مصطفى عبد السلام يكتب: الدولار المجنون والتعديل الوزاري في مصر

شهدت مصر أمس تعديلاً وزارياً بحكومة شريف إسماعيل شمل 10 حقائب معظمها وزارات اقتصادية وخدمية، ورغم تجاهل الكثيرين لهذا التعديل والتقليل من أهميته، إلا أنني لا أراه بهذه البساطة، بل هو مهم، وأهميته لا تكمن في عبقرية الوزراء الجدد، بل تكمن في توقيته، حيث يواجه الاقتصاد المصري حالة تدهور غير مسبوقة، وتراجعاً في موارد البلاد الدولارية، وارتفاعات محمومة في الأسعار، ومن هذه الأهمية فإن لي خمس ملاحظات على تعديل الأمس الوزاري هي:

-الملاحظة الأولى هي رد الفعل السلبي السريع من سوق الصرف على التعديل الوزاري، ففي الوقت الذي كان يتم فيه الإعلان تباعا عن أسماء الوزراء الجدد، كان الدولار يشهد طلباً متزايداً من قبل التجار والمضاربين، ويتجه سعره صوب العشرة جنيهات في السوق السوداء بزيادة ما بين 40 و50 قرشاً في يوم واحد.

واللافت هنا أن هذه القفزة في سعر الدولار مقابل الجنيه جاءت بعد أيام قليلة من تقرير صدر عن بنك “جي بي مورجان” الأمريكي ويتوقع قيام البنك المركزي المصري بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 35 % خلال 2016، واتجاه الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولي والانتهاء من إجراءات القرض قبل شهر يونيو القادم.

– الملاحظة الثانية أنه في مقابل رد فعل سوق الصرف السلبي والسريع على التعديل الوزاري، كان هناك رد فعل إيجابي داخل البورصة من قبل المستثمرين الذين استقبلوا التعديل بشراء مزيد من الأسهم، وهو ما يعني أن هؤلاء يتوقعون ألّا يحدث تغيير في السياسات الاقتصادية للحكومة الجديدة خلال الفترة المقبلة.

– الملاحظة الثالثة هي إعادة وزارة قطاع الأعمال التي تم إلغاؤها قبل ثورة 25 يناير، وهي الوزارة التي ستشرف على برنامج بيع مزيد من الشركات والبنوك، وبالتالي تكرار ما حدث في فترة التسعينيات من القرن الماضي، حيث استحدث نظام مبارك هذه الوزارة وباع من خلالها مئات الشركات والبنوك الكبرى منها بنك الإسكندرية الحكومي؛ رابع أكبر بنك في مصر، ومع عمليات البيع تم الاستغناء عن آلاف العمال من خلال تطبيق نظام المعاش المبكر.

– الملاحظة الرابعة تتعلق بخلفيات وزراء المجموعة الاقتصادية وقدومهم من مؤسسات مملوكة لرجال أعمال بارزين مرتبطين بالنظام الحالي أو نظام مبارك، وحسب التعديل تم اختيار الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار القومي، عمرو الجارحي، وزيراً للمالية، مع الإشارة هنا إلى أن الجارحي عمل في مؤسسات مالية منها المجموعة المالية هيرمس، ويعتبر من أشد المؤيدين لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار، ولذا يدعم قرارات البنك المركزي الخاصة بتخفيض سعر الجنيه.

كما تم تعيين داليا خورشيد، المديرة التنفيذية لشركة “أوراسكوم” للإنشاءات (المملوكة لعائلة ساويرس)، وزيرة للاستثمار، ويحيى راشد، المدير العام لمجموعة “الخرافي” الكويتية، وزيراً للسياحة.

الملاحظة الخامسة تتعلق بالإبقاء في التعديل على وزير التخطيط أشرف العربي؛ مهندس قانون الخدمة المدنية الذي تسعى الحكومة من خلاله إلى التخلص من آلاف الموظفين في الجهاز الإداري بالدولة، وهذا يعطي إشارة قوية إلى إصرار الحكومة على تمرير القانون رغم رفض البرلمان له، وكذا الإبقاء على وزير التجارة طارق قابيل الذي واصلت الصادرات تراجعها الحاد في عهده.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …