لماذا لم يُحاكم نظام السيسي بتهمة قتل الشهيد مرسي بالإهمال الطبي؟

جاءت الدعوي القضائية التي رفعها الناشط المصري الامريكي الجنسية محمد سلطان (نجل الداعية صلاح سلطان المحبوس حاليا بسجن طرة)، أمام القضاء الامريكي للمطالبة بمحاكمة عدد من المتورطين في التعذيب من نظام السيسي، وتسليم المدعى عليه حازم الببلاوي في منزله في ولاية ڤيرجينيا لائحة الاتهام، لتفتح الباب أمام محاكمة قادة الانقلاب لقتلهم الرئيس محمد مرسي ومئات الضحايا بخلاف المجازر الشهيرة التي ارتكبوها.

فلم يتفق المصريون ولا العرب ودول العالم على شيء في الآونة الاخيرة بقدر ما اتفقوا على ان الرئيس المصري محمد مرسي اول وأخر رئيس منتخب في مصر قد تم قتله أو إعدامه واغتياله بالإهمال الطبي المتعمد وربما دس سموم له في الطعام كما اشتكي هو لقاضيه الذي تجاهل شكاواه وبات مجرما يجب محاكمته مع القتلة.

وعلى مدار 6 سنوات قضاها في سجن انفرادي بلا زيارة سوي 3 مرات ورفض علاجه، ظهر الرئيس مرسي علنا ليقول للقاضي أنه يتعرض للموت داخل سجنه ويطلب لقاء محاميه واسرته، وظهر وهو يطلب منه العلاج على نفقته لأنه مريض وحياته “في خطر” كما قال، دون استجابة كأن قرار قتله قد صدر وينتظر وقوعه.

وأصدرت منظمات حقوقية ومحلية بيانات تحذر من قتله داخل سجنه بسبب رغبة السيسي قائد الانقلاب في عدم بقاء دليل إدانته حيا، ومع هذا لم يتحرك أحد حتى وقعت الجريمة أمام العالم، ما يعني أن أدلة الاتهام متوفرة.

وقد تكون القضية التي رفعها محمد سلطان ضد السيسي وأعوانه يونية الجاري 2020، والتي تستند إلى قانون أمريكي صدر عام 1991 بعنوان “العدالة والمساءلة”، يسمح للناجين من التعذيب بمقاضاة معذبيهم، فرصة لمقاضاة اعوان السيسي حال وطأت أقدام أي منهم أمريكا.

جرائم موثقة

فقد أكدت المنظمات الحقوقية المصرية والدولية وغالبية الحقوقيين المصريين والعرب والاجانب ان الرئيس “مرسي” قُتل” عمدا كما قتلت سلطة الانقلاب قرابة ألف غيره من المعتقلين بالإهمال الطبي بحسب منظمات حقوقية.

ورصد الحقوقي المصري أحمد مفرح ارتفاع عدد المحتجزين الذين توفوا منذ يونيو 2013 بداخل السجون المصرية الي 830 حالة، اخرهم 17 حالة وفاة داخل السجون المصرية بسبب الإهمال الطبي، خلال الشهور الأولى من 2019 بحسب مركز عدالة لحقوق الانسان

ورصدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن عدد المتوفين والقتلى داخل السجون المصرية نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب منذ انقلاب يوليو 2013 بلغ 762 معتقلا، بينهم 551 شخصا توفوا نتيجة الإهمال الطبي، وأعداد القتلى داخل السجون في ازدياد مستمر.

مرسي ثامن قيادي يقتل

وقتلت سلطات الانقلاب في مصر 7 قيادات إخوانية استشهدوا في السجون حتى الان، أصبحوا ثمانية بعد قتل الرئيس محمد مرسي.

والشهداء الثمانية هم: الرئيس مرسي 17 يونية 2019، والمرشد العام السابق للإخوان، مهدي عاكف (سبتمبر/أيلول 2017)، عبد العظيم الشرقاوي (أغسطس/آب 2017)

وقبلهم النائب فريد إسماعيل، ومحمد الفلاحجي، (مايو/ أيار 2015)، والدكتور طارق الغندور (نوفمبر/تشرين ثان 2014)، وأبو بكر القاضي (نوفمبر/ تشرين ثان 2014)، وصفوت خليل (سبتمبر/أيلول 2013)، وأخرهم محمد العصار (مايو 2019).

لهذا نعت جماعة الاخوان المسلمون “الرئيس الشهيد” محمد مرسي وقالت إن الانقلاب العسكري قتله بالإهمال الطبي المتعمد ورفض علاجه، وإنه “ارتقي دفاعًا عن حق الشعب في الحرية والسيادة والحياة الكريمة”.

وحملت الجماعة في بيان 17 يونيو 2019 “سلطة الانقلاب العسكري الغادر “كامل المسئولية عن اغتياله عمدًا، إثر وضعه في زنزانة انفرادية في ظروف بالغة القسوة، وحرمانه من أبسط حقوقه في العلاج والدواء والعرض على الأطباء، وحرمانه من رؤية أسرته أو الالتقاء بمحاميه لفترات طويلة”.

وطالبت جماعة الإخوان بتحقيق دولي جرائم الانقلاب وتحرك العالم والأمم المتحدة لوقف جرائم القتل البطيء بالإهمال الطبي التي تمارس بحق الآلاف من المعتقلين المختطفين في سجون الانقلاب، ودعت لصلاة الغائب يوم الجمعة على “فقيد الأمة الرئيس الشهيد محمد مرسي” ثم الانطلاق في مظاهرات في كل ميادين العالم وأمام السفارات المصرية ضد سلطات الانقلاب العسكري الفاشي.

شهادات حقوقية ودولية

وقد أكد هذه الجرائم التي تستحق المحاكمة حقوقيون وسياسيون ونشطاء مصريون مؤكدين ان السلطات المصرية تعمدت قتله بالبطيء بالإهمال الطبي وحرمانه من العلاج.

فقد دعت منظمة العفو الدولية سلطات السيسي لإجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاة الرئيس محمد مرسي صادم وحيثيات احتجازه -بما في ذلك حبسه الانفرادي وعزلة عن العالم الخارجي-، والتحقيق في الرعاية الطبية التي كان يتلقاها ومحاسبة المسئولين عن سوء معاملته.

ودعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في الظروف التي أدت إلى وفاة محمد مرسي، مؤكده أن “السلطات المصرية لم تستجب لأي مناشدات دولية لتقديم الرعاية الطبية اللازمة لمرسي ونتوقع أنها لن تحقق في وفاته”

وقالت “سارة ليا ويتسن” مسئولة هيومان رايتس لحقوق الانسان أن ما حدث “أمر فظيع ولكنه متوقع تمامًا، بسبب رفض الحكومة السماح له بالعلاج الطبي ورفض الزيارات له”.

وقال الحقوقي بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان أن الرئيس مرسي “قتل بالبطيء على مدار 6 سنوات بسبب الاهمال الطبي” وأنه يخشى أن هناك طابورا آخرا طويلا من سجناء السيسي وضحايا الإهمال الطبي المتعمد في غرفة انتظار الموت، وتساءل: هل آن الأوان ليقظة الضمير الإنساني في مصر والعالم؟

وحمل مركز الشهاب لحقوق الانسان “النظام المصري مسؤولية قتل الرئيس الاسبق محمد مرسي” وطالب “بلجنة دولية للوقوف على ظروف وملابسات وفاته”.

وقال الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية السابق أن الوفاة المفاجئة للرئيس محمد مرسي تعني أننا “أمام جريمة قتل جديدة، للرئيس الوحيد الذي انتخبه الشعب المصري عبر تاريخه، وقتل لكل صوت حر انتخبه او حتى انتخب منافسيه، وقتل لحرية الاختيار والانتخاب، ليظل مستقبل مصر مرهونا بإرادة مستبد او قرار دكتاتور”.

وطالب المرشح الرئاسي السابق ايمن نور بتحقيق دولي في وفاة الرئيس مرسي وكل ما تعرض له من إهمال طبي وحرمان من كافة الحقوق، قائلا “الرئيس محمد مرسي شهيد قتل عمدا ببطيء على مدار6 سنوات، تعرض خلالها لكافة صور العسف والعنت، والسيسي ونظامه يتحمل كامل المسئولية عن النتيجة”.

مرسي: انا في خطر!

واشتكي الرئيس محمد مرسي عدة مرات اثناء محاكمته من انه يتعرض للقتل قائلا: أنا في خطر .. انا باموت” ومع هذا لم تستمع له المحكمة بسبب الزجاج السميك الذي يفصل بينه وبينها ومنع الصوت وظل يعاني الإهمال الطبي ورفض المحكمة علاجه او نقله للمستشفى.

ففي 29 نوفمبر 2017 اشتكي الرئيس مرسي للمحكمة الإهمال الطبي الذي يتعرض له في السجن، لكن دون جدوى، وقبلها تقدم بطلب للمحكمة للعلاج في 8 أغسطس 2015، ورغم تصريحات المحكمة بانتداب طبيب متخصص في مرض السكر، إلا أنه لم يحضر حتى وفاته.

وكانت هناك شكوك بإصابته بأمراض مزمنة بالكبد والكلى نتيجة سوء التغذية وحرمانه من دخول الطعام المناسب لظروفه الصحية ومتطلبات سنه، هذا بالإضافة إلى رفض تزويده بالملابس أو معدات النظافة الشخصية وكذا الكتب والصحف.

وفي 17 مايو 2018 أصدرت أسرة الرئيس محمد مرسي، بيانا حول طبيعة وظروف احتجازه هو ونجله أسامه.

وقال البيان: “رئيس مصر الشرعي والمنتخب الدكتور محمد مرسي خلف الجدران سيئة السمعة مع حالة من الحصار والتعتيم المتعمد عن طبيعة وظروف احتجازه منذ الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر سنة 2013 ودون أن يسمح له بحقه الطبيعي في مقابلة أسرته وفريقه القانوني على مدار سنوات الاعتقال”.

وأضاف البيان: “أسرة الرئيس لا تعلم شيئا عن مكان وظروف احتجاز الرئيس، ولا طعامه وشرابه فضلاً عن حالته الصحية وخاصة بعد حديث الرئيس عن تعرض حياته للخطر والتهديد المباشر داخل مقر احتجازه في أكثر من مرة خلال جلسات المحاكمة الهزلية أبرزها كان بتاريخ 8 أغسطس 2015، و6 مايو 2017، و23 نوفمبر 2017”.

تعليمات بالقتل!

ويقول الحقوقي أحمد مفرح أن لديه معلومات تؤكد أن “قطاع السجون لديه تعليمات من وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، والذي كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله المنصب الحالي، بعدم الاستجابة نهائياً لمطالب أي من قيادات جماعة “الإخوان”، الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، بالعلاج المناسب”!.

لذلك دعا “مفرح” المقرر الخاص المعني بالقتل خارج إطار القانون بالأمم المتحدة إجراء تحقيق في ظروف وملابسات مقتل الدكتور محمد مرسي وما يتصل بها من اوضاع متعلقة باحتجازه واعتقاله وغيرة من المئات داخل السجون المصرية.

وتحدثت تقارير عديدة محلية ودولية عن اهمال الحال الصحية للمعتقين ومن بينهم الرئيس محمد مرسي، ويتوقع نشطاء ان تطرح وفاته مجددا مسالة حجب الرعاية الصحية عنه وعن كافة المعتقلين في السجون.

أيضا سبق لـ “كريسبن بلنت” عضو مجلس العموم البريطاني القول: “وجدنا أن ظروف احتجاز رئيس مصر السابق محمد مرسي قد ترقى إلى حد التعذيب وفقاً للقوانين الدولية والمصرية وأن احتجازه يقع في مصلحة الحكومة الحالية لذا يمكن نظرياً اتهامها بجريمة التعذيب تحت الولاية القضائية العالمية”.

وقالت كريسبن بلانت: “حذرنا في تقرير سابق لنا من أن ظروف اعتقال مرسي قد تؤدي لوفاته، والسلطات المصرية رفضت طلبا منا لزيارة محمد مرسي في سجنه.

لهذا يقول الحقوقيون أن وفاة د محمد مرسي “جريمة قتل عمد” مسؤول عنها رئيس الدولة والقضاة وأفراد النيابة العامة المشتركين بمحاكمته لمنعه العلاج بموجب المادة 41 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 الصادر 14/12/1990، واتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة اللاإنسانية 1984.

اسئلة ما بعد قتل مرسي؟

اسئلة ما بعد قتل مرسي هي:

1- مرسي قُتل بالإهمال الطبي أمام العالم كله وهو نفسه حذر من قتله في السجن وتعمد قتله فلماذا لم يعالجه الانقلاب؟ هل كان المقصود إعدامه بالبطيء؟ ومن يحاكم القتلة الذين قتلوه؟

2- لماذا لم تفتح وفاة الرئيس مرسي قتلا بالإهمال الطبي ملف الانتهاكات في السجون وقضايا التعذيب وغيره؛ وتجري محاكمات دولية للنظام؟ ولماذا تستمر الجريمة

3- إذا كانت النيابة العامة شريكا في القتل والاهمال الطبي فهل يُعتد ببيانها حول وفاة الدكتور محمد مرسي والذي يزعم انه كان بصحة جيدة ووصل للمستشفى متوفيا، وهي طرف أساسي في عدم تمكينه من العلاج داخل السجن وبالتالي ليست طرف محايد فيما يتعلق بملابسات وفاته؟

4- لماذا نقلوه لمستشفى السجن طره بعدما وقع ارضا في المحكمة وليس الي مستشفى متخصص كبير كما فعلوا مع الرئيس السابق مبارك الذين انزلوه في جناح عسكري فاخر؟ هل الهدف الاجهاز عليه باستمرار الاهمال الطبي؟

5- لماذا لم تقام له جنازة رسمية ومنعوا دفنه في مسقط راسه مع عائلته ورفضوا جنازة رسمية له وعزاء وأصروا على دفنه سرا وليلا وبدون عزاء سوي من أقارب الدرجة الاولي وفي مقبرة بالقاهرة (مقبرة دفن المرشدين السابقين للإخوان المسلمين بمدينة نصر) وتسريع الدفن؟ هل لإنهاء الازمة سريعا والعودة لاحتفالات افتتاح كأس أفريقيا والتغطية على القتل؟

6- مرسي أدين في قضايا غير مخلة بالشرف بعكس مبارك الذي أدين في قضايا مخلة بالشرف ومن كان من المفترض أن يحرم من أي جنازة رسمية عسكرية، فلماذا الاصرار على منع أي جنازة رسمية له او شعبية؟

7- هل تم دفن سر تفاصيل الانقلاب بوفاة الرئيس مرسي الذي لم يروي القصة الحقيقية للانقلاب ولا تزال الغازها غير معروفة ولم يسمح له بالحديث عنها؟ وهل كان السيسي حريصا على ان يختفي مرسي من الوجود كي لا يروي القصة الحقيقية للانقلاب؟ أم لا يزال هناك من سيروي التفاصيل ممن عاصروا بعض مشاهدها؟

شاهد أيضاً

تركيا تنفي مزاعم تصدير السلاح إلى إسرائيل “تضليل للرأي العام”

نفت وزارة التجارة التركية، الأربعاء 27 مارس 2024، بشكل قاطع، ما تناقلته وسائل إعلام مؤخراً، …