كلوب هاوس.. بين الانتشار المذهل والمخاطر الأمنية

أثار الانتشار الواسع لتطبيق كلوب هاوس (Clubhouse) خلال فترة قصيرة، موجة من الجدل ليس فقط حول ماهية التطبيق وما الجديد والمختلف الذي يقدّمه مقارنة بمواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى، ولكن أيضاً حول المخاطر التي قد يتعرّض لها مستخدموه ودرجات الأمان والخصوصية التي يوفِّرها، فضلاً عن إتاحته حصراً لشريحة محددة من المستخدمين الذين يمتلكون هواتف آيفون، حتى الآن على الأقل.

انتشار مذهل

على الرغم من ظهور “كلوب هاوس” في أبريل/نيسان 2020 على يد مؤسسيه بول دافيسون وروهان هيث العاملَين في وادي السيليكون، بالتزامن مع إجراءات الإغلاق التي اتخذتها دول عدة حول العالم بهدف الحد من انتشار وباء كورونا، فإنه حقق طفرة كبيرة خلال الأسابيع الماضية، ليرتفع عدد مستخدميه إلى أكثر 8.5 مليون أكثر من نصفهم حمّل التطبيق خلال فبراير/شباط الجاري.

ومما عزز انتشار التطبيق بهذه السرعة شعور الكثيرين بأنه يوفّر قدراً من الحرية لا تقدّمها التطبيقات الأخرى، إذ إن المحادثات الصوتية فقط هي ما يمكن إجراؤه عبر التطبيق، فلا يخشى المستخدمون تسجيل ما يقولونه على غرار الرسائل النصية في تطبيقات أخرى مثل فيسبوك وواتساب وإنستغرام وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إعلان بعض المشاهير أمثال رجل الأعمال إيلون ماسك (الذي دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء محادثة معه عبر التطبيق) ومؤسس فيسبوك مارك زكربيرغ وغيرهما من سياسيين وفنانين ورجال أعمال، استخدامهم التطبيق والدخول في نقاشات ومناظرات، شجّع الكثيرين على تحميله لمعرفة ما الذي يجري في هذا العالم الصوتي بالكامل، فضلاً عن إحساس كثير من الناس بالوحدة والتعطش لمقابلة آخرين والدخول معهم في حوارات، بسبب إجراءات الغلق التي لا تزال مستمرة في معظم بقاع العالم.

وتعليقاً على هذا الانتشار المذهل، قال مؤسس التطبيق بول دافيسون في إحدى المناسبات إن “الزيادة جنونية، ونحن نحاول فقط اللحاق بما يحدث”، معتذراً إلى ضيوفه عن تأخره في اللحاق بجلسة “قاعة المدينة – Town Hall” الأسبوعية، بسبب حوار مع نائب أمريكي ديمقراطي في غرفة مجاورة.

أمّا في ما يخص المستخدمين العرب تحديداً، فقد أحدث “كلوب هاوس” زخماً كبيراً، لا سيما بين دوائر النشطاء والسياسيين المقيمين خارج بلدانهم لأسباب سياسية أو غيرها، إذ إنه قدّم لهم منصة للنقاش الهادئ سواءً مع من يتفقون معهم الرأي ومن يخالفونهم، فإن كان معظم سكان العالم متعطشين لدى كثيرين إلى التحدث والحوار بسبب إجراءات الغلق، يزيد الأمر مع هؤلاء بسبب بعدهم عن دولهم وافتقادهم التحدث صوتياً مع مواطنيهم.

تخوفات وشكوك

وعلى الرغم من المميزات الكثيرة التي يوفِّرها “كلوب هاوس”، فإن الأمر لا يخلو من تخوفات لدى البعض، تتعلق باعتبارات الأمان الرقمي واحتماليات التطفل والمضايقات من بعض المستخدمين، وحتى التخوفات الأمنية بما يشمل تعقب المعارضين السياسيين وتسجيل محادثاتهم بطريقة أو بأخرى، وكذلك القلق من إشاعة خطابات متطرفة أو تحض على الكراهية، نظراً إلى أن آليات المراقبة التي يوفِّرها التطبيق أضعف كثيراً من تلك التي تعتمدها تطبيقات أخرى أقدم منه.

وبخصوص اعتبارات الأمن الرقمي، فقد تعرّض “كلوب هاوس” بالفعل في غمرة صعوده، لاختراق أدّى لتسريب بيانات آلاف المستخدمين، وصرّح مطورو التطبيق حينها أنهم يراجعون لوغاريتمات برمجته لمعالجة نقاط الخلل.

واتهم مجموعة من الباحثين بجامعة ستانفورد التطبيق بأنه “يتضمن عيوباً أمنية سمحت للحكومة الصينية بالوصول إلى بيانات المستخدمين”، وفقاً لدراسة أجرتها الجامعة ونشرتها وكالة رويترز، كما بيّن تقرير صادر عن “مرصد ستانفورد للإنترنت” وجود ثغرات في بنية التطبيق البرمجية.

أمّا على الصعيدين الأمني والسياسي، فقد بدأت أنظمة بعض الدول بالفعل في اتخاذ خطوات على  طريق استهداف المعارضين، حتى أن السلطات في الصين أقدمت على حظر استخدامه بعد تدفق المستخدمين الصينيين الذين وجدوا فيه ملاذاً آمناً بعيداً عن القبضة القوية التي تُحكِمها بكين على مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى.

وفي المنطقة العربية، واجه نشطاء عراقيون وخليجيون تهديدات بسبب مشاركاتهم على التطبيق، ولكن المثال الأوضح لما يمكن أن يحمله التطبيق من مخاطر على هذا المستوى، كان في مصر حيث هدد الإعلامي المقرّب من النظام أحمد موسى المعارضين بأن محادثاتهم يمكن اختراقها ومعرفة ما يدور من أحاديث بين المعارضين، وذكر بالاسم أكثر من شخص متهماً إياهم بأنهم فرّوا من أحكام قضائية في مصر، بسبب اتهامات تتعلق بـ”الإرهاب”

وفكرة “كلوب هاوس” بسيطة، تعتمد على الصوت وسيطاً أساسياً في التواصل في ما يشبه الراديو، لكن مع إمكانية المشاركة. ويتكوّن من عدد من الغرف التي تختارها وفقاً لموضوعاتك المحببة، ولكل غرفة مشرف أو أكثر ينظّمون المحادثات داخلها، ويسمحون للضيوف تباعاً بالتحدث والمشاركة في النقاش أو رواية الحكايات والتعليق صوتياً، كما يمكنك التنقل بين الغرف والاستماع إلى أكثر من موضوع في ما يشبه خاصية “سكرول داون” على فيسبوك، أو التنقل من فيلم إلى آخَر في المهرجانات السينمائية مثلاً.

وتحتمل الغرفة الواحدة 5 آلاف شخص كحدّ أقصى لحضور كل محادثة، ويقتصر التطبيق على أنظمة IOS، ولا يمكن الاشتراك فيه إلا بعد الحصول على دعوة شخصية من أحد مستخدميه، أو تسجيل اسمك في الموقع الرئيسي وانتظار قَبول انضمامك حتى تتمكن من المشاركة.

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …