نشطاء: مبادرة السيسي “كتف في كتف” فضيحة واعتراف رسمي بالفشل

اعتبر مراقبون ونشطاء ‏أن مبادرة “كتف في كتف”، أو “أكبر عمل خيري بالتاريخ”، “فضيحة”، واعتراف رسمي بـ”فشل” الحكومة، وأنها “تنفض يدها عن يد الفقراء، وتقول للمصريين ليساعد بعضكم بعضا”، حسب عربي 21.

يواصل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، إطلاق مبادراته المجتمعية المثيرة للجدل والانتقادات، والتي كان آخرها مبادرة “كتف في كتف”، لتوزيع سلع تموينية فيما يُعرف بـ”كرتونة رمضان” على فقراء المصريين، وذلك في حفل كبير باستاد القاهرة الدولي، (شرق القاهرة)، مساء الجمعة.

الحفل الذي حضره السيسي، واستمر نقله على الهواء مباشرة نحو ساعتين، من الاستاد بحضور الآلاف، ونقل مباشرة من مراكز توزيع كرتونة رمضان ببعض المحافظات، وصفته وسائل إعلام مصرية بـ”أكبر عمل خيري بالتاريخ”.

ونظم ما يسمى بـ”التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي”، بمشاركة حزب “مستقبل وطن”، ومؤسسة “أبوالعينين الخيرية” و”أبوهشيمة الخير”، -لرجلي الأعمال محمد أبوالعينين وأحمد أبوهشيمة- احتفالية للمتطوعين في مبادرة “كتف في كتف”، بعد مشاركتهم بتعبئة 6 ملايين كرتونة مواد غذائية، لتوزيعها على 20 مليون مواطن.

لكن، وبحسب متابعين فإن تلك الصورة التي تسبق حلول شهر رمضان -فلكيا الخميس المقبل- “كشفت حالة من البذخ والإسراف، وصرف أموال التبرعات بغير موضعها”، على دعاية وإضاءة وشوادر، ونقل آلاف الشباب من القاهرة والمحافظات لاستاد القاهرة من أجل المشاركة بالاحتفالية.

‏ورأى البعض أن الأمر “لا يخلو من إهانة المصريين وامتهان كرامتهم، مستنكرين تصوير طوابير الفقراء للحصول على كرتونة رمضان”، معلقين بقولهم: “‏كرامة متهانة واللقمة بإهانة”.

هل تصل الفقراء؟

“وائل. ا”، أحد العاملين في مجال الخدمة العامة، والجمعيات الخيرية سابقا، أكد أنها “مبادرة مهمة في ظل الحاجة الماسة لكل أسرة مصرية للمواد التموينية وخاصة في رمضان”، موضحا أن “الفيصل هنا هو حجم ما يصل للفقراء من دعم وإعانات من تلك التبرعات”.

وأضاف لـ”عربي21″: “هذا الملف خاصة وعمل الجمعيات الخيرية بشكل عام، والتبرعات التي تصلها وما تنفقه من أموال لا يخضع لرقابة، ومتابعة حقيقية، وتشوبه شبهات فساد وإنفاق كبير على الدعاية والندوات والمؤتمرات والانتقالات”.

وأهم الجمعيات الخيرية العاملة في مصر والتي تحصل على حق جمع التبرعات رسميا وتخضع جميعها للحكومة المصرية بشكل أو بآخر، هي: “رسالة”، و”الأورمان”، و”بنك الطعام”، و”مصر الخير”، و”النور والأمل”، وغيرها.

وشكت سيدة مصرية شاهدت حفل مبادرة “كتف في كتف”، من عدم وصول الكراتين للمستحقين، معتقدة أنها تذهب لغير المستحقين، قائلة، لـ”عربي21”: “كله كذب في كذب، كل هذا العدد في الاستاد وما تم صرفه في الحفل والتكاليف، كانت كافية لتغني الفقراء مؤونة الحاجة طوال شهر رمضان”.

دعاية مبكرة

وأثار الانتقادات إقامة الحفل، عقب تدشين القوات المسلحة المصرية في 16 مارس الجاري، حملة دعاية للترويج لإنجازات نظام السيسي، بعنوان “شوف بنفسك”، في مشهد قد يكون هو الأول من المؤسسة العسكرية بشكل مباشر وعلني، وفق متابعين.

