منظمة حقوقية: الإمارات تستخدم “فيسبوك” و”تويتر” في تقييد حرية التعبير

انتقدت دراسة أصدرتها مؤسسة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان ارتباط المصالح بين شركتي فيسبوك وتويتر ودولة الإمارات وتأثير ذلك على حرية التعبير.

وذكرت الدراسة أنّ “شركتي فيسبوك وتويتر تُضطران للالتزام بسياسات تفرضها حكومات في الشرق الأوسط عليها مقابل السماح لهما بتقديم خدماتهما داخل حدود بلدانها؛ الأمر الذي يُهدد أمن وسلامة مستخدميهما بشكلٍ خطير”.

واستشهدت المنظمة بعدة دراسات وتصريحات وأخبار للاستدلال على هذه الخلاصة، مشيرةً إلى أنّ “مواطني دول الخليج العربي والفلسطينيين على وجه الخصوص جزء من اتفاقياتٍ تبرمها الشركات متعددة الجنسيات مع حكوماتهم أو مع السلطات الصهيونية”.

وقالت الباحثة في إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان مارثا أوتش، إن شركة “تويتر”، والتي تلقى رواجًا كبيرًا بين المستخدمين في دول الخليج، ارتبطت بشكلٍ أو بآخر بممارساتٍ قمعيةٍ مارستها حكومات بعض الدول تجاه الناشطين والمعارضين.

وذكرت أوتش إن “المستخدم لموقع تويتر يُمكنه أن يلاحظ بسهولة، أنه وحين يذكر اسم دولةٍ من الخليج العربي في تغريدةٍ تُصنف أنها ناقدة، يواجه خلال دقائق سيلًا من التغريدات المضادة والهجومية، والتي تُنفذ – في أغلب الأحيان – بشكلٍ أوتوماتيكي، أو من أشخاص مدفوعين لمواجهة مثل تلك الآراء”.

وبالاستناد إلى تصريحٍ لنائب رئيس “تويتر” في آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية والأسواق الناشئة شاريش راو، قال فيه إن “الخليج العربي بما فيه الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، يشكل أحد أكبر المجموعات النشطة من مستخدمي تويتر، وسيبقى من مراكز القيادة لحضورنا المتزايد”، خلصت “إمباكت الدولية” إلى أنه من المحتمل أن يبقى تويتر (وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي) في صف حكومات تلك الدول ما لم تتم صياغة اتفاق يحمي حقوق الإنسان فيها، بما في ذلك حريات الرأي والتعبير والخصوصية.

وقالت: “إمباكت الدولية” إن السوق العالمي تطور للدرجة التي تلزم الشركات العالمية بمراعاة حقوق الإنسان على قدم المساواة مع الأرباح، فقد أصبحت الحاجة ملحة لوضع حدٍّ لكافة أشكال الكره والعنف والقمع للمعارضة السليمة.

ودعت الشركات متعددة الجنسيات مثل فيسبوك وتويتر للالتزام بمدونة لقواعد السلوك التي تثني عن الكره والعنف عند قمع حرية التعبير خصوصًا مع المعارضين. وبالمثل، فقد دعت إلى ضغط المواطنين والهيئات الدولية على الحكومات لإجبارها على احترام خصوصية الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونظرًا إلى أن هذا سيأخذ وقتًا طويلًا في التنفيذ والتحقيق، فقد دعت “إمباكت الدولية” هذه الشركات لإنشاء مقراتها ومكاتبها الإقليمية في دولٍ تحترم معايير حقوق الإنسان، وأن تمارس أشكالًا من الضغط، مثل مقاطعة بعض الحكومات التي تفرض قيودًا على حريات الرأي والتعبير، وتلاحق الناشطين والمعارضين وترتكب انتهاكاتٍ تُمارسها بشكلٍ ممنهجٍ ضد مواطنيها.

ويعمد النظام الحاكم في دولة الإمارات إلى إقامة علاقات مشبوهة مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي العالمية بغرض التغطية على انتهاكاته وممارساته القائمة على التجاوزات.

فالإمارات الدولة العربية الوحيدة التي لجأت لاستضافة مقر تويتر الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط منذ العام 2015.

ويقول مراقبون إن هذه الخطوة مكنت الإمارات وفق عدد من التحقيقات من اختراق خصوصية بعض المعارضين والحفاظ على حسابات كبيرة عبر المنصة رغم ارتكابها تجاوزات فاضحة لضوابط تويتر الأخلاقية.

وسعيا منه لزيادة قبضته الأمنية في دولة الإمارات، عمل محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للدولة على إطلاق منصة “HUB71” التكنولوجية في مارس الماضي.

وفي حينه أعلن عن إطلاق المنصة نجل محمد بن زايد الأكبر خالد الذي يرأس جهاز أمن الدولة في الإمارات وعضوية المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.

وحسب المعلن تستهدف منصة “HUB71” دعم المشاريع التكنولوجية الناشئة بـ520 مليون درهم، وصندوقاً استثمارياً بـ535 مليون درهم للاستثمار في الشركات التكنولوجية الناشئة ضمن المنصة نفسها.

وأثارت هذه المنصة مخاوف الناشطين كون أن جهاز الأمن هو الذي سوف يسيطر على المنصة التكنولوجية والتي باتت تستخدم اليوم على نطاق واسع في التجسس والمراقبة والعمليات الاستخبارية “القذرة” على حد تعبير مراقبين.

إذ أكد أنور قرقاش مؤخرا أن الإمارات لديها ما وصفها “بقدرة تكنولوجيا”، وهي القدرة المستخدمة بحسب تحقيقات وكالة رويترز في التجسس على الناشطين الإماراتيين وعلى مسؤولين خليجيين وعربا من بينهم وزير خارجية عمان ورئيس الحرس الوطني السابق في السعودية وأمير دولة قطر.

واعتمد نجل ولي عهد أبوظبي بشكل كامل على الأدوات التقنية في ضبط الأمن وبناء شبكات التجسس، فقد كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”  العام الماضي عن استخدام الإمارات برامج تجسس إسرائيلية لمراقبة عموم الشعب الإماراتي وخاصة الناشطين السلميين خصوصاً نظام “عين الصقر”.

وكانت أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في ديسمبر 2017، أن الإمارات تعمل على بناء شبكة تجسس ضخمة في الخليج، مضيفة: “إن مجموعة من الخبراء الغربيين يوجدون حالياً في فيلا عصرية، تقع قرب ميناء زايد في شمال شرق أبو ظبي، ويقومون بتدريب عدد من الإماراتيين في جهاز أمن الدولة على أساليب التجسس الحديثة”.

كما ساهمت هيئة الأمن السيبراني في الإمارات – وفق المجلة – من تأسيس قاعدة للتجسس على مواطنيها والمقيمين فيها، من خلال إنشاء شبكة من الهيئات الحكومية الإماراتية وصناعات الاتصالات الحكومية، في تنسيق واسع مع الشركات الدولية المصنعة للأسلحة وشركات الأمن السيبراني لتحويل تكنولوجيات الاتصالات إلى مكوّنات مركزية للسيطرة.

وبحسب مجلّة “تليراما” عام 2017، استورد جهاز أمن الدولة الإماراتي منظومة متطوّرة للمراقبة الإلكترونية واسعة النطاق من شركة “أميسيس” الفرنسية، لتكون عين التجسّس على الآلاف من مواقع التواصل، سواء داخل الإمارات أو خارجها.

وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن تلك المنظومة تساعد الأجهزة الأمنية على اختراق البريد الإلكتروني واعتراض الرسائل، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة.

وقد سبق تلك المعلومات إقدام السلطات في أبوظبي على اختراق جهاز “آيفون” للناشط الإماراتي أحمد منصور، عام 2016، حيث تبيّن عبر مؤسّسة Citizen Lab الأمنية أن الإمارات سعت لاختراق ضخم لجهازه، وأن البرمجية الخبيثة هي من تطوير شركة “إن إس أو” (NSO) الإسرائيلية.

ولاحقاً سعى جهاز الدولة الإماراتي لاختراق هاتف الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، التي تتعرّض لحصار مشترك من قِبل الإمارات والبحرين والسعودية، وفق ما كشفت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وقالت الصحيفة، بحسب رسائل بريد إلكترونية مسرّبة قُدّمت في قضيّتين ضد “إن إس أو”(الشركة المصنِّعة لبرامج المراقبة التي استعانت بها أبوظبي، وتتخذ من “إسرائيل” مقراً لها)، إن مسؤولين بالإمارات طلبوا تسجيل مكالمات أمير قطر الهاتفية.

وبيّنت أن قادة الإمارات يستخدمون برامج التجسّس الإسرائيلية منذ أكثر من عام، حيث حوّلوا الهواتف الذكية للمعارضين في الداخل أو المنافسين بالخارج إلى أجهزة مراقبة.

وفي أبريل الماضي نشرت موقع الشبكة العربية تقريرًا عن صحيفة عبرية تؤكد أن الإمارات تقوم بتشغيل شبكة من الحسابات الإلكترونية المزيفة في شبكات التواصل الاجتماعي، تنطق بالعبرية لمهاجمة قطر وإيران وتؤيد التقارب بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي.

وحسب الشبكة فإن العنوان جاء على صحيفة هآرتس “العلاقة بين الإمارات وشبكة روبوتات تعمل باللغة العبرية”، حيث كشف أن شبكة من الحسابات الإلكترونية المزيفة تعمل من دبي؛ في محاولة للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي، من خلال الترويج لمحتوى يدعم الإمارات، وهي الشبكة التي تبث محتوى يمينيا متطرفًا، ويبدو أن لها متابعين حتى بين مؤيدي بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي”.

وقالت: “تم الكشف عن شبكة تأثير جديدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وهذه المرة يدور الحديث عن واحدة تعمل من منطقة دبي، والتي تعتمد على العديد من الحسابات والملفات الشخصية (بروفايلات)، وكلها تتخفى تحت ستار أنها لشابات يحملن أسماء إسرائيلية، وفي مركز هذه الشبكة هناك حساب إلكتروني باسم (يسرائيل حاييم)، والبريد الإلكتروني لمشغل الحساب مرتبط بشركة تسويق رقمي في دبي”.

وذكرت أن “الشبكة مرتبطة بمواقع خارجية يقوم بتشغيلها نفس الشخص، الذي وفقًا للنتائج التي تم التوصل إليها، هو ضابط مصري سابق يعيش الآن مع أسرته في دبي”.

وأضافت: “حددت إسرائيل تلك الشبكة بعد وقت قصير من إنشائها في ديسمبر 2018، ولم يكن الأمر صعبًا، هناك سلسلة من البروفايلات المزيفة، والتي تتخفى تحت ستار أن أصحابها من الشابات الإسرائيليات، ولكن لأن الحديث يدور عن عملية للهواة، ظننا أن القصة ستنتهي عند هذا الحد، لكننا أخطأنا، فقد تبين أن الشبكة يتم تشغيلها من قبل هيئة لها علاقة بدولة الإمارات، وتبث دعاية معادية لقطر وإيران بشكل صارخ، وكل ذلك باللغة العبرية”.

وقالت: “إسرائيل اكتشفت أن كل الدلائل والمؤشرات تقود لنفس الشبكة التي كتبنا عنها قبل 6 أشهر تقريبًا، لكن هذه المرة تعلم أصحابها الدروس وحاولوا تغطية مساراتهم وإخفاءها أكثر، لكن بدون نجاح كبير، جرت عملية فحص إسرائيلي لسلسلة من مواقع الانترنت التي يتم تشغيلها من قبل نفس المجموعة، الأمر الذي يلقي بعض الضوء على المصالح التي تقف من ورائها”.

وواصلت: “كما اشرنا، تتكون الشبكة من عشرات الملفات الشخصية (البروفايلات) وكلها تقريبًا تتظاهر بأنها لشابات تحملن أسماء إسرائيلية وصورًا، ونادرًا ما يتم نشر المحتوى الأصلي لهن”.

وذكرت الصحيفة أنه “على سبيل المثال هناك حساب باسم (أيليت يارون)  ولوحظ أن الكثير من التغريدات التي يتم نشرها، منقولة كلمة كلمة من حسابات أشخاص حقيقيين، أو من مواقع صهيونية على شبكة الانترنت”.

وأشارت إلى أنه “على الرغم من ذلك، من وقت لآخر يقوم أصحاب تلك الشبكة المزيفة بكتابة تغريدة ذات محتوى سياسي أو يقوم بإعادة نشر تدوينات؛ كتبها أصحاب حسابات أخرى على موقع تويتر والذين لهم اهتمام بالشؤون والملفات السياسية الإسرائيلية”.

وقالت إنه “على الصعيد الفني، إذا كانت الشبكة السابقة تعمل بواسطة أداة تسمى (سوشيال ريبورت) فإن مشغليها هذه المرة تجنبوا استخدام نفس تلك الوسيلة، وعلى الرغم من ذلك لم يتعلموا بعد العمل بشكل صحيح، ويغردون بواسطة أداة اسمها (تويت ديك) والتي لا تشكل في حد ذاتها أمرًا يدينهم جنائًيا، لكنها تسمح بتشغيل عدد من البروفايلات والحسابات الشخصية من منصة وواجهة إلكترونية واحدة”.

شاهد أيضاً

ردود فعل غاضبة بعد اختفاء مجلدات نادرة من دار الكتب والوثائق المصرية

أحدث اختفاء مجلدات تاريخية ونادرة، من دار الكتب والوثائق القومية، في مصر، ردود فعل غاضبة …