فورين أفيرز: المعارك على مناطق صغيرة قد تشعل شرارة حروب كبرى

قالت مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) الأمريكية إن الدول باتت في أيامنا هذه تتبنى إستراتيجية مختلفة في الغزو والهيمنة على الأرض ليس عبر الحرب التقليدية المؤدية للانتصار وفرض السيطرة، بل من خلال الاستيلاء على رقعة جغرافية صغيرة بشكل خاطف وبأقل قدر من الخسائر، ثم محاولة تجنّب الحرب الشاملة لاحقا، مشيرة إلى أن الحروب الكبرى قد تنشأ بسبب الاستيلاء على قطعة أرض صغيرة.

وذكرت المجلة -في تحليل لدان ألتمان الأكاديمي المختص في العلوم السياسية بجامعة ولاية جورجيا- أن هذا النوع من الغزو السريع يشبه إلى حد كبير ما قامت به روسيا في شبه جزيرة القرم وما قد تقدم عليه الصين مرة أخرى في بحر جنوب الصين.

ويتفق الباحثون على أن الغزو كإستراتيجية للسيطرة قد انخفض بشدة على مدى العشرين عاما الماضية وربما اقترب من النقطة التي سيختفي فيها تماما، حيث بات المعيار العالمي لاحترام وحدة أراضي البلدان، الذي تدعمه القوة الأمريكية، قويا لدرجة أن أطماع الغزو قد تراجعت إلى حد كبير.

ويعتقد أن هذا الفهم المشترك بأنه من غير المقبول الاستيلاء على الأراضي بالقوة قد ترسّخ بعد الحرب العالمية الثانية حتى إنه وضع حدا لكل مغامرات الغزو تقريبا نهاية سبعينيات القرن الماضي.

وترى المجلة أن تصوير الغزو وكأنه آيل للزوال أمر يبعث على الأمل، لكنه ليس دقيقا حيث لا يزال قضية مركزية في السياسة الدولية وإن تضاءل حجمه.

فعلى الرغم من أن محاولات غزو دول بأكملها أضحت نادرة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث مرت أكثر من 30 سنة منذ أن تم غزو بلد بشكل كامل (غزو العراق للكويت لفترة وجيزة)، فإنه سجلت أكثر من 70 محاولة لغزو الأراضي منذ عام 1945. وكقاعدة عامة، فإن الغزو بشكله الحديث يتم من خلال الاستيلاء على أراض لا يزيد حجمها عن ولاية أو مقاطعة واحدة، وربما أقل من ذلك.

فحينما يستولي الغزاة على رقعة جغرافية صغيرة فقط بدلاً من دولة بأكملها -تضيف المجلة- نادرًا ما يتدخل المجتمع الدولي للدفاع عن البلد المعتدى عليه، كما أن هذا النوع من المحاولات غالبا ما يكلل بالنجاح ويتم فرض السيطرة على الأرض، والفكرة الرئيسية وراء هذه الإستراتيجية هي أن أخذ قطعة أرض صغيرة يجعل الضحية تميل أكثر للتكيف مع خسارتها بدل تصعيد الصراع لأجل استعادتها.

من ناحية أخرى، تؤكد فورين أفيرز أن هذا النوع من إستراتيجيات الغزو المحدود قد يتصاعد أحيانا إلى حروب كبرى تكون لها عواقب دائمة، ففي عام 1978 -على سبيل المثال- استولت أوغندا على الأراضي الصغيرة المعروفة باسم “كاجيرا سالينت” (Kagera Salient) من تنزانيا، لكن بدلا من قبول الخسارة قامت القوات التنزانية بهجوم مضاد واستعادت السيطرة على المنطقة ثم واصلت طريقها للعاصمة الأوغندية كمبالا حيث أطاحت بالدكتاتور سيئ السمعة عيدي أمين.

كما واجه نظام الإبادة الجماعية للخمير الحمر في كمبوديا فترة تراجعه في ظل ظروف مماثلة، حيث استفزت تسللاته العدوانية على طول حدوده مع فيتنام الفيتناميين ودفعتهم إلى خيار الغزو.

كما نشأ الصراعان الأكثر عنفًا على الإطلاق بين قوى نووية بسبب مناطق صغيرة تبدو أهميتها غير متناسبة بشكل صارخ مع خطر اندلاع حرب نووية.

ففي عام 1999، تسلل مقاتلون باكستانيون متخفون في هيئة مقاتلين كشميريين للاستيلاء على العديد من التلال الإستراتيجية على الجانب الهندي من خط السيطرة في كشمير، مما كبد الهند مئات القتلى قبل تمكنها من طردهم.

وعام 1969 اندلع القتال بين الصين والاتحاد السوفياتي على جزيرة “زينباو” (Zhenbao) في نهر أوسوري الحدودي بين الدولتين، وقد أثار كلا الصراعين مخاوف في جميع أنحاء العالم من حدوث تصعيد نووي لا تحمد عقباه.

 

شاهد أيضاً

نتنياهو لعائلات الأسرى: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع الخميس مع عائلات الجنود الذين تم احتجازهم …