عـادل أبو هـاشـم يكتب: الـنكـبـة الفـلسطـينية الثـامنة والسـتـون!

ثمانية وستون عاما مرت على نكبة ضياع فلسطين ونكبة العرب جميعاً.

ثمانية وستون عاما مضت والشعب الفلسطيني يعيش في متاهات وأحزان وآهات وذكريات الأرض السليبة، والوطن المختطف، والشعب المشتت، والأقصى المهدد.

ثمانية وستون عاما من الحروب والدماء والمؤامرات على هذا الشعب الذي يقف وحيدا أمام آلة القتل الصهيونية.

ثمانية وستون عاما إسرائيلياً و ثمان وستون نكبة فلسطينية!

هل كانت النكبة عام 1948م كرة الثلج التي أوصلتنا لما نحن عليه اليوم؟

في ذكرى النكبة خرج علينا الخبير الاقتصادي نهاد نشوان بتقرير حول الاقتصاد الفلسطيني تحت حكم السيد محمود عباس نزل على الفلسطينيين كالطامة الكبرى، حتى أطلق عليه البعض “الـنكـبـة الفـلسطـينية الثـامنة والسـتـون”!

تحدث نشوان عن صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي من المفترض أن يكون صندوقاً وطنياً سيادياً قومياً كونه إرث الشعب الفلسطيني، وهو أكثر ملف مالي غامض، والذي يديره مكتب محمود عباس ومحمد مصطفى رئيس الصندوق.

وبين نشوان أن الصندوق يمتلك خمسة محافظ استثمارية تتمثل في (محفظة المشاريع الصغيرة، ومحفظة الاستثمارات العقارية، ومحفظة البنية التحتية، ومحفظة الرأس مالية، ومحفظة أسواق المال).

وأنّ المحافظ الاستثمارية موزعة على خمسة وعشرين برنامجا وشركة استثمارية جميعها في الضفّة الغربيّة، بينما لم يستثمر الصندوق في قطاع غزّة منذ تأسيسه دولارًا واحدًا, بخلاف برج هنادي ومصنع عصائر غزّة!

ويقول نشوان: “إنّ قيمة ممتلكات صندوق الاستثمار محل خلاف كبير بسبب اختلاف مصادره، مثال على ذلك في عام 2002م استثمر الصندوق ” 240 مليون دولار” مع السيد نجيب ساويرس في شركة “أوراسكوم للاتصالات” ، نتيجة ذلك في عام 2005م أصبح رأس مال الصندوق في شركة أوراسكوم “1مليار و 450 مليون” تم دفعهم نقداً “.

ويوضح نشوان مثالاً آخر ” تصريح السيد محمد دحلان عضو المجلس التشريعي عن حركة فتح بحكم إطلاعه على الصندوق أن محمود عباس استلم مبلغ قيمته ” 1 مليار و 460 مليون دولار” عام 2005 م  لصالح صندوق الاستثمار، نلاحظ أنّ المصدرين يؤكدان على نفس المبلغ في سنة 2005م”.

بناءً على ذلك, من المفترض بعد مرور 11 سنة على المبلغ في صندوق الاستثمار أن يصبح “4 مليار و800 مليون دولار” بحساب الحد الأدنى، بينما المصرّح به من الصندوق في تقريره المالي لعام 2014م أن ممتلكات الصندوق بجميع أرباحه واستثماراته تقدّر بـ “795  مليون دولار”.!

ويلاحظ وجود فرق رقمي مختفٍ من أموال شعب لاجئ تحت الاحتلال  هو 4 مليار دولار، علماً بأنّ هذا المبلغ يمثل الناتج القومي الفلسطيني لمدّة سنتين، إلى جانب وجود ملاحظات مالية على المتبقي من المبلغ المفقود!

ويوضح نشوان هذه الملاحظات بالأرقام في تقريره.

 ويُعد اختفاء ” أربعة مليار دولار” مثالا صارخا على الفساد الكبير، إضافة إلى الاستخفاف بعقول أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن أموال الصندوق القومي وأموال الشهداء والجرحى وأموال الأجيال القادمة طارت في الهواء ولم يعرف مصيرها!

كتب الكثير عن حالة الضنك والفقر والعوز التي عاشها محمود عباس حيث يقول عن طفولته:

 ” لم أدخل المدارس كالأطفال، وإنما اعتمدت علي نفسي ودرست في المنزل وحصلت أولاً علي شهادة الكفاءة، وقبلها اشتغلت عاملاً يومياً في مجال تبليط الأرض، كما اشتغلت نادلاً في مطعم، وعندما حصلت على الإعدادية عملت مدرساً وحصلت على شهادة الثانوية وأنا أشتغل، ثم انتسبت إلي جامعة دمشق (كلية الحقوق) وأنهيت السنتين الأولى والثانية في جامعة دمشق سنة 1956م لألتحق بالكلية العسكرية السورية ولكنهم تراجعوا فيما بعد ( بشهر واحد ) وأخرجوني منها ” .

 وما يعنينا هنا حقيقة أبنيه؛ ياسر وطارق وثرائهما غير المشروع من صندوق الاستثمار الفلسطيني؛ لقد فتح محمد رشيد المستشار الاقتصادي للرئيس ياسر عرفات “صندوق العجائب” حول ثروة عباس وأبنيه حيث أكد أن محمود عباس نهب على الأقل 100 مليون دولار بطرق غير مشروعة، واكتشف الفلسطينيون أن مال الشعب ينهب من ” أبناء عباس” وشركائهم، وأن رئيس السلطة هو الذي يفتح لهم المجال، ويسخر السلطة وعلاقات السلطة بالدول  لصالح أبنائه مما أضر ويضر كثيرا بمصالح الشعب الفلسطيني.

وقد نشرت مجلة  ” فورين بوليسي ” الأمريكية أرقامًا لوكالة  ” رويترز ” حول ما قالت إنه ( ازدياد في ثراء نجلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس على حساب الفلسطينيين).

ونشرت وكالة رويترز، سلسلة مقالات تكشف الرابط والعلاقة بين أولاد عباس وعدة صفقات مالية وتجارية، بما في ذلك مشاريع مدعومة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، أي مال دافعي الضرائب الأمريكيين!.

ويملك ياسر عباس ما يلي:

شركة ” فالكون” للتبغ التي تتمتع بحصرية لا سابق لها لبيع السجائر الأمريكية بمختلف أنواعها ومصادرها في الأراضي الفلسطينية، وحسب صحيفة “تورونتو ستار”  فإن ياسر عباس يرأس محموعة ” فالكون القابضة” , وهي شركة متعددة الأجنحة تملك شركة ” فالكون للمشاريع الكهربائية والميكانيكية “، وهي شركة تتعاقد لإنشاء مشاريع كهربائية وميكانيكية وتسمى ”  F E M C “، وقد أسست عام 2000م في غزة، ولها فروع في الأردن، وقطر، والإمارات المتحدة، والضفة الغربية .

ولقد نجح عمل هذه الشركة نجاحا كبيرا بمساعدة ” العم سام”، واستنادا لتقارير رويترز  فإن شركة ياسر عباس استلمت من برنامج المساعدات الامريكية ” USAID ”  في العام 2005م مبلغ مليون و890 ألف دولار لبناء مصارف للمياه العادمة في مدينة الخليل، وحسبما يقول ياسر محمود عباس في سيرته الذاتيه، فإن شركة ” فالكون القابضة ” التي يملكها، تمتلك أذرعا أخرى منها ” شركة فالكون للاتصالات الدولية ”  و” شركة فلكون للاستثمارات العامة “، وهذه شركة تحيط بها سرية كبيرة ولا يعرف الكثير عن نشاطاتها أو مصادرها.

وصرح ياسر عباس لمجلة إماراتية في العام 2009م بالقول إن عائدات هذه الشركة وأذرعها تبلغ 35 مليون دولار سنويا.

ولكن مجموعة ” فالكون” بأذرعها، ليست الوحيدة على لائحة أملاك أولاد عباس، فياسر عباس مسجل في قاموس رجال الأعمال ورجال المال في كمبيوتر المعلومات المالية ومركزه نيويورك CREDIT RISKMONITOR كرئيس مجلس إدارة شركة المشرق المساهمة للتأمين، والتي تملك 11 مكتبا في الأراضي الفلسطينية وتزيد قيمة هذه الشركة في السوق المالية الفلسطينية عن 25 مليون دولار.

 وياسر محمود عباس هو المدير العام لشركة “إدارة مشاريع الإعمار” ، وتحمل إسم “الخيار الأول” FIRST OPTION PROJECT CONSTRUSTION MANAGEMENT COMPANY، وتقوم هذه الشركة حسبما نشرت على موقعها الإلكتروني بعشرات المشاريع التابعة لوزارات السلطة، خاصة وزارة الأشغال العامة مثل شق الطرق وتعبيدها، وبناء المدارس المقررة من السلطة الفلسطينية، وأشغال عامة في البلديات كمشاريع المجاري، وإعادة رصف وتعبيد الطرق، ولهذه الشركة 15 مديرا تنفيذيا فرعيا، موزعين في مكاتبها المقامة في عمان، وتونس، والقاهرة، ومنيتنيجرو، ورام الله، وتستفيد هذه الشركة من المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة للسلطة، وتسلمت من برنامج المساعدات الأمريكية ”  USAID ” مبالغ كبيرة بين عامي 2005 م و 2008 م.

وقالت المجلة الأمريكية ” فورين بوليسي ” إن ياسر عباس زار كازاخستان أكثر من مرة كمبعوث خاص, وقال مسؤول في إدراة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إنه  ” كان يرافق والده في الزيارات الرسمية ” !.

ياسر عباس الذي يتجاوز دخله السنوي مبلغ 35 مليون دولار أمريكي، قال إنه يقوم بتسيير معاملاته بيده وينتقل بين عدة دول لمتابعة أعماله شخصيا!

أما طارق  محمود عباس النجل الأصغر للرئيس عباس فهو قليل الظهور مقارنة بأخيه الأكبر, وهو يتبع خطى أخيه حيث عمل في نفس الشركة الخليجية التي عمل فيها شقيقه الأكبر في بداية التسعينات، والآن يمتلك طارق شركة ” سكاي  للإعلانات” التي كانت أرباحها في عام 2010 م حوالي 7,5 مليون دولار، وقد تلقت هذه الشركة مساعدة مقدارها مليون دولار من برنامج المساعدات الامريكية لدعم الرأي العام في الأراضي الفلسطينية لموقف الإدارة  الأمريكية!

وأخيراً:

هل نحن في أجواء الـنكـبـة الفـلسطـينية الثـامنة والسـتـين في زمن محمود عباس؟!

وأي ثمانية وستون؟! بعد المائة؟ أم بعد الألف أم بعد المليون؟!

أليس من حق الشعب الفلسطيني الذي يقاتل الاحتلال بالحجر والسكين والبلطة والرصاصة أن يطالب رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد بفتح ملف  صندوق الاستثمار الفلسطيني، وملفات عباس وابنيه، والتحقيق في مصدر ثروته وثروة أبنيه وعائلته المقربة، وهو الذي يقول إن: ” يد القضاء تطال أي فاسد مهما كان مركزه ومهما كانت صلاحياته وأينما كان موقعه إن كان في فلسطين أو خارج الوطن سنلاحقه ونطلب استرداد كل أموال الشعب الفلسطيني”!

أليس من حق الشعب الفلسطيني وحق شهدائه وجرحاه وأسراه أن يُسئل محمود عباس ــ الذي يتشدق بالشفافية والنزاهة ــ عما يشاع ويقال عن خسارة شركة ابنه ياسر مبلغا قدره 18 مليون دولار تمّ تغطيته من صندوق الاستثمار الفلسطيني؟!

وأليس من حقه  ــ أيضاً ــ أن يطلب إجراء تحقيق فيما نُشِر عن التهرب الضريبي لشركة ” سكاي  للإعلانات ”  التي يملكها ابنه طارق؟، وكذلك التحقيق في تفاصيل تقرير الموازنة التطويرية الذي نشرته وزارة المالية على صفحتها الرسمية والذي يتضمن مصاريف طائرة الرئيس الخاصة والترويج لبرنامجه السياسي والأمني، ومصاريف أخرى تصل إلى أكثر من 55 مليون شيكل من أصل أقل من 69 مليون شيكل أي 80 % من أصل النفقات التطويرية!

كيف وصل بنا الحال ــ في زمن محمود عباس ـــ أن يخرج علينا أحدهم بالقول:

 ” لو بقينا على نكبة 1948م لكانت النكبة عيد”!

قال الله سبحانه وتعالى:

( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)

 وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: 

” إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه”.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …