كشف تقرير صادر عن منظمة حكومية سويدية عن “تراجع” خطير للديمقراطية في العالم خلال العاميين الماضيين، خاصة في دول الشرق الأوسط التي لاتزال “الأقل ديمقراطية في العالم”.
وقال التقرير إن جائحة كورونا فاقمت الوضع، بعد الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول لقمع الحريات، تحت ذريعة حماية الصحة العامة.
وجاء في تقرير “المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية” في استكهولم، وهو منظمة حكومية تدعم الديمقراطية المستدامة في جميع أنحاء العالم، أن “العالم أصبح أكثر استبدادا” وأصبحت “الأنظمة الاستبدادية أكثر جرأة في قمعها”، والعديد من الحكومات الديمقراطية تتراجع وتتخذ تكتيكات استبدادية من خلال تقييد حرية التعبير وإضعاف سيادة القانون، وهو اتجاه تفاقم بسبب جائحة كوفيد-19.
واستعرض تقریر “الحالة العالمیة للدیمقراطیة 2021. بناء الصمود في زمن الجائحة”، الصادر الاثنين، حالة الديمقراطية في أنحاء العالم على مدار عامي 2020 و 2021.
ويستند التقرير على 5 ركائز أساسية: الحكومة والحقوق الأساسية والرقابة على الحكومة والإدارة المحايدة والانخراط.
ويشير إلى 3 أنواع رئيسية من الأنظمة: الديمقراطيات، والأنظمة الهجينة، والاستبدادية، مع العلم أن الأنظمة الهجينة والسلطوية صنفت على أنها غير ديمقراطية.
والديمقراطيات المتراجعة هي تلك التي عانت من إضعاف تدريجي، ولكن مهم، للرقابة على الحكومة والحريات المدنية، مثل حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع بمرور الوقت. وغالبا ما يتم ذلك من خلال سياسات وإصلاحات مقصودة تهدف إلى إضعاف سيادة القانون والفضاء المدني، وفق التقرير.
وتشير المنظمة إلى “تضاعف عدد الديمقراطيات المتراجعة في العقد الماضي”، لدرجة تمثل الآن ربع سكان العالم، وهذا يشمل ديمقراطيات راسخة ودولا أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل المجر وبولندا وسلوفينيا.
وفي المجمل، يعيش أكثر من ثلثي سكان العالم الآن في ديمقراطيات متراجعة أو أنظمة استبدادية.
الجائحة فاقمت المشكلة
وفاق عدد الدول التي تتحرك في اتجاه استبدادي في عام 2020 عدد الدول التي تسير في اتجاه ديمقراطي، وأدى الوباء إلى إطالة أمد هذا الاتجاه السلبي الحالي إلى خمس سنوات، وهي أطول فترة من نوعها منذ بداية الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي في السبعينيات.
ويقول المعهد: “كان عام 2020 العالم محاصرا بوباء أودى بحياة الملايين. ربما يكون الاستقرار الذي تمتع به معظم العالم بعد الحرب الباردة قد تعرض للاضطراب بشكل دائم، وتكافح جميع الدول للتكيف مع هذه التغييرات المفاجئة”.
وخسر العالم ما لا يقل عن أربع ديمقراطيات في العامين الماضيين، إما من خلال انتخابات معيبة أو انقلابات عسكرية.
وتُظهر مؤشرات الحالة العالمية للديمقراطية (GSoD) التي يعتمد عليها التقرير أن الأنظمة الاستبدادية زادت قمعها، وكان عام 2020 هو “الأسوأ على الإطلاق” من حيث عدد البلدان المتضررة من تعميق الاستبداد.
وأدت جائحة كوفيد-19 إلى تعميق اتجاه التدهور الديمقراطي، واعتبارا من أغسطس 2021، اتخذت 64 في المئة من البلدان إجراءات تعتبر غير متناسبة أو غير ضرورية أو غير قانونية للحد من الوباء.
ويقول المعهد إن التوزيع العالمي غير المتكافئ للقاحات ضد كوفيد-19، والآراء المضادة للقاحات، قوض استيعاب برامج التطعيم، وخاطر بإطالة أمد الأزمة الصحية، وتطبيع القيود على الحريات الأساسية.
ويتم التشكيك في نزاهة الانتخابات بشكل متزايد، “غالبا دون أدلة”، حتى في الديمقراطيات الراسخة. “وكان لمزاعم الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، حول تزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020 آثار غير مباشرة، على دول مثل البرازيل والمكسيك وميانمار وبيرو وغيرها”.
وقال المعهد في مقدمة التقرير إنه “ليس دعوة للاستيقاظ. إنه جرس إنذار. الاستبداد يتقدم في كل ركن من أركان الأرض. القيم العالمية، ركائز الحضارة التي تحمي الفئات الأكثر ضعفا، مهددة”.
قائمة أكبر منتهكي الديمقراطية
ويتضمن التقرير رسما توضيحيا بقائمة أكثر دول شهدت “انتهاكات للديمقراطية” أثناء الجائحة منذ مارس 2020 إلى سبتمبر 2021، وهي: الجزائر والهند بنغلادش وأفغانستان وكوبا ومصر وماليزيا وكمبوديا والصين وميانمار وروسيا والسعودية وسريلانكا وزيمبابوي.
ويشير المعهد في تقريره الفرعي عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن “الاستبداد لايزال في هذه المنطقة، وتظل الأقل ديمقراطية في العالم، والمنطقة ذات النصيب الأكبر من الأنظمة الاستبدادية”.
ويقول إن سجل الشرق الأوسط “الملوث في حماية الحريات المدنية تعرض لمزيد من التوتر بسبب الوباء، مع إجراء العديد من الانتخابات بهدف وحيد هو الإبقاء على الأنظمة القائمة في السلطة، كما هو الحال في الجزائر ومصر وسوريا”.
ورغم الاستبداد الذي شابه المنطقة لعقود، انتقلت البلدان إلى الديمقراطية، وفعلت ذلك دون أن تعاني من التهجين كجزء من عملية الانتقال.