مصر ..علامات استفهام تطارد إقالة “هشام جنينة”

لن ينسى المراقبون تصريح المستشار ” هشام جنينه” رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر الذي أقاله زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي من منصبه. كان هذا التصريح عشية 25 يناير الماضي، بأنه يتحفظ على معلومات أكيدة تخص الفساد، ولكنه سيؤخرها حتى لا تكون ورقة تستغل في الذكرى الخامسة للثورة!

ولم يشفع لـ”جنينة” اعترافه بالانقلاب، في تقليل كراهية عصابات 30 يونيو له، خصوصا أنها لا تتحمل أن يذكر أحدٌ الفسادَ بكلمة، ولذلك سعت هذه القوى لعزله، بعدما أصبح يمثل خطرا (ولو محتملا) على جمهورية الفساد العسكرية.

مبروك للفسدة

ولأن السيسي يتعامل مع قطعان انقلابه بمنطق عمدة المزاريطة “أنا الكبير”، قرر عزل رئيس أهم جهاز رقابي دون استدعاء من برلمان “الدم”، وبرأي مراقبين كانت خطوة العزل متوقعة من جنرال يعاني من نرجسية فرعونية مفرطة، ويرغب في ترسيخ مفهوم سلطته المطلقة.

لفق السيسي لـ”جنينة” اتهامات باستغلال منصبه في اختلاس مستندات جهة عمله، ووثائق وتقارير الجهاز، ونشر أكاذيب عن حجم تكلفة الفساد، بهدف الإضرار بمركز مصر السياسي والاقتصادي!

بعدها أصدرت نيابة أمن الدولة العليا، قرارًا بمنع “جنينة” من السفر، وأصدرت بياناً مخابراتياً بامتياز، قالت فيه إن تصريحات “جنينة” السابقة بأن حجم الفساد في مؤسسات حكومة الانقلاب بلغ 600 مليار جنيه في عام 2015، غير منضبطة، وأن “جنينة” لا يحق له تحديد الفساد!

المفارقة في واقعة عزل “جنينة”، أن الرقابة الإدارية التي شاركت الجهاز المركزي للمحاسبات في تقرير فساد الأراضي الصحراوية، هي التي شاركت في قيادة لجنة تقصي الحقائق التي ذهبت إلى اتهام جنينه بالمبالغة، وأن الفساد لا يصل لعشرة في المائة مما قاله، وهو ما يلقي بتساؤلات محرجة للغاية، عن مبررات اتهام جنينه رغم أن الرقابة الإدارية شاركته في التقرير الأول!

السيسي ضد القانون

من جهته, قال على طه، محامى “جنينة”، إن قرار إعفائه من منصبه مخالف للقانون والدستور والمواثيق الدولية، وأضاف أن القانون الخاص بالمركزي للمحاسبات لا يسمح بعزل رئيسه.

وأشار طه إلى أن “القاعدة القانونية تقول إن القانون الخاص يقيد القانون العام، وهذا أمر لا جدال فيه، ولكن هذا قرار سيادي مخالف للقانون, وهشام جنينة يضيف للمنصب والمنصب لا يضيف إليه”.

والسؤال الآن: هل كان “جنينة” بوسعه البقاء في منصبه لو تحلى بالصمت عن فساد عصابة السيسي؟، وهل كان بقاؤه في منصبه صمودًا ومقاومة؟ وإذا كان السيسي غير راض عنه، فلماذا لم يعزله بعد الانقلاب في 3 يوليو 2013؟ أو بعد أن أصدر القرار بقانون الذي يجيز له إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والرقابية؟

من الواضح أن الانقلاب لا يطيق بقاء أي شخص سبق أن اختاره الرئيس مرسي, بينما هو يعيد للواجهة صبيان مبارك وابنه, أما قرار العزل فقد سبقته عملية تهيئة بإجراءات من قبيل القرار بقانون الذي يجيز للسيسي إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والرقابية, وتشكيل لجنة تنتهي إلى إدانة جنينة, وتعيين نائب له يشهد له تاريخه في نيابة أمن الدولة بأنه من أكبر المخلصين للدولة العميقة, ثم تشويه سمعة جنينة ببلاغات هزيلة أمام النيابة للتحقيق معه, وربما إدانته أمام إحدى دوائر المحاكم التي تعمل بنظام ” الحكم بعد المكالمة”.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …