30 مليار يورو خسائر المطاعم والمقاهي والفنادق بفرنسا في 2020 بسبب كورونا

بعد مضي عام على فيروس كورونا المستجد تصارع عدة قطاعات حيوية سياحية واقتصادية مهمة في فرنسا من أجل البقاء، ولتلافي الكارثة الاقتصادية والإفلاس والإغلاق التام.

وقد بلغت خسائر المطاعم والمقاهي والفنادق في فرنسا سنة 2020 حوالي 30 مليار يورو، كما تواجه 75% من المطاعم الفرنسية تهديد الإغلاق التام إذا لم يتم تلافي الأزمة، بحسب مكتب “غيرو” للإحصائيات.

ويصارع آلاف الموظفين الفرنسيين في قطاعات حيوية مثل المطاعم والمقاهي والفنادق والسياحة من أجل التشبث بقشة النجاة الأخيرة، وحتى لا يكونوا ضحية فيروس كورونا وضحية طاحونة الرأسمالية المتوحشة، بحسب تقييم الخبراء الاقتصاديين.

وتفاقم ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع الفرنسي مثلما تبين آخر إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا نتيجة إغلاق قطاعات حيوية كاملة، وإفلاس شركات فرنسية مهمة، وترحيل شركات أوروبية كبرى كانت مقامة على التراب الفرنسي إلى بلدان أخرى.

يوجد في فرنسا 168 ألف مطعم و39 ألف حانة ومقهى، حسب الإحصائيات التي حصلت عليها الجزيرة نت من المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية “آي إن إس إي إي” (Insee) في فرنسا.

ويعمل في هذه القطاعات ما يقارب مليون شخص بصفة مباشرة، دون احتساب الذين يرتبطون بهذه القطاعات بصفة غير مباشرة، مثل المزودين والفلاحين وشركات النقل والصيانة والأمن.

ويبدو أن الأوضاع الاقتصادية مرشحة للتدهور أكثر، خاصة مع تواصل سياسة الإغلاق بالنسبة لقطاعات سياحية حيوية مثل المطاعم والمقاهي والحانات ووكالات السفر، وتفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا وانتشارها السريع.

وهذا ما أكده وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير في تصريحات تناقلتها تقارير إعلامية سابقة خلال جلسة عبر الفيديو مع معهد مونتانيو البحثي، حيث ذكر أن بداية عام 2021 ستكون صعبة على الاقتصاد الفرنسي.

وقال “ما نحن مقبلون عليه أصعب، وعلينا أن نتحلى برباطة جأش كبيرة، أمامنا فيروس لا يلين”، مضيفا “سيكون لدينا المزيد من حالات الإفلاس في عام 2021 مقارنة بعام 2020، لدينا تحول في التوظيف سيؤدي إلى تدمير الوظائف لفترة من الوقت، وسيكون من الصعب تخفيف حدته، ولدينا عدم يقين سياسي”.

وفي هذا الإطار، تحدث لومير عن قطاعات الفنادق والمطاعم والفعاليات والثقافة، مشددا على أن الدولة لن تخذلها وستوفر الأموال اللازمة لها، بحسب تعبيره.

في المقابل، تواصل الدولة سياسة الإغلاق لهذه القطاعات إلى أجل غير معلوم.

ووسط عدم اليقين السياسي وضبابية آجال الإغلاق يعيش أصحاب هذه القطاعات -مثلما يلاحظ أغلب المراقبين- حالة من الإحباط واليأس والغضب، مما جعلهم ينظمون عدة مظاهرات واحتجاجات مثل المظاهرة الكبيرة التي شهدتها مدينة مرسيليا “جنوب شرق فرنسا” أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، والتي تسببت في تسريح عدد كبير من الموظفين وفقدانهم وظائفهم نهائيا.

ولمعاينة الأوضاع عن قرب ارتأت الجزيرة نت أن تتوجه إلى كنيسة الساكري كير وحي مونمارتر اللذين يقبعان في أعلى تلة في باريس، ويعتبران رمزين من رموز السياحة الفرنسية، حيث يتوافد إلى هذه المنطقة السياحية 12 مليون زائر سنويا حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية بفرنسا التي حصلت عليها الجزيرة نت.

وكانت الزيارة في ساعة الذروة القصوى “الساعة الـ12 ظهرا بتوقيت فرنسا”، لمعاينة الوضع السياحي ونقل حالة المطاعم والمقاهي وقاعات العرض والمتاحف الفنية التي تعج بها هذه المنطقة السياحية الرمز.

وأول ما يلفت الانتباه أثناء الصعود نحو هضبة الساكري كير هو خلو الشوارع الرئيسية المؤدية إلى الهضبة من المارة والسياح، وإغلاق أغلب المحال السياحية التي تبيع الهدايا والتذكارات الباريسية المشهورة.

برونو هو صاحب محل بيع التذكارات الوحيد الذي وجدناه مفتوحا، وقد سبقتنا منه حالة القلق والإحباط البادية على قسمات وجهه الستيني، قبل أن يجيبنا برعشة في صوته قائلا “الأوضاع كما ترون كارثية وتتحدث عن نفسها ولا تستحق التعليق”.

وأضاف “أعمل في هذا المكان منذ عقود ولكنها المرة الأولى التي أرى فيها هذه الشوارع فارغة موحشة، وأول مرة أشعر فيها بثقل الوقت وفراغ الحياة ورهبة الزمن، منذ أشهر لم نر فيها السياح، ولم تعد تجارتنا كما كانت، ولا أحسبها ستعود في المستقبل”.

شاهد أيضاً

اتساع فجوة دخل الفرد بين الدول الأكثر فقرا والأغنى حول العالم

قال تقرير للبنك الدولي إن هناك “تراجع تاريخي” للتنمية وخصوصاً في 75 دولة التي تعد …