أنباء عن مؤامرة في عُمان يقودها بن زايد ودحلان ضد السلطان قابوس

عُرفت سلطنة عُمان على نطاقٍ واسعٍ بدورها كوسيطٍ هادئ وحيوي في مجال الطاقة، وقد ظلت منذ فترة طويلة محافظة على موقف عدم الاعتداء وسط التقلبات التي لا نهاية لها على ما يبدو في البلدان المجاورة.

ومع وجود إيران والسعودية والإمارات واليمن كجيرانٍ لها، تجد عمان نفسها في منطقة خطرة، حيث يصبح الحفاظ على الحياد وتعزيز قنوات الدبلوماسية تحديًا كبيرًا.

وكشف حساب «مجتهد الإمارات» الشهير على «تويتر» عن مؤامرة ضد السلطنة يقودها ولي عهد أبوظبي؛ محمد بن زايد، والقيادي الفلسطيني المفصول من حركة «فتح»؛ «محمد دحلان»، من خلال دعمهما للمعارضة العمانية المزعومة في مسندم وظفار.

وقال «مجتهد الإمارات» في تغريدة له «مصادر خاصة: محمد بن زايد ومستشاره دحلان يعملان على تمويل المعارضة العمانية في مسندم وظفار».

وأكد في تغريدة أخرى أنه حتى الآن حسب المصادر تم تقديم ما يقارب 16 مليون دولار لوجهاء ومشايخ من محافظة مسندم.

وأوضح «مجتهد الإمارات» أن بن زايد يعتبر إمارة مسندم إمارة محتلة من سلطنة عمان ويطلقون عليها اسم إمارة رؤوس الجبال.

فلسفة السياسة العمانية

وحسب تقرير لإنترناشيونال بوليسي دايجست، فإن مسار السياسة الخارجية في مسقط يعتمد في معظمه على قيادة السلطان قابوس بن سعيد للسلطنة منذ 46 عامًا، وفي ظل حالة صحية غير جيدة للسلطان البالغ من العمر 76 عامًا، وبدون أي أطفال من صلبه، فقد أبقى السلطان خطط الخلافة غامضة إلى حدٍ ما، ونتيجةً لذلك، يثور التساؤل عما إذا كان خلفه سيحافظ على مسار السياسة الخارجية الإقليمي الحالي أم سيقوم بتوجيه عمان إلى مسارٍ جديد.

جاء قابوس إلى السلطة عام 1970، حين أطاح بوالده السلطان سعيد بن تيمور آل سعيد، في انقلابٍ دموي بمساعدة بريطانيا والأردن، ومنذ ذلك الحين، تولى السلطان المفاصل الرئيسية للبلاد، حيث شغل منصب رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير الخارجية، فضلًا عن الإشراف على جميع جوانب تمويل البلاد، بما في ذلك البنك المركزي، وفي غضون ما يقرب من 50 عامًا، حوّل قابوس الدولة القاحلة والفقيرة إلى دولة حديثة مع احتياطيات النفط والغاز المزدهرة، واستثماراتٍ أجنبية مباشرة كبيرة، وقطاع سياحة قوي، إلى جانب البنية التحتية المتطورة والرعاية الصحية.

ومنذ صعود قابوس، انخفض معدل أمية الكبار في السلطنة إلى 5.2 %، في حين ارتفع متوسط ​​العمر المتوقع بشكلٍ كبير إلى 76 عامًا، وفي الوقت نفسه، كانت السلطنة فعالة في كبح أي شكلٍ من أشكال المعارضة السياسية والاجتماعية، وينص دستورها المعدل عام 1996 على حرية الصحافة وحظر التمييز بين الناس على أساس الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو الطائفة أو السكن أو المركز الاجتماعي، ويشرح هذا لماذا ظلت عمان غير متضررة نسبيًا خلال انتفاضات الربيع العربي عام 2011، بستثناء أحداث صحار التي سرعان ما احتواها السلطان.

 

الخلفاء المحتملون

وكان انتقال عملية السلطة مبهمًا إلى حدٍ كبير حتى عام 1997، عندما وضح قابوس تفاصيل هذه العملية، وينص الدستور العماني (القانون الأساسي) على أنّ عائلة آل سعيد الحاكمة هي من يقوم باختيار خليفة، وأوضح السلطان أنّه عندما يموت، سوف تجتمع أسرته، وإذا لم يتمكنوا من الاتفاق على مرشح، سوف يقرر الأمر مجلس الدفاع، استنادًا إلى اسمٍ أو أسماء قدمها السلطان السابق.

ولقد كتب بالفعل اسمين، على الترتيب، ووضعهما في ظرفٍ مغلق في منطقتين مختلفتين.

ويبقى المتنافسون المحتملون في هذه اللحظة أبناء عم قابوس: هيثم بن طارق آل سعيد، والأسد بن طارق آل سعيد، وشهاب بن طارق آل سعيد، وكان هيثم الذي يشغل حاليًا منصب وزير الثقافة والتراث؛ وكيل وزارة الخارجية والأمين العام لوزارة الخارجية سابقًا، وعلى الرغم من سنوات خبرته في السياسة الداخلية والخارجية التي جعلته الخليفة المحتمل الأكثر ظهورًا في البداية، فإنّ تعيين قابوس الأخير للأسد نائبًا لرئيس الوزراء للتعاون الدولي في مارس الماضي قد أدى إلى تعقيد التسلسل الهرمي.

وكخريج من أكاديمية ساند هيرست العسكرية الملكية البريطانية ، وكممثل خاص للسلطان منذ عام 2002، يدير «الأسد» أيضًا شركته الخاصة؛ «الأسد» للاستثمار التي تدير مليار دولار من الأصول، وهذا يضعه أمام رهانات الخلافة، ليحل محل «هيثم».

وأخيرًا، في حين أنّ «شهاب» هو أيضًا مستشارٌ وثيق للسلطان، وترأس البحرية الملكية حتى عام 2004، لكنّه ليس جزءًا من مجلس الوزراء، ما يجعله في المركز الثالث.

وعلى الرغم من الاختلاف في مؤهلات هؤلاء المتنافسين المحتملين، فإنّهم يشتركون في الافتقار المحتمل للشرعية التي ستجعل الجمهور العماني يعتبر أحدهم خليفة مؤكدًا.

وبعد كل شيء، هناك إرثٌ كبير متعدد الأوجه جمعه السلطان على مدى  46 عامًا من التطور السريع للمؤسسات السياسية والجيش والصناعة وازدهار التجارة والفوائد الاجتماعية المدعومة من قبل الحكومة، مثل الإسكان والتعليم، ولضمان الحصول على اعترافٍ جدي من الجمهور، يجب على سلطان عمان المقبل أن يواصل اتباع خطى سلفه والتأكد من أنّ قيادته ستواصل دفع نمو هذه الجوانب، مع الحفاظ على الحياد العام خارجيًا الذي عرفته البلاد في عهد قابوس، ولن يؤدي الإخفاق المحتمل في اتباع خطى قابوس إلى عدم الرضا على نطاقٍ واسعٍ من الجمهور فحسب، بل إلى أمرٍ أكثر صعوبة، وهو فراغ السلطة الذي سيدفع القبائل العمانية المتعددة للسيطرة على السلطنة.

 

طريق الحياد والوساطة

وبغض النظر عن الغموض وراء مسألة الخلافة، يبقى الشيء الحيوي أنّ السلطان الجديد يجب أن يستمر في توجيه عمان ما بعد «قابوس» نحو طريق الحياد والوساطة، وعلى مر السنين، حصل «قابوس» على مكانة مرموقة في الشرق الأوسط كوسيطٍ فعال في مجال الطاقة، ومن الأمثلة العديدة لتاريخها في الجهود التوفيقية؛ حياد عمان في الحرب الإيرانية العراقية عام 1980، وعدم موافقتها على غزو العراق للكويت عام 1990، وبدلًا من ذلك، عملت عمان وسيطا في الحرب الإيرانية العراقية، وفي الصراع عامي 1990 و1991.

وفيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي, رحب قابوس باتفاق كامب ديفيد عام 1978، ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في العام التالي، ورفض المشاركة في قمة الجامعة العربية عام 1979 التي طردت مصر نتيجة لتقاربها مع (إسرائيل).

وخلال الجولة الثانية من الحرب الأهلية في اليمن عام 1994، بدأ السلطان سلسلة من محادثات السلام بين الجانبين فى مدينة صلالة العمانية، وفي مسرح اليمن اليوم، كانت عُمان بمثابة القناة الرئيسية للاتصال خلال إدارة «أوباما» بين المتمردين الحوثيين ومسؤولي الإدارة الأمريكية، في محاولة للتوسط في الحرب الأهلية، واستخدم المسؤولون في مسقط أيضًا نفوذهم التفاوضي لضمان الإفراج عن العديد من المدنيين الغربيين الذين تحتجزهم الجماعات المسلحة في اليمن منذ سيطرة الحوثيين على عاصمة البلاد عام 2014.

ومنذ عام 2010، وصولًا إلى توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، فتح قابوس أبواب بلاده لاستضافة المناقشات بين الوفود الأمريكية والإيرانية، ولعب دورًا مهمًا في كثيرٍ من الأحيان في بناء الصفقة النهائية.

وفي عام 2011، خلال التدخل الدولي في ليبيا بقيادة حلف شمال الأطلسي، وباسم القوى المناهضة للقذافي، أيدت عمان مفهوم منطقة حظر الطيران في جامعة الدول العربية، لكنّها ظلت محايدة فيما يتعلق بالتدخل العسكري الفعلي، وظلت محايدة في الحرب الأهلية في ليبيا.

وبعد أن بدأت الأزمة السورية، كانت عمان العضو الوحيد في مجلس التعاون الخليجي الذي حافظ على علاقاتٍ دبلوماسية مع نظام دمشق، ولم تدعم أيًا من الجماعات المعارضة منذ اندلاع الحرب الأهلية، في تناقضٍ كبير مع السعودية وقطر اللتين قدمتا مساعدة عسكرية واسعة النطاق للجماعات المناهضة للأسد.

وبدلًا من ذلك، لعبت عمان مرة أخرى دورها كوسيط، وكثيرًا ما كانت بمثابة حلقة دبلوماسية بين نظام «الأسد» ومختلف الجماعات المناهضة للحكومة.

أهمية الطرف المحايد

ومع استمرار التوترات بين السعودية وإيران، ظهرت مكانة عمان كطرفٍ محايد، ويرى بعض النقاد أنّه نظرًا لأنّ السياسة الخارجية المستقلة في عمان تختلف بشكلٍ كبير عن القرارات الجماعية التي يتخذها جيرانها داخل مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية، فإنّها تضعف الأمن العام للمجلس.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا القلق، فإنّ استقرار عمان لا يزال ضروريًا للغاية للمنطقة، وذلك لسببٍ معين، وهو قربها من مضيق هرمز ووصولها إلى المحيط الهندي من خلال المضيق، وهو شريانٌ ضيقٌ ذو أهمية استراتيجية جغرافية، حيث يمر عبره 20% من نفط العالم، وبالتالي، فإنّه غالبًا ما يعتبر الجائزة الأكثر قيمة في المواجهة بين الرياض وطهران.

وإذا فقدت عمان موقفها الهادئ بسبب قراراتٍ سياسة خارجية لخليفة السلطان قابوس، فمن المحتمل أن يصبح المضيق مصدرًا حصريًا للصراع الكبير القادم في المنطقة، وهكذا، سواء كان «هيثم» أو «الأسد » أو شخص مختلف تمامًا، يجب على العاهل العماني المقبل أن يتأكد من أن تحتفظ السلطنة بدور الوسيط، كقوة ناعمة.

يشار إلى أن العلاقات بين الإمارات وعُمان حساسة للغاية، خاصة بعد الكشف عن عملية تجسس قادتها أبوظبي ضد السلطنة في عام 2011 .

وكانت عمان أعلنت نهاية يناير 2011 عن كشف شبكة تجسس إماراتية، وأشارت المصادر العمانية حينذاك إلى أن تلك الشبكة كانت تستهدف رصد مناطق عسكرية وحكومية، وهو ما نفته الإمارات، ثم اعترفت به ضمنيا في الغرف المغلقة بعدما تدخل أمير الكويت صباح الأحمد واستدعى قيادات أبوظبي ودبي لتقديم الاعتذار عن أفعالهم بحق سلطنة عمان بحضور السلطان قابوس في ديوان بلاط السلطان بمسقط .

 

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …