MEE: المسلمون الأبرياء تعرضوا لأشد أنواع التعذيب بجوانتانامو

استعرض الكاتب البريطاني بيتر أوبورن، قصصا لعدد من الأبرياء الذين اعتقلوا في سجن جوانتانامو، وتعرضوا لأبشع أصناف التعذيب على يد الولايات المتحدة وبريطانيا، فقط لمجرد الاشتباه بهم ولأنهم مسلمون.

وقال الكاتب في مقال بموقع “ميدل إيست آي”، إن دولة مثل بريطانيا، لم تكن تقبل أن يتعرض بريطاني مسيحي للتعذيب في سجن بكوبا، لكن لا بأس حين يتعلق الأمر ببريطاني مسلم في جوانتانامو.

قبل عشرين عاماً، تعرض سائق سيارة أجرة باكستاني اسمه أحمد رباني للاختطاف من داخل بيته على يد سلطات الدولة في باكستان واقتيد إلى عاصمة البلد إسلام آباد.

ومن هناك نُقل إلى كوبالت، السجن المظلم سيء الصيت بالقرب من كابول في أفغانستان، حيث احتجز لدى وكالة المخابرات الأمريكية السي آي إيه. ولقد وثق تقرير صدر قبل عشرة أعوام عن لجنة تابعة لمجلس الشيوخ مكلفة بالنظر في قضية التعذيب ما وقع لرباني وكثيرين غيره.

صمم سجن كوبالت، بنوافذه المعتمة، لعزل السجناء وإبقائهم في ظلام دامس – وعلى الأغلب بدون تدفئة في شتاء أفغانستان قارص البرودة، حيث كانوا يقيدون إلى قضبان من الحديد وأياديهم مرفوعة فوق رؤوسهم، بما يعني استحالة أن ينعموا بأي قدر من الراحة.

كان يطلق العنان للموسيقى الصاخبة لحرمانهم من النوم. كان بعض المعتقلين يتعرضون للحرق بأعقاب السجائر، وكان البعض الآخر يجردون تماماً من ملابسهم، وتفتح عليهم خراطيم المياه، ثم يوضعون في زنازينهم الباردة.

قال رباني، البالغ من العمر اثنين وخمسين عاماً، إنه كان لأيام متواصلة يعلق من يديه بقيد حديدي، يتدلى بحيث لا تكاد أصابع قدميه تتمكن من لمس الأرض. يسمى هذا النوع من التعذيب “سترابادو”، وكان هو التعذيب المفضل من قبل جلادي محاكم التفتيش الإسبانية.

وبعد أن قضى 540 يوماً في كوبالت، نقل رباني جواً إلى جوانتانامو، السجن العسكري المقام في جزيرة في البحر لا تنطبق عليها أحكام القانون الأمريكي، بمعنى أن الحكومة الأمريكية بإمكانها احتجاز المعتقلين إلى الأبد بدون توجيه تهمة إليهم، باعتبارهم مقاتلين معادين.

ثبت أن رباني رجل بريء، وهذا ما ورد التأكيد عليه في تقرير مجلس الشيوخ الصادر في عام 2012، من أن الأمريكان ظنوه خطأ عنصراً في تنظيم القاعدة اسمه حسن غول. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تعلم ذلك يقيناً منذ ما يزيد عن عقد من الزمن إلا أنه مازال حتى اليوم محتجزاً في جوانتانامو.

كثيرون عانوا بنفس الطريقة، حيث بلغ عدد من سجنوا خلال العشرين سنة الماضية ما يقرب من ثمانمائة رجل.

حينما ألقي القبض عليه، كان رباني، وهو باكستاني من أصول روهنجية، يزن حوالي 73 كيلوغراماً. أما اليوم فقد ضمر وشحب بسبب إضرابه عن الطعام حتى صار وزنه ثلاثين كيلوغراماً، بما يعني – حسبما يحلو له أن يتندر – أن 57 بالمائة من بدنه “تمكن من الهرب” من جوانتانامو. وهو الآن يعاني ذهنياً ولم يعد قادراً على تذكر كثير من الأمور.

يقول الكاتب، كما تعرضت عائلته للتعذيب أيضاً، ولكن بطريقة مختلفة. حينما زرت باكستان في الخريف الماضي قابلت في إسلام آباد نجله جواد البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً. لم يقابل جواد والده بتاتاً لأنه اختطف قبل أن يولد ببضعة شهور.

أخبرني أنه حينما كان طفلاً فسرت له أمه غياب والده بالقول إن رباني كان يعمل في المملكة العربية السعودية. وكانت المرة الأولى التي تحدث فيها مع والده حينما كان في السادسة من عمره عبر اتصال هاتفي رتبه الصليب الأحمر لم يدم أكثر من 15 دقيقة.

أخبره والده أنه كان في السجن. وعن ذلك قال جواد: “سألته لماذا أنت في السجن؟ من المفروض أن يكون السجن للأشرار. فضحك ولم يرد.” وأضاف جواد إن تلك المعرفة بدأت “تؤثر في كثيراً عندما بلغت سن المراهقة. فقد توجهت إلى الشبكة العنكبوتية العميقة عندما كان لي من العمر 13 أو 14 سنة، ورحت أبحث عن مقاطع الفيديو، تلك التي يظهر فيها من يمارسون التعذيب وكيف يعذبون، وكل تلك الأشياء التي تجدها في الشبكة العنكبوتية العميقة.”

ومضى يقول: “كنت ضمن تلك المجموعات التي كانت تتبادل تلك المقاطع المصورة التي يظهر فيها من يمارسون التعذيب وكل تلك الأمور. ولذلك فإن لدي فكرة حول كيف عذبوه وكل تلك الأمور، من الإيحاء بالغرق إلى الركل أو إطلاق العنان للموسيقى الصاخبة التي يعذب بها والدي. وكيف يجعلونه يشعر بالبؤس والشقاء وكل تلك الأمور. عرف ذلك كله.؟

وأضاف: “في بعض الأوقات كنت أعتقد أن والدي لابد أنه ارتكب جريمة ما. ولذلك فهو يتعرض للتعذيب، لأنك لن يخطر ببالك أن تعذب شخصاً بلا سبب. كنت أبكي في الليل داخل حجرتي. فقط تصور حياتك بدون والدك لثمانية عشر عاماً. ماذا سيكون عليه حالك؟ إذا لم يلمسك أو يعتني بك أو يحنو عليك بحب أو مال أو أي شيء؟ فماذا سيكون عليه وضعك؟”

كل السجناء كانوا من المسلمين. وصل أول عشرين معتقلاً إلى هناك قبل عشرين عاماً في الحادي عشر من شهر يناير / كانون الثاني من عام 2002. تقوم فكرة جوانتانامو على اعتبار الإرهاب جريمة يرتكبها المسلمون، وعلى أن المطلوب وجود بنية قانونية بديلة للتعامل مع ما كان يُرى أنه رعب استثنائي ناجم عن جرائم يرتكبها المسلمون.

مازال السجن مفتوحاً حتى اليوم، وفيه يقبع حتى هذه اللحظة داخل الزنازين رجال أبرياء. يقف السجن شاهداً على استمرار التوحش والهمجية بحق المسلمين الأبرياء نتيجة للإسلاموفوبيا التي تولدت في الغرب بعد الحادي عشر من سبتمبر.

لقد صُورت حرب الغرب ضد الإرهاب على أنها نضال حتى الفناء ضد إسلام متوحش لا عقلاني مصمم على تدمير الحرية والحياة البشرية، إلا أن جوانتانامو يقلب هذه الحكاية رأساً

شاهد أيضاً

نتنياهو لعائلات الأسرى: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع الخميس مع عائلات الجنود الذين تم احتجازهم …