انتهي يوم المظاهرات في مصر أمس بخروج سلسلة مظاهرات في عدة مدن ومناطق مصرية خصوصا في الريف وعدة محافظات تطالب برحيل عبد الفتاح السيسي رغم الاستنفار الأمني والتشديد من قبل قوات الأمن المصرية، وسط كسر واضح لحاجز الخوف من المصريين الذي طاردوا مدرعات الشرطة التي هربت في مشاهد تعادل ما جري خلال ثورة يناير 2011.
حيث خرج آلاف المصريين في عدة قرى ومحافظات مصرية للمطالبة برحيل السيسي، وقوبلت المظاهرات بقمع شديد من قبل الأمن واعتقالات.
وجرت المظاهرات في مدن وقرى تابعة لعدة محافظات كالقاهرة والقليوبية والجيزة والإسكندرية والبحيرة والمنيا وأسيوط وسوهاج وأسوان، وخرج اغلبها مساء أمس الأحد، بعدما روج إعلام السلطة لعدم نزول أحد في الصباح.
واستجاب المتظاهرون لدعوات التظاهر في الذكرى الأولى لأحداث 20 سبتمبر/2019، التي شهدت خروج أكبر عدد من المحتجين ضد السيسي منذ اغتصابه السلطة، وشهدت حينئذ اعتقال 4 الاف مصري بحسب العفو الدولية.
وخرجت المظاهرات على الرغم من حالة الاستنفار الأمني التي استبقت الدعوات لخروج الاحتجاجات، إذ قمعت القوات الأمنية المحتجين في حي البساتين وسط العاصمة القاهرة، الذين رددوا هتافات تطالب برحيل السيسي، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والماء لتفريقهم.
وهاجمت قوات الأمن المصرية في وقت سابق مظاهرة في قرية الكُدَّاية بمحافظة الجيزة، وقامت بفضها بعد إطلاقها للأعيرة النارية والغاز لتفريق المتظاهرين.
ونشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للعديد من المظاهرات، وتصديهم لقوات الأمن، وهروب قوات الامن والمدرعات امامهم كما جري في منطقة صقر قريش بالمعادي.
ونشر نشطاء مقاطع فيديو لمظاهرات بجزيرة الوراق في محافظة الجيزة، تطالب برحيل السيسي وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط السيسي، منها: “قول ما تخافشِ… السيسي لازم يمشي”، و”ارحل يا بلحة”، و”ارحل يا سيسي… أنت مش رئيسي”، و”لا إله إلا الله… السيسي عدو الله”، و”يسقط يسقط حكم العسكر”، و”يا أهالينا انضموا لينا”، و”واحد اثنين الشعب المصري فين”، و”يالي ساكت ساكت ليه… بكرة يهدوا البيت عليه”، و”بالطول بالعرض إحنا أصحاب الأرض”.
ومن أهم المناطق التي شهدتها هذه المظاهرات القاهرة وأحياء بالإسكندرية والجيزة والقليوبية وأسوان وشهدت المعمورة في محافظة الاسكندرية مظاهرات تطالب برحيل عبد الفتاح السيسي رغم الإجراءات الأمنية والاستنفار من قبل قوات الأمن.
وفي جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة أظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون لتظاهرات تطالب برحيل نظام عبد الفتاح السيسي.
وفي حي البساتين وسط العاصمة المصرية القاهرة خرجت تظاهرة تطالب برحيل السيسي وهتف المتظاهرون شعارات ضده وتطالبه بالرحيل.
وحطم متظاهرون من أهالي قرية الكداية سيارتين لقوات الشرطة المصرية في إطار المظاهرات التي انطلقت، اليوم السبت، ضد السيسي.
وشهد محيط ميدان التحرير بالعاصمة القاهرة، استنفارًا أمنيًا واسعًا.
ثورة الكترونية
وتصدرت دعوات التظاهر ضد السيسي المشهد عبر المنصات الإلكترونية المحلية، حيث تصدر وسم “يسقط يسقط حكم العسكر” الترند المصري لساعات” ووسم “الثورة بدأت” اليوم الاثنين، كما تفاعل الناشطون عبر وسم “نازلين ومش خايفين” وذلك وسط دعوات للالتزام والنزول إلى الشارع ابتداءً من الساعة التاسعة من مساء أمس وتحويل الثورة الإلكترونية إلى حقيقة.
واعتبر الناشطون دعوات التظاهر فرصة حقيقية لكسر حاجز الخوف وتأكيد رفض نسبة كبيرة من الشارع المصري لسياسة النظام الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إضافة إلى قمع الحريات والاعتقالات في صفوف المنتقدين والمعارضين.
في المقابل تفاعل مؤيدو السيسي عبر هاشتاغ “لست وحدك” مبدين تمسكهم بالنظام الذي وصفوه بنظام الإنجازات.
الريف أطلق شرارة الغضب
وقد أثار خروج تظاهرات مصرية غاضبة في ريف مصر أمس الأحد، الكثير من التساؤلات والتكهنات حول دلالات غضب الفلاحين ضد نظام السيسي واحتمالات تحوله إلى هبة شعبية عارمة.
ومنذ العام 2005 وخروج التظاهرات العمالية ضد نظام حسني مبارك من مدينة المحلة الكبرى الصناعية (غرب الدلتا)، وحتى ثورة يناير 2011 وما سبقها من تظاهرات وما تلاها أيضا؛ كانت تظاهرات الغضب تأتي من المدن المصرية ومن العاصمة القاهرة دون الريف المصري.
وخرجت تظاهرات محدودة في قرية “الكداية” بمحافظة الجيزة، التي شهدت تحطيم سيارتين لقوات الأمن الأحد، وتبعتها تظاهرات في قرى مجاورة لها هي “صول”، و”الديمسي”، و”أطفيح”، و”العياط”، والشوبك، وجمعها بالجيزة.
كما انطلقت مظاهرات أخرى حاشدة بجزيرة “الوراق” وسط نيل القاهرة، وبعض قرى محافظة المنوفية وسط الدلتا، وقرى بمركز دار السلام بمحافظة سوهاج بصعيد مصر.
وقام الشباب الغاضب بالخروج لشوارع القرى والهتاف ضد النظام العسكري الحاكم والمطالبة برحيل رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وقطع الطرق الرئيسية، فيما واجهتهم قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي لتفريقهم.
وحول دلالات تظاهرات غضب الريف المصري، واحتمالات تحوله إلى هبة شعبية، قال أحد قيادات الصف الثاني من جماعة الإخوان المسلمين، بإحدى محافظات الدلتا، إن الريف المصري هو ملح الأرض وقدس أقداس الهوية المصرية، حيث رابطة الدم والجيرة الممتدة”.
وأضاف: “لذلك ليس غريبا أن تكون صافرة البداية من ريف الجيزة تحديدا، فالجيزة معقل القبائل العربية العريقة، وملتقى الدلتا بالصعيد فهي ضمير مصر”.
ويعتقد أن “غضب فلاحي مصر ظهر أولا لأن الفلاح أكثر المتضررين من القرارات الحمقاء، كإزالة المباني وقوانين التصالح، وكذلك هدم المساجد كسابقة لم يشهدها الفلاح في الاحتلالين الفرنسي والإنجليزي، ولأنه الحلقة الضعيفة؛ لم يعد عنده ما يخسره”.
وتابع: “كما لا ننسى مخزون الكراهية مما جرى لقرى الجيزة إثر انقلاب عبد الفتاح السيسي العسكري منتصف 2013، على الرئيس محمد مرسي، واعتقال وقتل وتشريد الآلاف من أهالي قرى ناهيا، وكرداسة، والصف، والعياط، والبدرشين”.
وحول احتمالات تحول غضب الفلاحين المصريين إلى هبة شعبية، قال القيادي في الإخوان؛ إنها “بلا شك ستكبر مثل كرة الثلج، وكذلك بدأت ثورة يناير 2011، حتى سقط المخلوع”.
وأشار إلى هروب الشرطة وترك المعدات والسيارات، في مدينة العاشر من رمضان، وتكرر في قرية أطفيح بالجيزة.
استنفار أمنى
وتناقلت وسائل إعلام عربية تصريحات لمصادر أمنية مصرية تفيد بأن “تعليمات وزير الداخلية اللواء محمود توفيق كانت واضحة بخصوص منع إجازات الضباط والأفراد، وخروج جميع القوات إلى الشارع بمن فيهم ضباط المرور”.
وعادت قوات الأمن المصرية عادت من جديد لاستيقاف المواطنين وتفتيشهم بشكل غير قانوني وإجبارهم على فتح هواتفهم، الأمر الذي يعد مخالفة واضحة وصريحة للدستور والقانون والمعاهدات والمواثيق الدولية
ونفذت قوات الشرطة حملة اعتقالات الأحد في القاهرة والسويس، طالت عدداً من المواطنين، الأمر الذي دفع المفوضية المصرية للحقوق والحريات إلى نشر إرشادات للمواطنين يجب اتباعها في حال تم القبض على أحد معارفهم.
وأوضحت المفوضية أنه في حالة تعرض أي شخص للاعتقال، يجب على أسرته اتباع التوجه لأقرب سنترال أو الاتصال على رقم 124، وإرسال 3 برقيات للنائب العام، وللمحامي العام لنيابات أمن الدولة أو المحامي العام لمكان ضبطه، ولوزير الداخلية.
أين السيسي؟
وجاءت المظاهرات بعد دعوات للاحتجاج أطلقها رجل الأعمال المصري المقيم في الخارج محمد علي، وتبناها عدد كبير من قوى المعارضة المصرية.
وظهر محمد علي في بث حي عبر موقع فيسبوك في وقت متأخر من مساء الأحد، حيث أشاد باستجابة المتظاهرين لدعوات الاحتجاج ودعاهم للبقاء في الشوارع حتى رحيل السيسي، كما حث سائقي الشاحنات والحافلات الصغيرة على النزول بسياراتهم للمشاركة مع المتظاهرين.
وتساءل “على” أين السيسي والمتحدث باسم الرئاسة ممَّا يجري؟، مؤكداً أن الرئيس خائف من هذا الغضب الشعبي، كما انتقد الإعلام الموالي للسلطة في مصر، وقال إنه يسعى لبث الفتنة في صفوف المعارضين.
وجدد رجل الأعمال والفنان المصري محمد علي دعوته للمصريين إلى التوحد والنزول إلى الشارع لإسقاط حكم السيسي وليحكم الشعب مصر، على حد تعبيره.
وأضاف خلال فيديو له من خلال صفحته “أسرار محمد علي” عبر “فيسبوك”: “أوعو تضعفوا اتوحدوا يا شعب مصر الحكم لشعب مصر رجعو البلد ليكم تاني مش بايد السيسي يسقط حكم السيسي، ما نروحش اوعي حد يرجع البيت لو رجعنا حيبقضوا علينا”.
كما دعا محمد علي المصريين وأبناء المحافظات المصرية للنزول إلى الشارع والتظاهر ضد الفقر والتهميش ولكسر الخوف ولتحرير مصر وفق تعبيره.
وأضاف: “احنا بنحرر بلدنا ونوقفها على حيلنا شدوا حيلكم يا مصريين وتوحدوا كل محافظات مصر فين اخواتنا اللي بسينا يلا بقا قوموا فين المهمشين قوموا واطلعوا وقولوا صوتكم واكسروا الخوف وقولوا صوتكم”