وهو ما دفع البعض للربط بين المبادرة “كتف في كتف”، وحملة الجيش “شوف بنفسك”، واعتبارهما خطة ترويج ودعاية مبكرة للسيسي، استعدادا لانتخابات 2024، في وقت تتراجع فيه شعبيته ويتزايد الغضب الشعبي من سياساته ونظامه.

تأزم وغضب وشكاوى

ويعاني المصريون خلال السنوات الماضية من تصاعد نسب الفقر لتبلغ نحو 60 بالمئة في البلاد بحسب تقرير للبنك الدولي عام 2019، ومن التضخم الذي بلغ نحو 40.3 بالمئة خلال فبراير الماضي، ما دفع الأسر المصرية للتقشف وتقليل استهلاكها للطعام.

وفي نوفمبر الماضي، كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، (حكومي)، انخفاض دخول 20 بالمئة من الأسر المصرية، ومعاناة ثُلث الأسر من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات الأساسية، وتراجع إنفاق 74 بالمئة من الأسر على الطعام.

تلك الأوضاع كشفت عنها شكاوى مواطنين من الفقر والغلاء والبطالة وضيق العيش وتأزم الأحوال، عبر بعض المقاطع المصورة والمنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

وتداول نشطاء مقاطع لسيدات مصريات غاضبات من الأسعار ويخاطبن السيسي، محملات إياه سبب معاناتهن.

وفي تعليقه، على المبادرة الموصوفة إعلاميا بـ”أكبر عمل خيري بالتاريخ”، قال مستشار وزير التموين المصري الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، لـ”عربي21″، إن “(كتف في كتف)، فضيحة حكومية رسمية واعتراف بسياسات الإفقار الممنهج الذي يقوده السيسي”.

 ووصف بركات الاحتفال “بالفضيحة، حين قال، أقف اليوم متحدثا إليكم، في لحظة يختلط في نفسي مزيج من الاعتزاز والفخر بما نحتفي به اليوم من انتصار جديد”. وتساءل الأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية بالقاهرة: “هل المبادرة تستحق الاحتفال والاعتزاز والانتصار؟ هل كانت معركة وانتصر فيها؟”، مجيبا بقوله إنها “اعتراف بأن الدولة عاجزة وتنتهج سياسات فاشلة أفقرت الشعب، وتبتكر سياسات فنكوشية لخداع المواطن الفقير”.

وأضاف: “لا يعقل أن تكون تبرعات رجال الأعمال بديلة عن وزارة التموين في توفير السلع الغذائية الأساسية، وإلا كانت وزارة التموين ناجحة في منظومة البطاقات التموينية كما كانت عليه قبل 2013، والتي كانت توفر للفرد الواحد 2 كيلو أرز، و2 كيلو سكر، وكيلو ونصف زيت، كل ذلك بسعر 10.5 جنيهات فقط”.

بركات، أكد أنه “لو كانت هذه المنظومة مستمرة ما احتاج الأمر لهذه المبادرة الفضيحة”، مضيفا: “ولا أحد يعرف مصدر التبرعات وقيمتها، وما أُنفق منها بشراء السلع حقيقة، وما نُهب منها، وما اقتُطع منها للصرف على مؤتمر الدعاية باستاد القاهرة”.

وأشار إلى أنه، “لا يمكن أن يجزم أحد بوصول هذه المساعدات للمستحقين لها ودون تسييس أو استغلال أو إهانة، ولا من هو المستحق ولا من هو الأحق”.

ويرى الخبير المصري، أن “مشاركة الجيش في الدعاية لإنجازات السيسي الوهمية ليست جديدة، وطبيعية لأنه وصل للحكم بانقلاب عسكري على ظهر دبابات الجيش، ورد الجميل بإغداق الرواتب والامتيازات لمؤسسة الجيش التي رفعته للحكم، وهي تدافع عن مكتسباتها وتدافع عن مستقبلها”.

ولفت، إلى أنه “استعان بها مرات عديدة لضبط الأسعار، وحل أزمة الغذاء المستمرة منذ 2013؛ ولكنها كانت تفشل في كل مرة، وتزيد الأزمة تعقيدا، لأن طبيعة عقيدتها العسكرية تختلف عن المهام التي يكلفها بها السيسي”.

شاهد أيضاً

صحف ومسئولين إسرائيليين يتحدثون عن “تقدم كبير” بصفقة مع حماس

قال مسؤولون ووسائل إعلام إسرائيلية، الأحد 25 فبراير 2024، إن هناك تقدماً كبيراً في محادثات …