أفق أولوطاش يكتب: زياردة أردوغان لروسيا .. قلق الغرب وسوريا

حظيت زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان إلى روسيا باهتمام بالغ من العالم كله وليس من تركيا فقط، كما أنّ كون هذه الزيارة جاءت بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، جعلها تحمل أهمية قصوى. لا نستطيع القول بأنّنا بدأنا مرحلة جديدة تماما، لكن هذه الزيارة التي جاءت بعد انقلاب 15 تموز/ يوليو، ستضيف معانى أخرى للعلاقة بين البلدين.

أول زعيم اتصل بأردوغان بعد محاولة جولن الانقلابية كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذا يعني أنّ روسيا تولي أهمية كبيرة لتركيا. أما الغرب، فقد اتصل بعد انتهاء الأحداث تماما، ولم يختر سوى جمل تحمل معاني القلق، بينما موقف بوتين كان واضحا، وهذا ما جعل أردوغان يقدّر ذلك جدا.

كان من المُنتظر والمُتوقع أنْ يجتمع الزعيمان على هامش قمة العشرين، لكن ذلك لم يحصل، لتكون أول زيارة خارجية يقوم بها أردوغان بعد 15 تموز/يوليو إلى روسيا. كما أنّ تقييم الطرف الثالث للعلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا، ومراقبة النظرات القلقة من الغرب، له دلالات.

سيزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تركيا في نهاية هذا الشهر، ومن الواضح أنّ زيارة كيري التي تأتي بعد 45 يوما من المحاولة الانقلابية، لن تكون محصورة في موضوع ضيافتهم لرأس الانقلابيين فتح الله جولن، ونتوقع أنّ كل الجمل الدبلوماسية التي سيقولها للمسؤولين الأتراك ستدخل من أذن وتخرج من الأخرى، وحصر هذه الزيارة بموضوع جولن يقلل من أهميتها.

لذلك فإنّ إعلان كيري عزمه زيارة تركيا مباشرة بعدما اجتماع سانت بطرسبرج، ليس بالأمر التصادفي، وكذلك ما يرافق هذا من كتابات في الإعلام الغربي حول علاقة تركيا بالغرب وبحلف الناتو، لأنهم يعتقدون أنّ تطبيع العلاقات مع روسيا يعني “انحراف محور” تركيا، لكن في الواقع, الغرب هو من يجب أنْ يسأل نفسه عن “انحراف محوره”، لأنّ محور تركيا لم ينحرف.

الحديث والنقاشات حول علاقة تركيا بحلف الناتو ليست ذات معنى، وإنما مجرّد تضييع وقت. الإعلام الغربي يُعبّر عن قلقه حيال ماذا؟ حيال تطبيع علاقات بين بلدين كانت تربطهما علاقات تاريخية؟ كما أنّ المصالح المشتركة بين البلدين، ليست أكثر من الأمور المُختلف عليها بينهما.

انظروا إلى القضية السورية وستجدون حجم الاختلاف في وجهات النظر بين روسيا وتركيا. ربما تسعى الدولتان إلى ضم دول إقليمية أخرى إلى المعادلة، لكن هل سيكون حينها دور تركيا أكثر إيجابية في سوريا؟ من الصعب الحُكم على ذلك.

لكن إذا كان الأمر يحمل إزعاجا لهذه الدرجة بالنسبة لأمريكا، فهذا يعني أنّ المحادثات التركية الروسية تحمل أمورا ملموسة فيما يخص سوريا. روسيا قررت التخلي عن حزب العمال الكردستاني, و”وحدات حماية الشعب”, المدعومين من أمريكا، وإغلاق مكاتبهما في موسكو، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية دليل على ذلك.

أكثر الاختلافات في وجهات النظر بين تركيا وروسيا يتمثل في تصنيف جماعات المعارضة، ومصير الأسد. وقد كتبت في السابق بأنّ روسيا وتركيا بدأتا التفكير بصوت عالٍ من أجل التوصل إلى حل في سوريا، وعلى تركيا أنْ تستمر في المحافظة على النجاحات التي تحققت في حلب، أثناء قيامها بالتحاور والتفاوض مع روسيا حول هذا الملف؛ لأنّ إحباط السيناريوهات التي لا تريدها تركيا في سوريا، يمر عبر بقاء المعارضة السورية قوية على الأرض.

…………………………….

صحيفة اقشام – ترجمة وتحرير ترك برس

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …