المستشار عماد أبو هاشم يكتب: بالأسماء .. مرتكبو جريمة تفجير كنيسة القديسين

أصدر قاضى التحقيق في مصر ـ مؤخرًا ـ أمرًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد تسعين متهمًا بالاستيلاء على ملايين الجنيهات من ميزانية وزارة الداخلية فى عهد حبيب العادلي لانتفاء القصد الجنائىِّ على ارتكابها, وردهم المبالغ التى تحصلوا عليها دون وجه حق إلى خزانة الدولة، ولكني أستطيع ـ كمحققٍ جنائىٍّ ـ من خلال هذه القضية أن أعيد فتح الملف الأسود لجرائم نظام مبارك من جديد .

من الممكن أن نستوعب الأمر بالنسبة للمتهمين من الضباط سواءٌ من الرتب العليا أو الدنيا، فهؤلاء هم أفراد العصابة وبالتالى من حقهم اقتسام حصيلة نشاطها الإجرامىِّ، كذلك يمكننا أن نستوعب الأمر بالنسبة للمتهمين من الموظفين المدنيين سواءٌ من العاملين بوزارة الداخلية أو المنتدبين من وزارة المالية؛ فهؤلاء هم الذين سهلوا للمتهمين من الضباط جرائم الاستيلاء على المال العام وتستروا على جرائمهم، بل إنهم أوجدوا المسميات التى يمكن الحصول على تلك الأموال تحت ستارها, فاستحقوا بذلك نصيبًا فى قسمة الشيطان .

الملفت للنظر حقًا والذى يستعصى على الفهم هو فوز عددٍ من أمناء الشرطة بنصيب الأسد فى تلك القسمة بالمخالفة لقانون الغاب التى لا يسمح للجرذان أمثالهم بمجرد مشاركة الأسود طعامها، فكيف بهم يقتنصون أنصبةً أكبر من أنصبة الأسود؟ الأمر محيرٌ حقًّا، لكن إذا عرف السبب بطل العجب .

هذه المبالغ الطائلة التى تحصل عليها أمناء الشرطة من ميزانية وزارة الداخلية فى عهد حبيب العادلى ـ أيًّا ما كان المُسمى الذى صُرِفت لهم بموجبه ـ لم يعتد نظام مبارك صرفها لأحدٍ من موظفيه إلا لتسهيل ارتكاب جرائم الاختلاس والاستيلاء على المال العام والأراضى المملوكة للدولة والتهريب وغير ذلك من الجرائم التى مارسها مبارك ونظامه .

وبإمعان النظر, سنجد أن أمناء الشرطة ـ بحكم وظائفهم ـ عندما يتقاضون مثل هذه المبالغ الضخمة من أموال الدولة التى لا يمكن أن تُتاح لمن هو أرقى منهم بمراحل سواءٌ فى السلم الوظيفىِّ أو من حيث التأهيل العلمىِّ فإن الأمر بالنسبة لهم يكون مختلفًا عن غيرهم ممن شاركوا أو سهلوا أو تستروا على جرائم دولة مبارك من مسئولين ومستشارين ومحترفين وذوي خبرةٍ فى السرقة و التزوير؛ ذلك أن أمناء الشرطة لا خبرة لهم فى شئ ٍ مما تقدم, اللهم إلا فى البلطجة والقتل، ونظام مبارك لن يدفع لهم الملايين من الجنيهات من خزانة الدولة هبةً لوجه الله إلا أن يكون قد استغل خبرتهم الطويلة فى القتل والبلطجة, وهم لا يجيدون سواهما, واستخدمهم قتلةً مأجورين لتنفيذ مخططاته الإرهابيه تجاه الوطن والمواطنين فى تلك الحقبة المظلمة من تاريخ مص ، فمَن سوى هؤلاء يكون قد ارتكب جرائم تفجير كنيسة القديسين أو قتل المتظاهرين فى ثورة يناير 2011 وما سبق ذلك من جرائم؟ لذلك لا غرابة فى حفظ التحقيقات بشأن القضايا التى طالهم الاتهام فيها خشية أن تتفلت من أىٍّ منهم كلمةٌ هنا أو هناك تثير الرأى العام وتضع النظام بأكمله فى حرجٍ بسببها .

………………

رئيس محكمة المنصورة الابتدائية

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …