مصطفى عبد السلام يكتب: «كريدي سويس».. بنوك أوروبا تفلت من الانهيار

للمرة الثانية نجح العالم، في أقل من أسبوع، في إطفاء حريق مصرفي كبير، ومحاصرة أزمة كادت أن تطيح القطاع المصرفي الأوروبي،

وبعدها يمتد لعشرات البنوك الهشة والخاسرة، وتلك التي تعاني شحاً في السيولة في العديد من الدول.

في المرة الأولى نجحت السلطات الأمريكية في محاصرة أزمة فقدان ثقة المودعين، عقب إفلاس 3 بنوك، منها «سيليكون فالي».

النجاح جاء عبر الخروج بإعلان رسمي عن ضمان الدولة كل الودائع في البنوك، مع تقديم دعم مالي للبنوك الصغيرة.

بعدها هدأت الأوضاع داخل الأسواق، رغم خفض مؤسسات كبرى تصنيف البنوك الأمريكية، وتدحرج أخرى نحو الوقوع في حفرة الإفلاس، وسحب المودعين أموالهم من البنوك الصغيرة.

وفي المرة الثانية نجحت أوروبا، خلال أقل من 24 ساعة، في إنقاذ العملاق «كريدي سويس»

الذي يعاني من تعثر حاد وخلل في مركزه المالي، وكاد أن يسقط يوم الأربعاء ليكرر تجربة تهاوي «ليمان برازرز»، ويحدث دوياً هائلاً مع قوة البنك ونفوذه.

كانت ذروة أزمة كريدي سويس يوم الأربعاء،

حيث فقد سهم البنك 30% من قيمته، إثر نشر تقارير تتحدث عن تعرضه لخسائر حادة وضغوط شديدة بسبب نقص السيولة،

وهذا الأمر أثار قلقاً شديداً داخل البورصات، وخاصة أن السهم خسر نحو 98% من قيمته منذ عام 2007،

كذلك سجّل خسارة صافية قيمتها 7.8 مليارات دولار في عام 2022.

مع هذه التطورات استشعر العالم، الخطر، ذلك لأن سقوط بنك بحجم كريدي سويس كفيل بأن يسحب وراءه عشرات البنوك الأوروبية والعالمية

التي تعاني من خسائر أو نقص في السيولة نحو الإفلاس،

وزاد منسوب الخطر عقب إعلان استبعاد البنك الأهلي السعودي، وهو أكبر مساهم في البنك، صعوبة ضخ المزيد من السيولة في البنك.

هنا كان البنك أمام خيارين:

إما الاستسلام والسقوط المدوي، وإما البحث عن سيولة ضخمة وعاجلة تمكنه من التعويم. اختار البديل الثاني،

واستنجد بالبنك المركزي السويسري الذي وافق بالفعل على إقراضه 53.7 مليار دولار، بهدف دعم السيولة لديه.

لا أتوقع حدوث هدوء في النظام المصرفي العالمي، ما دام البنك الفيدرالي الأمريكي قد أبقى على سياسته العدوانية القاضية بمواصلة رفع سعر الفائدة للوصول بمعدل التضخم إلى 2%.

ومع كل رفع للفائدة، من المتوقع أن تتدحرج بنوك أخرى نحو الإفلاس، وخصوصاً التي لديها استثمارات ضخمة في السندات الأمريكية،

لتبدأ البنوك المركزية والحكومات بعدها جولة جديدة من التعويم وضخ سيولة ضخمة وتقديم ضمانات للمودعين المذعورين.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …