محمود فوزي: لماذا نريد الجزيرتين؟

نظام السيسي تنازل بكل سهولة عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية مقابل بعض القروض التى لاندري إلى أين تذهب أو الاستثمارات التى لا نعلم تفاصيل عقودها أو مدى جديتها.

مبدئيا, نود التاكيد على مصرية الجزيرتين قبل الحديث عن أهميتهما.. ففي عام 1906 (أي قبل قيام الدولة السعودية بحوالى 26 سنة) وقعت مصر والدولة العثمانية على اتفاقية ترسيم حدود وكانت الجزيرتان ضمن الحدود المصرية.

وفي عام 1954 أرسلت مصر للأمم المتحده خطابا يؤكد على مصرية الجزيرتين موثقا باتفاقية 1906.

وهذا الأمر يعترف به نظام السيسي نفسه, وبالتالى فلا مجال للحديث عن ملكية السعوديه لهما.

ولكن يحاول السيسي تضليل الشعب بكلام مرسل لا يثبت أو ينفى أي شيء, فنجد مثلا حديثا عن خطابات من السعودية للامم المتحدة او لبريطانيا.. وكل ذلك لا يعني شيئًا.

أيضا يدور جدال عقيم حول اتفاق ما عام 1990 بين مصر والسعودية حول الجزيرتين, وهذا الأمر مردود عليه بأنه مع الافتراض بأن مبارك تخلى عنهما فهل هذا في حد ذاته دليل على أنهما من حق السعودية منذ البداية؟

فهي ليست ملكا لمبارك ولكنها لمصر والفارق واضح.. بالإضافة الى أن مبارك استمر فى الحكم لمدة 21 عاما بعد هذا التاريخ فلماذا لم يسلمهما للسعودية رغم أن العلاقات بينهما كانت على أفضل مايرام؟

ومن المضحك الحديث الذى رددته بعض وسائل الإعلام التابعة للسيسي من أن التنازل هو خدعة من نظام السيسي والسعودية للتحايل على اتفاقية السلام مع الصهاينة حتى يمكن تواجد قوات عسكرية بأعداد كبيرة بعكس المنصوص عليه في الاتفاقية.

وبالطبع كل هذا خرافات لا أساس لها؛ فالسعودية أعلنت أكثر من مرة التزامها ببنود اتفاقيه السلام المرتبطة بالجزيرتين وأن التعامل سيكون مع القوات الدولية الموجودة عليها.

ويبرر البعض التنازل بأنه سيتم إنشاء كوبري بين مصر والسعودية فى تلك المنطقة, ولا أدري ما العلاقه بين تنازل مصر عن الجزيرتين وبين إنشاء الكوبري من عدمه؟

كما أن هناك حديثًا يثير الدهشة عن أن الحدود تراب ويجب أن لا نجعل لها أهمية كبيرة, ولكن لماذا لايقال مثل هذا الكلام للسعودية التى تصر عليهما؟

وهل السعودية تقر بنفس المبدأ بحيث تسمح للمصريين بدخول أراضيها بدون إجراءات؟

والاأطر من كل هذا .. أهمية الجزيرتين لأمن مصر بحيث يجب علينا المحافظة على سيطرتنا عليهما, بل إن الصهاينه هم المستفيد الأول من انتقالهما للسعودية.

تتحكم الجزيرتان في مدخل خليج العقبة وبه يمكن التحكم في الخطوط الملاحية التى تذهب إلى ميناء ايلات (أم الرشراش المصرية)

وهو يعتبر المنطقه الوحيدة للكيان الصهيوني على البحر الاحمر وقد استولى عليها من مصر فى عام 1949.

وبالفعل تم حصار ميناء إيلات حتى عام 1956, ففي العدوان الثلاثى على مصر (29/10/1956) كان من أسباب اشتراك الصهاينة في العدوان السماح بمرور السفن إليهم

وهو بالفعل ماتم الاتفاق عليه قبل انسحابهم من سيناء فى أوائل 1957 حيث بقيت بعد انسحاب بريطانيا وفرنسا فى 23/12/1956 بسبب الانذار السوفيتي ورفض أمريكا التعاون معهما ضد القوة العظمى الأخرى.

وبالطبع لم يعرف الشعب المصري شيئًا من هذا إلا في مايو 1967 عندما طرد عبدالناصر القوات الدولية من سيناء وأغلق مضيق تيران في وجه السفن المتجهه للصهاينة.

وكان ذلك أحد الاسباب في تسارع الأحداث التى أدت الى كارثة 5/6/1967

وأصر الصهاينة على الإقرار فى اتفاقيه السلام 1979 على حرية مرور السفن من وإلى ميناء ايلات.

أعتقد أن خطورة الجزيرتين قد أصبحت واضحة للجميع مما يؤكد على ضروره الاحتفاظ بهما, وذلك للتحكم فى المضيق في أي وقت, كما انه يسمح لنا بتفتيش السفن المارة بل وفرض رسوم مرور عليها حيث يعتبر المضيق منطقة مصرية خالصة.

أما فى الوضع الجديد فقد أصبحت هناك دولتان على ضفتي مضيق تيران وبالتالى نشأت منطقة مياه دولية فى المنتصف لا يحق لنا اعتراض أو تفتيش أي سفينة.

وهو أمر يحدث لأول مرة فى التاريخ في تلك المنطقة.

وأمامنا حالة قد تكون مشابهة؛ وهى الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى) التي احتلتها إيران فى عام 1971 للتحكم فى مضيق هرمز وهو المخرج الوحيد للخليج العربي إلى المحيط الهندي. والكل يعلم أهمية التحكم فى منطقه خروج بترول الخليج للعالم. واستمر احتلال ايران لها حتى الآن رغم ان نظام الحكم في إيران تغير فى 1979

وبالطبع هذا يعتبر احتلالا مرفوضا ولكن اتفق عليه نظاما حكم مختلفان تماما لأنهما متأكدان من أهمية ذلك لإيران

بينما نحن نتنازل عن أرضنا طواعية ونتخلى عن السيطرة على مضيق تيران المهم جدا.

الحل إسقاط الانقلاب

وقّع نظام السيسي على الاتفاقية ومن المنتظر أن يوافق عليها برلمان العسكر المزور ليصبح التنازل أمرا واقعا, ولالغائه يجب اسقاط الانقلاب وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التى وقعها, فما بني على باطل فهو باطل.

فالسعوديه لن تتخلى عنهما بسهولة خاصة بعد أن تملك وثائق التنازل والتى يمكن الاستناد عليها عند المطالبة بها امام أي جهة دولية مثل الأمم المتحدة, والسيسي أعلنها صراحة انه لا يريد الحديث في الموضوع مرة أخرى!

لقد كان مشهدا مخزيا عندما كانت مراسم توقيع اتفاقية الحدود ضمن اتفاقات أخرى حضرتها قيادات الجيش بل ووقعوا على بعض تلك الاتفاقيات, مما يؤكد مشاركتهم في الجريمة.

 وهنا يتأكد لنا أن أي حل يتضمن الاعتراف بشرعية للسيسي فى الحكم يعطى وثيقة التنازل صفة قانونية دولية من الصعب تغييرها.

وبالتالى فالحل هو اسقاط الانقلاب, وحينها يمكننا البدء فى إجراءات المطالبة بالجزيرتين والتى ربما تأخذ وقتا طويلا.

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …