لماذا فتح السيسي سيناء للإسرائيليين في ذكرى طردهم منها؟

بالتزامن مع تدشين خط جوي مباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ في 17 أبريل/ نيسان 2022، أعلنت شركتان إسرائيليتان عن مهرجانين على أرض سيناء تحت شعار “سيناء تنتظرنا”، احتفالا بعيد الفصح اليهودي الذي يرمز إلى خروج اليهود من مصر إبان الحقبة الفرعونية.

الشركتان “وي غراوندد” و”نابيا” أكدتا أن المهرجانين سيعقدان في طابا ونويبع بسيناء طيلة أيام عيد الفصح اليهودي من 15 إلى 23 أبريل، مع تسهيلات للسفر والإقامة، ودعتا كل يهود العالم للحضور والاحتفال على أرض مصر.

وأعلنتا أيضا أن شركات أمن وحراسة إسرائيلية تضم ضباط سابقين بالجيش الإسرائيلي سوف يتولون الحماية الأمنية للمهرجانين، وسط حالة من الغضب والصدمة بين المصريين.

صدمة كبيرة

غضب المصريين الذي ملأ الفضاء الإلكتروني جاء لعدة أسباب بحسب تقرير لموقع “الاستقلال”:

أولها تزامن المهرجانين الإسرائيليين بالعودة إلى سيناء مع احتفالات مصر بنصر العاشر من رمضان الموافق 6 أكتوبر/ تشرين أول 1973، وتحرير سيناء في 25 أبريل.

والثاني، أن أحد الفنادق التي تم الإعلان عن أنها ستستضيف أحد المهرجانين، ويدعى “توليب” تابع للجيش المصري، ما شكل مفارقة مثيرة للغضب لدى المصريين.

والثالث، تزامن المهرجانين الإسرائيليين في مصر مع الاعتداءات على المصلين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك وإصابة 213 واعتقال 450 فلسطينيا، فضلا عن المواجهات المتواصلة في القدس والضفة الغربية المحتلة.

وهو أمر استفز المصريين، ودفع الخارجية الاسرائيلية لإصدار تحذير لسياحها في 13 أبريل، بعدم استفزاز المصريين واتباع توصيات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.

والرابع، رسالة الحفلتين الواضحة، عبر تبنيهما شعارات مثل “العودة إلى سيناء” و”سيناء تنتظرنا”، و”لا تفرط في سيناء”، التي تشير إلى عودة اليهود إلى أرض الميعاد المزعومة (مصر) بعدما غادروها إبان الحقبة الفرعونية.

وتقوم الحملة الدعائية للمهرجانين على فكرة إنهم “موجودون ولن يتركوا أو يتنازلوا عن أي أرض كانت لهم”، وروج المنظمون شعارات أخرى مثل “أعظم انتصار لنا هو وجودنا”

وجاءت احتفالات العودة لسيناء في أعقاب إصدار رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في 25 مارس/ آذار 2022 تعديلا قانونيا يسمح

يسمح للإسرائيليين، ضمنا، بتملك أراضي في سيناء.

حيث استثني مناطق خليج العقبة ودهب وشرم الشيخ من حظر تملك الأجانب أراضي سيناء، ورفع حق انتفاع الأجانب بأراضي سيناء من 25 إلى 75 عامًا وسمح لهم بتملك 5 بالمئة من أسهم الشركات المصرية في سيناء.

رمزية المهرجانين

ورغم بدء الدعاية الواسعة لمهرجاني نابيا وغراوندد منذ مارس 2022، إلا أن الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بدأ مع نشر الخبر عبر الحساب الرسمي لحركة مقاطعة إسرائيل في مصر (BDS)، في 13 أبريل 2022.

و”حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها” هي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى لمقاومة الاحتلال ولها فروع في دول عديدة حول العالم.

وقالت الحركة إنه “من العار أننا بدلًا من أن نحتفل بانتصار العاشر من رمضان يحتفل عدونا بانتصاره علينا بعد أن بذلنا ما بذلناه من دماء لاستعادة الأرض”.

وانتقدت سماح النظام المصري “بقيام عناصر من الأمن الإسرائيلي بتأمين المهرجان قادمين من فلسطين المحتلة”، مشيره إلى أن “مؤسس الشركة المنظمة للمهرجان ضابط في جيش الاحتلال”

ومن أكثر الأشياء التي أغضبت المصريين، تسمية شركة “وي غراوندد” مهرجانها باسم “الأرض” واستخدمت في دعايتها عبر موقعها الرسمي صورة قلعة صلاح الدين في طابا، التي يعتقد أنها كانت نقطة عبور اليهود من مصر إلى أرض كنعان/ فلسطين.

ويحتفل المصريون في 25 أبريل من كل عام، بذكرى استرداد طابا وقلعة صلاح الدين، وهي النقطة نفسها التي سيحتفل عندها الإسرائيليون بعيد الفصح هذا العام.

وقالت الشركة في دعايتها “المهرجان الذي كنا نحلم به.. إننا لن نذهب إلى أي مكان أو نتخلى عن أي شيء.. الحفل ليس مفتوحا للمصريين، وهو حفل إسرائيلي بحت”

فيما روجت شركة “نابيا” لمهرجانها، بالقول إنه “تجربة ستسحرك وتخدرك” في مدينة طابا.

وهذان المهرجانان ليسا أول تجربة لإقامة حفلات إسرائيلية في سيناء، ففي عامي 2017 و2019، نظمت شركة “وي غراوندد” نفسها حفلتين مماثلتين.

وفي أبريل 2020، نظمت مجموعة إسرائيلية باسم “حشماليكو”، مهرجاناً للموسيقى في سيناء.

فضيحة الجيش

قبل المهرجان أعلنت شركة “وي غراوندد”، في بيان، أن الحفل وإقامة الضيوف الاسرائيليين ستكون في فندقي “نويبع كلوب” و”تايم كورال”.

وأكدت أن “جميع السلطات المختصة في مصر وافقت على انعقاد المهرجان”، وأن “شركة أمنية إسرائيلية عبرت الحدود إلي سيناء مع السياح الإسرائيليين لحمايتهم”

أما شركة “نابيا” فتحدثت في البداية عن انعقاد الحفل في فندق “توليب” التابع للقوات المسلحة المصرية، ثم قامت بتحديث الموقع لاحقا، وذكرت أن الحفل سيقام في فندق صلاح الدين ولم تذكر فندق الجيش المصري.

وأكد مراقبون أن انتقادات وغضب المصريين تجاه استضافة فندق الجيش مهرجانا له رمزية دينية عن عودة اليهود لسيناء في ذكرى تحريرها، دفع لتغيير الحفل رغم أن فندق توليب طابا يستضيف إسرائيليين أيضا بشكل عادي.

وأشارت حركة مقاطعة إسرائيل في مصر، في 16 أبريل، إلى أنها نجحت بالضغط على شبكة فنادق “توليب” وأدى ذلك إلى تراجعه عن استضافة المهرجان الإسرائيلي.

وأصدرت الحركة بيانا عبر فيسبوك جاء فيه: “نرحّب بإصغاء الفندق لصوت الجماهير المصرية بإلغائه النشاط التطبيعي الصارخ والذي أهان شعبنا، ندعوه لعدم قبول هذه الأنشطة التطبيعية مستقبلًا”

وأضافت “نتوجّه بالتحية لكل من شارك وساهم معنا في الضغط، ولكل من يؤمن بالمقاطعة ويسعى لمقاومة التطبيع، ونجدّد النداء لجميع الفنادق والأماكن المستضيفة للمهرجان الإسرائيلي في نوبيع لسحب استضافتها وطرد المستعمِرين الصهاينة من أرضنا”

وجاء في البيان أيضا أن “‎المهمة لم تنته بعد! الشركة الإسرائيلية المنظمة تجهز للحفل في مكان آخر في سيناء”

ودعت الناشطين لإطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #أوقفوا_المهرجانات_الصهيونية، “للضغط على الفنادق المتواطئة غير المكترثة بدماء شهدائنا، لاسيما منتجعي نويبع وكورال حتى إلغاء هذه المهرجانات المشينة التي تقام على أرض سيناء المصرية”

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية في 16 أبريل، أنها اتصلت بفندق “تيوليب” في طابا الذي اختاره منظمو مهرجان “نابيا” في البداية لاستضافة المهرجان، لكن الفندق أبلغها أنه “لن يستضيف أي حدث”

وفي 17 أبريل، كشفت الحركة عبر توتير، أنه “منذ استجابة فندق “توليب” لمطلبنا وإلغائه حجز المهرجان الصهيوني، اشتعل غضب الصهاينة، ووصلتنا العديد من الرسائل والتعليقات التي تتوعّد بالعودة إلى سيناء”

وأشارت إلى أنه “وصل بعضها حدّ التوعّد بأخذنا عبيداً معها، بالإضافة إلى إرسال خرائط تشمل سيناء وفلسطين المحتلّة باسم إسرائيل”!

للإسرائيليين فقط

ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979، يدخل السياح الإسرائيليون إلى سيناء بدون تأشيرة سفر، وكثيراً ما يصلون إلى مصر عبر المنافذ الحدودية البرية، وبالأخص معبر طابا.

ويُغضب ذلك المصريون الذين يشكون من صعوبة الوصول لسيناء بلادهم بسبب القيود الأمنية وإعادتهم أو اعتقال بعض من يحاولون دخولها.

وكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في 16 مارس 2022، عن اتفاق إسرائيل ومصر على إطلاق ثان خط طيران مباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ بعدما افتتحت مصر للطيران خطا مباشرا بين القاهرة وتل أبيب في 3 أكتوبر/تشرين أول 2021

ومهدت إسرائيل لقرار تدشين خط تل أبيب –شرم الشيخ، بقرار صدر في 18 أغسطس/آب 2021، بتخفيض مستوى التهديد الموجة للإسرائيليين بمنتجعات سيناء من المستوى رقم 1 إلى 3.

وقال موقع “جلوبس” الاقتصادي الاسرائيلي في 10 أبريل 2022 أنه سيسمح للشركات الإسرائيلية الثلاثة: اركيع، ويسراير، والعال بتسيير 9 رحلات أسبوعية، و9 رحلات أسبوعية أخرى تخصص للشركات المصرية.

وجاء تدشين خط تل أبيب شرم الشيخ، كمحاولة لتعويض السياحة الروسية والأوكرانية التي تبخرت بعد الحرب في أوكرانيا.

وتأمل مصر في أن يعوض السياح الإسرائيليون خسائرهم من حرب أوكرانيا بعدما عانى قطاع السياحة من انتكاسة بسبب الحرب في أوكرانيا، بحسب ما ذكره موقع “المونيتور” الأميركي في 12 أبريل 2022.

ووجهت الحرب الروسية في أوكرانيا ضربة لاثنين من أهم أسواق السياحة المصرية، وهما روسيا وأوكرانيا اللتان تمثلان نحو ثلث السياحة الوافدة إلى مصر، وتمثل السياحة حوالي 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.

ولتدشين الخط زار وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين شرم الشيخ،

في 9 مارس 2021، بصحبة وفد أمني واقتصادي ضخم يضم 20 رجل أعمال، واستقبله نائب رئيس المخابرات المصرية ناصر فهمي لتأمين منطقة سيناء.

وأنهت مصر عام 2021 بناء سور حول شرم الشيخ من الخرسانة والأسلاك بطول 36 كيلومترًا لحماية السياح الإسرائيليين ضمن ترتيبات أمنية لزيادة أعداد السياح الإسرائيليين للمدينة.

 

شاهد أيضاً

نتنياهو لعائلات الأسرى: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع الخميس مع عائلات الجنود الذين تم احتجازهم …