مصر في المركز الـ61 عالميًا والـ7 عربيًا في مؤشرات الجوع

جاءت مصر في المرتبة 61 ما بين 119 دولة شملها تقرير مؤشر الجوع العالمي الذي يصدر سنويًا عن المَعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، تقوم منهجية التقرير على مقاييس متعددة الأبعاد تشمل مؤشرات سوء ونقص الغذاء، وما ينتجه من معدلات هزال الأطفال والتقزم ووفيات الأطفال، ويعتمد التقرير على البيانات الأولية لمنظمات أممية منها الفاو والصحة العالمية، واليونيسيف، والبنك الدولي.

يتم قياس الجوع عبر النقاط، حيث تعني زيادتها ارتفاع نسب الجوع، وأشارت نتائج التقرير إلى وجود 49 دولة بها نسب جوع منخفضة، و23 دولة نسب الجوع فيها معتدلة، بينما 43 دولة وضعها خطر.

حصلت مصر على 14.9 نقطة لتكون بالمرتبة الثالثة في الدول العربية الأكثر فقراً بعد السودان والعراق، إذا تم استثناء سورية واليمن بحكم ظروف الحرب، وبهذا تصنف ضمن قائمة الدول ذات معدلات الجوع المعتدلة Moderate والتي تتراوح ما بين 10.0–19.9 نقطة، وجاءت الجزائر في المركز الـ47 للدول الأقل جوعا بمعدل نقاط 10.3 نقطة، وسلطنة عمان بالمركز الـ52 بمعدل 11.4 نقطة، والعراق في المركز الـ 68 بمعدل 18.7 نقطة، ولبنان في المركز الـ53 بمعدل 11.6 نقطة، والأردن في المركز 48 بمعدل 10.5 نقطة.

وضمن الدول ذات نسب الجوع المنخفضة (تقل عن 9.9 نقاط) جاءت تونس بالمركز 23 بمعدل 6.2، والسعودية بالمركز الـ 34 بـ8.5 نقاط، وصنفت دول أخرى عربية وأفريقية بأن أوضاعها مقلقة، منها ليببا وسورية والصومال وإريتريا وجنوب السودان.

وكانت أغلب دول أفريقيا المتبقية في وضع صنف بالخطر تتراوح فيه نسب الفقر ما بين 20 إلى 34.9 نقطة، وشملت قائمة طويلة منها السودان (32.6 نقطة) وموريتنا وإثيوبيا، بينما جاءت اليمن ضمن قائمة الدول الأشد خطورة (35.0–49.9 نقطة) وهي بذلك تقع في المركز قبل الأخير بمعدل 116 نقطة، أما الدولة الأشد جوعا فكانت أفريقيا الوسطى (45.9 نقطة).

مصريا لا تتوفر حتى الآن تقارير رسمية عن حالة الجوع، ما عدا مؤشر الفقر المدقع (عدم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء) الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وتتعاون عدة جهات مع منظمة الفاو للوصول إلى مؤشرات الجوع بشكل أفضل، لكن هذه الجهود لم تسفر عن مؤشرات إحصائية، كذلك تعد الجهود غير الحكومية في دراسة الجوع والخروج بمؤشرات إحصائية أخرى محدودة.

ورغم ذلك يمكن الاستدلال على حالة الجوع من عدة بيانات قطاعية مرتبطة بتشكله ومظاهره، سواء على أرضية الأسباب كعدم كفاية المواد الغذائية، وزيادة معدلات استيرادها نتاج تراجع الانتاج الزراعي، وكذلك علاقة أسعار السلع بالأجور.

أما المظاهر فهي متعددة منها الأمراض المتصلة بنقص التغذية ومنها الهزال والتقزم، كما يدلل مؤشر الفقر المدقع والقومي على حالات الجوع، وبهذه المقاربة يمكن تلمس حالة الجوع في مصر، وحالة الأمن الغذائي، إلا أن الوصول إلى مؤشرات دقيقة حول الجوع يحتاج إلى مقاربات متنوعة ترتبط بكل المؤشرات السابقة في ترابطها جغرافيا وقطاعيا، وأيضاً مراعاة تلك المقاييس للمراحل العمرية المختلفة وكذلك مراعاة قضايا النوع الاجتماعي.

حسب مؤشر الجوع العالمي شهدت الفترة من 2014 – 2018 ارتفاع الجوع بمصر، وهي ذات فترة تصاعد تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادي، والذي شمل إجراءات نقدية كخفض قيمة العملة (تحرير سعر الصرف) وزيادة أسعار بعض السلع والخدمات وزيادة الضرائب، وما نتج عن ذلك من معدلات فقر وتضخم يؤثر على الجوع.

