هشام قاسم يكتب : هل من الممكن أن يستمر الوضع القائم وأساس المشكلة هو شخص عسكري صرف؟

التخبط واضح في ملف العودة إلى السياسة ولا أقول الحريات او الديموقراطية كما يسميه البعض، سقف المراد حاليا هو العودة للزيف السياسي والاقتصادي لنظام مبارك.

أساس المشكلة هو شخص عبد الفتاح السيسي، عسكري صرف تدريبا وعقائديا، لا يحترم العمل السياسي ويعتبره ضعفا وهو ما يختلف فيه عن العسكر الذين حكموا من قبله، فهو عسكري حقيقي، ترقى الى اعلى منصب داخل المؤسسة العسكرية وفقا لقواعدها.

جمال عبدالناصر والسادات تَرَكُوا العسكرية مبكرا بعد ان اغوتهم السياسة، الاستبداد الذي صبغ وجودهم في السلطة كان له طابع مختلف، الأول حكم من خلال التنظيم السياسي الواحد الذي كان شائعا أيام الحرب الباردة، كانت فيه السياسة قائمة على الشعارات

وحينما تسبب في أكبر كارثة في تاريخ الدولة المصرية، التزم بالنظام السياسي الذي أرساه، فتقدم باستقالته بعد ان ستف أعوانه الهتيفة من أسوان الى الإسكندرية ونجح في الإفلات من الحساب

لو كان السيسي في موقعه وقتها، كان في الأغلب سيحيل عبدالحكيم عامر وقياداته للمحاكمة، ويحملهم المسئولية كاملة، ولو اقترح احد اعوانه المقربين سيناريو الاستقالة، كان سيحيله الى دكة مستشاري الرئيس في أفضل الأحوال.

اما لو كان في مكان السادات، على سبيل المثال، حين اعتقل قيادات المعارضة في واحدة من اكبر حملات الاعتقالات في تاريخ مصر، قبل موعده مع المنصة، لما خرجت مانشيتات الجرائد بتفاصيل دقيقة عن إعداد وأسماء المعتقلين، ولما جاء للمعتقلين ذكر في خطاب عام حتى كما وصفهم بأنهم “حفنة من الأرذال”، ولكن كان سيكتفي في اول ظهور عام له بالتصريح للحضور الذين اعطاهم ظهره، بانه لا يوجد معتقلين في مصر، فالقائد العسكري لا يخطئ.

وحتى سلفه مبارك الذي لم تستهويه السياسة تمت “صنفرته” لمدة ستة سنوات في منصب النائب، فاستطاع بمعاونة أبناء التنظيمات السياسية التي ورثها، ان يستمر في التظاهر بان هناك مسار سياسي، حتى انكشفت خدعته ونتج عن ذلك انفجار كادت ان تتصدع معه الدولة المصرية التي أنهكها غياب الحكم الصالح، ولكن جائها من قرر ان علاج صداع السياسة هو قطع الرأس بالكامل.

هل من الممكن ان يستمر الوضع القائم في إدارة الدولة؟ الإجابة هي ان حتى الأجهزة الأمنية أصبح لديها شكوك في ذلك، او على الأقل البعض داخل تلك الأجهزة.

 أنصار ابقاء الحال على ما هو عليه يستشهدون بنماذج كوريا الشمالية وسوريا او ممالك وإمارات البترول، وغيرهم من بقايا الأنظمة الشمولية، دون ادراك ان الاولى تأسس نظامها الوحشي منذ ثلاثة اجيال، وهو لا يشكل ردة حضارية كما هو الحال هنا مع هذا النظام القمعي التجريبي الذي بدا في التعثر، وتحميها الصين الشمولية التي تريد حاجز بينها وبين كوريا الجنوبية، والتي هي ايضا تحميها خوفا من تداعيات سقوطها، والشك في إمكانية تكرار سيناريو سقوط حائط برلين

ولا اعتقد ان ليبيا والسودان قادرتين على القيام بنفس الدور، وما حدث في سوريا ذات الجيش الطائفي، لا يمكن ان يتكرر في مصر ذات الجيش القومي، اما الدول ذات الحكم الاسري والاقتصاد الريعي فهي مرشحة للبقاء لعقد اخر بسبب وضعها الاقتصادي، وعلى اي حال جميعهم كيانات في طريقها للانقراض.

المبادرات الهزلية للإفراج عن سجناء الرأي او إعلان استراتيجية لحقوق الإنسان أو الإعداد لندوة على الهواء يحضرها الرئيس عن نعيم السجون المصرية، أمور أصبحت تفسر بأنها تردد وشكل من أشكال الانقسام داخل النظام، وهي أخطر على النظام من السياسات القمعية التي أوصلتنا لما نحن فيه الآن

ولا بديل لدواعي استقرار الدولة عن إرادة سياسية تترجم في خطوات جدية لبداية مسار سياسي اقتصادي حقيقي مع كل ما يستتبعه، فقد بدأ النظام الحالي بعد حالة من الفوضى ضربت البلاد، وان لم يسارع في إنهاء التخبط الحاصل، قد تكون الخواتيم من جنس البدايات.

نقلا عن صفحته على فيس بوك

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب :هذا الحراك الجماهيري الشرير

يُطلق الاحتلال على كلِّ من يقاوم أو يدعم المقاومة لقب “المخرّب”، وبالتالي يعطي لنفسه الحقّ …