع التنوُّع الأكبر للسُّكَّان من شبه المؤكَّد أن هؤلاء الناخبين سيصوِّتون لترامب، في نوفمبر، لكن الكثير من الديمقراطيين يعتقدون أن المُرشَّح المُحتَمَل جو بايدن مستعدٌ لأداءٍ أفضل مِمَّا فعلته هيلاري كلينتون معهم.

حظوظ بايدن

واعتبر التقرير أن حظوظ جو بايدن، نائب الرئيس السابق، جيدة، وأنه أبلى حسناً مع المُصوِّتين البيض من الطبقة العاملة في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، وتطرح استطلاعات الرأي أنه أقوى معهم مِمَّا كانت عليه كلينتون في 2016.

واستشهدت بما قاله جون أنزالون، كبير استطلاعيي بايدن: “لدينا أيضاً عددٌ هائل من غير المصوِّتين الذين يمكننا كسبهم في صفِّنا”، مشيراً إلى تلك الشريحة من القاعدة الانتخابية، التي تتضمَّن شباباً مُصوِّتين تنحوا جانباً عن انتخابات 2016، لكنهم عادوا للتصويت للديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي.

وأضاف ” أنزالون”: “لدينا ما يكفي من القدرة على استعادة الناس الذي لم يُصوِّتوا في العام 2016”.

وتختلط نتائج الأبحاث حول تأثيرات الاضطرابات المدنية على الانتخابات، فتطرح في بعض الحالات أنها ستساعد الديمقراطيين، وفي حالاتٍ أخرى، مثلما في فوز نيكسون في 1968، أنها ستساعد الجمهوريين.

منظمات “انتيفا”

وعن خطاب الجمهوريين تجاه الاحتجاجات، أوضح التقرير تبنيهم مسؤولية مناهضو الفاشية –اليسار- عن الاحتجاجات، وقالت “يأخذ الجمهوريون في استهلاك التحذيرات بشأن حركة Antifa المناهضة للفاشية على Fox News على محمل الجد.

ومن الجانب الآخر، يسمع الديمقراطيون عضوة مجلس الشيوخ كمالا هاريس، تصف ترامب على شبكة MSNBC بأنه “أسوأ مزيجٍ بين جورج والاس (سياسي أمريكي ديمقراطي مؤيد للعزل العنصري) وريتشارد نيكسون”.

شاهد أيضاً

إعلام غزة: اغتيال الاحتلال للمبحوح يهدف لنشر الفوضى بالقطاع ومنع إيصال المساعدات

صرح مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، أنّ الشهيد العميد فايق المبحوح، كان يشغل عملية …