صحيح أن مشكلة الجوع ليست وليدة وحسب هذه الفترة، وإنما ترتبط بشكل أساسي بمجمل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر من سنوات طويلة، وأنتجت أزمات متعددة الأوجه، ومع التسليم بأن الظاهرة عالمية، إلا أن الإجراءات الاقتصادية في الأربع سنوات الماضية فاقمت الجوع.

تؤدي زيادة تكاليف مستلزمات الزراعة قياسا بمعدل الربح، وضعف الإنفاق العام على الإنتاج الزراعي والحيواني، إلى تراجع الإنتاج، ويفاقم ذلك معدلات الجوع، حيث يجعل تلبية حاجة المستهلكين مرتبطة بالاستيراد، وهذا ينعكس بدوره على ارتفاع أسعار الغذاء في النهاية.

كما يؤثر انخفاض قيمة العملة، ومحدودية الأجور وزيادة معدلات التضخم على إمكانيات الحصول على كمية مناسبة من الغذاء لفئات واسعة من السكان، خاصة مع ارتفاع نسب العمالة غير المنتظمة (نحو 15 مليونا) ونسب البطالة، ومع توسع احتكارات قطاع الأغذية تصبح دائرة الحصول على غذاء صحي بسعر مناسب بالنسبة للفقراء أمرا صعب المنال.

وتساهم السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في زيادة معدلات الفقر والجوع، فنمط الاقتصاد الذي تغلب عليه الأنشطة المالية والتجارية أكثر من الإنتاج ينتج أرباحا على جانب، والفقر والنهب على جانب آخر.

وقد وضحت عدة تقارير أممية زيادة نمط النشاط المالي والتجاري في الاقتصاد العالمي، مما قلص فرص العمل والأنشطة الإنتاجية، ومنها إنتاج الغذاء بطبيعة الحال، كان منها تقارير الأونكتاد وبعض تقارير صندوق النقد الدولي المتعلقة بآفاق الاقتصاد العالمي.

وأدت موجة تراجع سياسات الحماية الاجتماعية والتوسع في إجراءات التقشف على بعض مواطني الدول الأوروبية التي تشهد أزمات اجتماعية واقتصادية، منها الجوع، وتلك الأزمات تؤشر على حدوث توترات اجتماعية واسعة مستقبلا.

حسب تقرير منظمة الاغذية والزراعة “حالة الأمن الغذائي” لعام 2019 هناك 10% من المصريين يعانون حالة شديدة من انعدام الأمن الغذائي، بينما 36% حالة انعدام الأمن الغذائي لديهم معتدلة، إجمالا هناك 46% من السكان يعانون عدم الأمن الغذائي، يتمظهر ذلك في حالات الهزال لدى الأطفال دون الخامسة (9.5%)، وانتشار حالات التقزم 22.3% لنفس الفئة العمرية، كما وصلت حالات فقر الدم لدى النساء في سن الحمل إلى 28.5%.

وتشير منظمة الفاو إلى أن واحدا من كل تسعة اشخاص في العالم يعانون الجوع، وللمفارقة تزداد معدلات الجوع في القطاعات العاملة بالزراعة والصيد (يقدرون في مصر بـ21.9%)، قطاعياً يبلغ دخل العاملين في خدمات الغذاء والإقامة أسبوعيا 656 جنيها، وفي قطاعات التعليم 521 جنيها.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه شهريا، ارتفع في مارس 2019 إلى 2000 جنيه، إلا أن القرار ينتظر التطبيق، كما عانى الفقر المدقع 5.3% خلال عام 2015، ووصل الفقر الكلي إلى 27.8%، وعموما كلما انخفض الدخل تتسع احتمالات توسع ظاهرة الجوع.

وإذا أضفنا إلى المؤشرات السابقة محدودية المساحات المنزرعة (9.1 ملايين فدان عام 2015/2016 و9.13 عام 2016/2017) وقلة مساحات الأراضي المستصلحة، ونتائج ذلك على الإنتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي للعديد من السلع الغذائية، فسنقترب من مسببات الجوع أيضا، بلغ الاكتفاء الذاتي من القمح 34.5% من معدل الاستهلاك، وهي أقل نسبة منذ 2010 والتي كانت حينها تقدر بـ40.5% من الاستهلاك، وانخفض الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء والأسماك (بلغ الإنتاج 1.7 مليون طن أسماك خلال 2016، 1.8 خلال 2017) بينما بلغ متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء 7.9 كيلوغرامات سنويا خلال عام 2016/ 2017، وهذا أقل من المتوسط العالمي الضروري لضمان تجاوز سوء التغذية.

شاهد أيضاً

نتنياهو لعائلات الأسرى: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع الخميس مع عائلات الجنود الذين تم احتجازهم …