عبدالرحمن مهابادي: بداية فصل جديد فيما يخص إيران

بعد الخطوة الأولى من انتفاضة الشعب الإيراني للإطاحة بنظام الملالي؛ هذه الانتفاضة التي أسمعت العالم صوت شعب إيران ومطالبه المشروعة، يتوجب الآن دراسة كل شيء حول مستقبل إيران. والسؤال الآن: متى وعلى يد من ستتم الإطاحة بهذا النظام؟
استنادا إلى الانتفاضة التي بدأت في الأيام الأخيرة من العام الماضي ونشهد هذا العام استمراريتها، فإن الإجابة على هاتين المسألتين الأساسيتين، بسيطة وقصيرة وواضحة.

هناك إجماع عام على أن الإجابة على السؤال الأول ليست في دائرة “السنة”، بل في دائرة “الأشهر القليلة”، التي شهدت تضييق حلقات هذه الدائرة بناءً على عدة عوامل، لا سيما على الساحة داخل إيران.

والآن يشهد المجتمع الدولي على المطالب الأساسية للشعب، أي تغيير النظام. وعلى الرغم من أن الشعب الإيراني يعاني من الاوضاع الاقتصادية الشاذه، فإن حل المسألة الإيرانية، ليس حلا اقتصاديا (حتى هذا الحل أيضا خارج قدرات واستطاعة نظام الملالي)، ولكن الحل سيكون فقط عن طريق امكانية التوصل إلى حل سياسي سهل وممكن, لأن الشعب الإيراني أظهر في انتفاضته الأخيرة أن قضايا المجتمع لن تحل إلا مع انشاء النظام الشعبي. هذا المطلب هو مطلب واسع الانتشار في جميع أنحاء إيران ويؤيده الشعب, تدل على ذلك الشعارات التي أعيد أحياؤها في الانتفاضة الأخيرة: “الموت لخامنئي، الموت لروحاني، الموت للدكتاتور”. وقد تم إهمال هذا المطلب بسبب سياسة الاسترضاء الغربية المتبعة مع النظام, كما تم صم الآذان والتغاضي عن هذا المطلب بشكل متعمد.

ولعله من الممكن صياغة المسألة في المشهد خارج إيران بهذا الشكل. إذا رجعنا قليلا إلى ما قبل الانتفاضة، كان موضوع الاتفاق النووي في صميم السياسة العالمية بشأن إيران، ولكن الآن هناك قضايا أخرى ذات أولوية على الطاولة, مشروع الاتفاق النووي مجرد واحد منها. في السنوات الأخيرة، أعلنت المقاومة الإيرانية مرارا أن قضية انتهاكات حقوق الإنسان ومسألة تدخلات نظام الملالي في شؤون الدول هي أكثر خطورة بمئة مرة من المشاريع النووية للنظام الحاكم في إيران.

ولكن الغرب لم يعط آذانا صاغية لكلمات المقاومة، مما تسبب في هدر وإسالة دم الآلاف من الأبرياء في إيران والمنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، من قبل نظام الملالي. ولو لم ينظر إلى القضية نظرة القيم والمصالح المفيدة والمربحة قصيرة المدى، ولربما كان من الأفضل أن تكتفي المقاومة الإيرانية بمخاطبة المجتمع الدولي فقط في خصوص هذا الاتفاق ولا تدعو إلى التحذير من المشاريع الخطيرة الأخرى. لأن هذا هو واقع الحال حيث كان الاتفاق محل تأييد ودعم الدول القوية، فيما كانت المقاومة أول المحذرين والكاشفين للمشروع النووي لنظام الملالي. وعلى الرغم من أن الغرب لم يتخذ بعد خطوة هامة وتاريخية في صالح المقاومة الإيرانية، إلا أنه سعى إلى اتباع سياسة الاسترضاء مع نظام الملالي، من أجل تأخير وصول النظام الإيراني إلى القنبلة الذرية.

الآن, عندما ننظر في الرسالة الأخيرة للرئيس الأمريكي في اليوم الثاني عشر من العام الجديد, وبالنظر إلى الجانب الذي يدعم انتفاضة الشعب الإيراني ابتداء من الكونجرس الأمريكي ثم الاتحاد الأوروبي ودول المنطقة.
وقبل كل شيء النظر إلى المقاومة الإيرانية وأثرها في الانتفاضة الأخيرة والعلاقة العضوية بينهما حيث أوجدوا نوعا من التحول في العلاقة مع الموضوع الإيراني.

الآن دعم النظام الإيراني للإرهاب، انتهاك حقوق الانسان في إيران، تجويع الشعب ونهب أمواله، التدخل في شؤون دول المنطقة وخاصة العراق وسوريا ولبنان واليمن، القمع الدموي للحريات وللانتفاضة، أنشطة النظام الشريرة ومنها السعي لتصنيع السلاح النووي أو الصواريخ بعيدة المدى وتهديد السلم والأمن في المنطقة والعالم واغتيال المعارضة في داخل وخارج إيران وعدم التزام النظام بالاتفاقيات و.. و, كل ذلك يمثل معضلة واحدة لا يمكن فصلها أو تجزئتها وكل منها يشير إلى ضرورة تغيير النظام في إيران.

في جملة الشرح للإجابة عن السؤال الأول سنجد جوابا واضحا للسؤال الثاني أيضا واذا كان في السابق وضع اختيارات للتخلص من شرور النظام الإيراني فهذا سببه سياسة المجاملة والمحاباة. أما الآن بعد الانتفاضة وفيما يثبت صحة وحقيقة استراتيجية ودعوات المقاومة فقد اقتنع العالم أن الطريق الحيدة للوصول إلى الهدف؛ أي تغيير النظام في إيران هو دعم الشعب والمقاومة الإيرانية. ولن يتأخر هذا كثيرا وهذا يتم بتوجه الحكومات إلى المقاومة والاعتراف بها رسميا واعتبارها الممثل الشرعي للشعب الإيراني وعندها يبدأ فصل جديد من العلاقات مع إيران.

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …