أثار الحكم الذى أصدره المستشار يحيى دكرورى بخصوص تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر العديد من ردود الأفعال المتباينة, فقد اعتبر كثيرون أنه حكم تاريخى يضاف إلى سجل القضاء الإداري الناصع, ويؤكدعلى استقلالية القضاء ونزاهته وشموخه, وسودت صفحات بكلمات المدح والثناء للقضاء الشامخ فيما اعتبره مطبلاتية النظام الإنقلابى وأبواقه وأذرعه الإعلامية مصيبة وجنازة حامية ونصبوا “المندبة” لأنهم كانوا ملكيين أكثر من الملك في إثبات سعودية الجزيرتين, بل ذهب الإنقلابى مصطفى بكرى إلى القول إن لديه من المستندات والحقائق والوقائع ما يؤكد أن الجزيرتين سعوديتان بحقائق التاريخ وواقع الجغرافيا وأحكام القانون الدولى, وأن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري والذي قضي بملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير صدر من محكمة غير مختصة!, وأن القانون يحرم على القضاء الإداري التعرض لأعمال السيادة ومنها الاتفاقات الدولية والعلاقات الدبلوماسية.
وأن الحكم خالف المادة ١٥١ من الدستور التي تنص على أن (رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب) فكيف يخالف القضاء الإداري أحكام الدستور وكيف يتصدى لواحدة من أعمال السيادة؟!
وأنه في حالة تأييد الحكم ستلجأ السعودية للتحكيم الدولي وسوف تقدم الوثائق المصرية التي تثبت سعودية الجزيريتن, مطالبا كل من لديه وثائق تثبت ملكية الجزيرتين لأي طرف تقديمها للبرلمان!
ولم يفت مصطفى بكرى أن يستدعي شماعة الإخوان ليقول لنا إن المستشار الذي حكم في القضية “إخواني كبير وأنا عارفه من زمان وأطالب بإقالته فورا .. عايزين قضاءنا يبقى شريف ومتماسك وإيد وحدة دائما في كل حاجة” ولكن هذا الأفاك يعلم تمام العلم أن يحيى دكرورى الذى يريد أن يطهره بأن يحوز شرف الانتماء لجماعة الإخوان من مؤيدي النظام الإنقلابى, وقد نزل بنفسه وأولاده في 30/6 وهو الذي أوقف قرار الرئيس مرسي بدعوة الناخبين لإنتخابات مجلس الشعب في2013!
وقال أحد أعضاء البرلمان, وقد حصل على نصيبه من ساعات الرادو والرز السعودى: “مع احترامى الكامل لأحكام القضاء لكن أؤكد سعودية الجزيرتين وأن الدول القوية والمحترمة تمنح الآخرين حقوقهم ولا تسلبها”.
وبعيدا عن شطحات مصطفى بكرى الانقلابية والمهللين والمطبلين للقضاء الشامخ وحكمه التاريخي, الموضوع لايعدو كونه وضع بعض المساحيق لتجميل وجه القضاء الشامخ الذى لا يصدر حكما إلا بعد اتصالات من المعلم عباس ترامادول الذى أصبح رأس الحربة للثورة المضادة, وفى نفس الوقت سيتم الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وقد تقوم بإلغائه, وبالتالى يجب على كل المهللين والمطبلين ومن أحسنوا الظن في القضاء الشامخ أن يقبلوا بحكم المحكمة الإدارية العليا كما قبلوا حكم محكمة القضاء الإداري, وساعتها سيخرج مصطفى بكرى ليصف الحكم بأنه تاريخي وأن القضاء شامخ وحر ونزيه.
أو يتم استدعاء سناريو إتفاقية تصدير الغاز للكيان الصهيونى في حالة إذا ماأيدت المحكمة الإدارية العليا الحكم حيث ستقوم الحكومة الانقلابية بالاستشكال في تنفيذ الحكم دافعة بانعدامه لصدوره من محكمة غير مختصة ولائيا بإصداره لأن التوقيع على الاتفاقيات يدخل في أعمال السيادة التي يمتنع قانونا على المحاكم بكافة أنواعها ودرجاتها النظر فيها ..
ولكن الحقيقة أن زعيم عصابة الانقلاب الذى باع الجزيرتين- بتراب الفلوس- يحاول الضغط للحصول على مزيد من الأرز البسمتى السعودي لأن هذا الحكم فرصة للنظام الانقلابى لإعادة التفاوض مع السعودية حول بنود الاتفاقية بدعوى الاستجابة لأحكام القضاء ومحاولة تخفيف الغضب الجماهيري المشتعل منذ توقيع الاتفاقية مما يؤكد أن النظام الإنقلابى هو من أوعز للقضاء الشامخ بإصدار هذا الحكم للاستمرار في مسلسل إلهاء الشعب بسبب الأزمات المتفاقمة والانهيار الإقتصادى وللتغطية على إخفاقات الانقلاب وابتزاز السعودية بكيسين أزر هدية العيد!
والسؤال هنا: ما موقف برلمان عبد العال من حكم محكمة القضاء الإدارى؟
الواضح أن برلمان العسكر والأجهزة الأمنية التي قبضت العربون من السعودية وساعات الرادو ستتراخى في التصديق على الإتفاقية بزعم انتظار صدور حكم المحكمة الإدارية العليا, وهذا الأمر قد يمتد ربما لسنة أو أكثر مما يؤكد تواطؤ برلمان العسكر!
وإذا أضفنا لذلك أن مكتب المعلم عباس وجه بضرورة المسارعة في اتخاذ إجراءات الاستشكال والطعن على الحكم لوقف تنفيذه من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتصدر قراراً مؤقتاً بوقف التنفيذ قبل البت في موضوع الطعن نهائيا وطبعا سيكون الحكم بعد المكالمة.
الطريف أن محكمة القضاء الإدارى رفضت الدفوع التي أبدتها هيئة قضايا الدولة باعتبار أن الاتفاقية لم يصدق عليها من السلطة المختصة وهي مجلس النواب حتى الآن وأن قرارات توقيع الاتفاقيات أعمال سيادية تخرج عن اختصاص القضاء بوجه عام, مؤكدة أن التوسع في نطاق أعمال السيادة أمر تتسم به الأنظمة الديكتاتورية. لامايصحش كدة!!
كما أن الكنيسة التى نالها جانب من الود السعودي الانقلابى والذى تمخض عن زيارة الملك سلمان لتواضروس في كنيسته, أعلن محاميها عن رفضه ما اعتبره استغلال البعض لحكم محكمة القضاء الإداري وأنه يحترم أحكام القضاء أيا كانت, ولن نسمح للإخوان بالمزايدة على القضاء المصري!